انه انطلاقاً من المواطنة الوطنية بآياتها وبياناتها: فإنه يحلو لي ويسعدني ان أبين مدي الجهالة المرضية والتفاهة العقلية لهؤلاء الإسرائيليين الذين يهاجمون الدين الإسلامي ويقولون فيما يقولون: "إن الإسلام أتي عجزه حتي الآن عن التأثر بمبادئ الديمقراطية". وهنا يكون التساؤل عن هذه التفاهة العقلية لهؤلاء؟ وبخاصة حين يتبنون ديمقراطيتهم المزيفة. وماذا أيضا عن جهالتهم المرضية وبخاصة حين ينتهكون حقوق الإنسان ويمارسون مع إسرائيليتهم العنصرية الفاضحة. إن الإسلام الذي هو عقيدة وشريعة قد دعانا فيما دعانا إليه إلي الإيمان وإلي العلم وإلي العمل وإلي كرامة الإنسان وإلي السلام.. فكيف إذن بعد هذه الرسالة الفاضلة.. أن لا نستجيب ونتيمم مرتبة إجلال الفضائل وإعزاز الشمائل التي نستظل بظلها في كل مجالات الحياة ومناشطها. وكذلك نستجيب ونحب مرتبة الاستنكار والاحتقار لهذه الديمقراطية المزيفة. والعنصرية الفاضحة. أقول: لماذا هذا؟ ولماذا ذاك؟ وهذا هو واقع الدين الإسلامي بآياته وبياناته. إذا كانت الديمقراطية الرائدة والسائدة في مصر تستند إلي حكم المؤسسات السياسية والتشريعية: فإننا نؤكد هذا.. ونسجل ما يلي: 1 إذا كانت الحرية السياسية سبيلها الديمقراطية كما نفهمها في العصر الحديث وهي حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب: فإننا نؤكد ان الإسلام قد اتخذ "الحرية" دعامة لجميع ما سنه من عقائد ونظم وتشريع ووصي علي تطبيقها في مختلف مناشط الحياة: سياسياً وفكرياً ودينياً ومدنياً.. وضرورة الأخذ بها إلي أبعد الحدود. 2 وأن الحرية ليست إلا عملية التربية علي المشاركة في العمل والتوثيق للروابط بين قوي المجتمع المؤمن وقياداته علي أساس مستوي أخلاقي رفيع يؤكده الإمام البصري قائلاً: "ما أمر الله نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلي رأيهم. وإنما أراد أن يعلمهم ما فيها من الفضل" وبالتالي انطلق الرسول المعلم يشاور أصحابه في أمور دنياهم ويقول لهم: "أنتم أعلم بشئون دنياكم". 3 وهكذا.. فإننا نحب أن نكون من البررة المقسطين والذين يقرون كفالة الحرية للخصوم أيضا وليس للأنصار فقط ودليلنا قوله تعالي: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" الممتحنة .8 4 وهكذا أيضا: فإننا نؤمن ان عملية مقاومة الجور والظلم فريضة لأنهما من أشق الأمور التي تهدر الحرية قال تعالي: والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره علي الله إن الله لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل علي الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" الشوري 39 .42 وإذا كانت الديمقراطية الرائدة في مصر: تعني الحرية والعدالة واحترام الشريعة.. ولا يتعارض معها إلا العدوان وسفك الدماء وانتهاك حقوق الإنسان والعنصرية: فإننا ننطلق ونستجيب لمرتبة الاعزاز والإجلال للفضائل والشمائل. ونسجل ما يلي: 1 لقد جاء الإسلام يقرر المساواة الكاملة بين الناس جميعاً لا امتياز لأحد علي أحد ولا لشعب علي شعب بسبب الجنس أو اللون.. قال تعالي: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذين تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" "النساء 1" وقال تعالي: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" الحجرات .13 2 لقد كرم الله الإنسان بأن خلقه وسواه وأسجد لأبينا الأول ملائكته بعد أن علمه الأسماء كلها وهي كرامة تتساقط دونها حواجز اللون والعنصرية والطبقية ويرتفع معها صوت النبوة في حجة الوداع ويقول: "يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد. كلكم لآدم وآدم من تراب.. أكرمكم عند الله أتقاكم وليس لعربي فضل علي عجمي إلا بالتقوي".