إذا رجعنا إلي الرسالات السماوية. نري الأمهات في حياة كل نبي من أبنياء الله. عهد بهم إلي أمهاتهم. فلم تقم الأم بدورها الطبيعي فقط. بل قامت بدور الأم والأب معاً من "إسماعيل. عليه السلام وأمه هاجر. وموسي. وأمه يوكابد. وعيسي. وأمه مريم البتول. إلي محمد "صلي الله عليه وسلم". ولكن لفترة قصيرة في حياته".. ومن العجيب أنهم عليهم السلام عُهد بهم في طفولتهم إلي الأمهات.. إذاً الأمومة في عاطفتها القوية وإيثارها لأبنائها أقرب إلي أن ترعي أصحاب الرسالات الدينية. المصطفين لهداية البشرية. واليوم.. نتحدث ونحن علي أعتاب عيد الأضحي. وموسم الحج عن السيدة هاجر. أم سيدنا إسماعيل. عليه السلام. وهي الملكة المصرية المتوجة. وجار عليها الهكسوس عندما أغاروا علي مصر. وأخذت كجارية ضُمَت إلي جواري الحاكم. وعند مرور إبراهيم. عليه السلام علي مصر. لنشر عبادة الله الواحد. أخذ الحاكم أيضاً الرسول وزوجته سارة. وكان يريد ضم السيدة سارة إلي جواريه. وعندما علم أنه نبي أكرمهم وأهدي إلي السيدة سارة جارية. وهي السيدة هاجر المصرية. زاملت هاجر سارة في القصر. فرأتها دائمة الذكر والتسبيح. فانجذبت لها. وانشرح قلبها لهذا الدين الذي يدعو إليه زوجها. وهو الإسلام. بعد فترة من الاستقرار رغم مشاعر الغيرة التي تشعر بها كل امرأة يتزوج زوجها غيرها. رأت السيدة سارة أن تحقق أمنية سيدنا إبراهيم. بتزويجه هاجر لتنجب له الابن الذي يتمناه. ولأن مشاعر الغيرة عند النساء كبيرة بعد ولادة إسماعيل. عليه السلام. أمرت زوجها بالبعد عنها بابنه وزوجته. ونفذ نبي الله. وأخذ السيدة هاجر إلي مكة. وبأمر من الله. أمره بترك زوجته وابنه في واد غير ذي زرع ولا ماء. وكان هذا أول اختبار لها. وسألت زوجها: "أأمرك الله بذلك؟!.. وأجابها: نعم.. فقالت: إذن لن يضيعنا الله".. وهذا دليل علي إيمانها وثقتها بالله. ودائماً ثقة المؤمن بربه تطمئن القلب برحمته. تركها زوجها وفرغ الماء معها. وعطش الطفل. فلم تيأس. ولكنها ظلت تسعي بين الصفا والمروة إلي أن فجر الله زمزم للطفل الرضيع. ولأنها ذات رؤية. لم تترك الماء يسير في الوادي. بل لمته حول العين. وصنعت له حوضاً ينزل فيه. وشربت هي وطفلها. ومرت عليها إحدي القوافل. وهي قبيلة "جُرهُم" فعندما رأوا الطير يحلق فوق المكان. عرفوا بوجود الماء. فأقبلوا عليها مستأذنين أن ينزلوا عندها. فقالت لهم نعم. ولكن لا حق لكم في الماء إلا بإذن منها.