بعد أن قرأت عن التحريض المشبوه لأفراد الشرطة علي التظاهر والاعتصام من جديد للمطالبة بتحسين أجورهم اتصلت بأحد ضباط شئون الأفراد بوزارة الداخلية وسألته: كم يبلغ راتب أمين الشرطة الذي تجاوز ال 55 عاماً الآن؟ قال: فوق ال 4 آلاف جنيه. قلت له: هل هناك حوافز وبدلات أخري؟ قال: نعم.. تتراوح ما بين 300 و500 جنيه حسب طبيعة عمله والمنطقة التي يخدم فيها. بعد أن أنهيت اتصالي بالضابط الذي يعرف تفاصيل مرتبات ودخول أفراد الشرطة تساءلت: أليس من حقنا نحن "الصحفيين" أن نحتج علي دخولنا المتدنية والتي تقل كثيراً عن دخول أفراد الشرطة؟ إن راتب الصحفي الحاصل علي أعلي الدرجات العلمية والذي كافح وذاق كل أشكال العذاب حتي حصل علي وظيفته وكافح وسهر الليالي لكي يصل إلي درجة نائب رئيس تحرير أو مدير تحرير يقل كثيراً عن راتب أمين الشرطة في نفس سنه. والصحفي في الغالب يعالج نفسه وأسرته علي نفقته الخاصة بعيداً عن جهة عمله التي لم تعد تقدم له شيئاً نتيجة ما تعاني منه من مشكلات وأزمات مالية. ***** عقدت هذه المقارنة السريعة لكي يعلم الإخوة والأبناء أفراد الشرطة أن كثيراً من أفراد الشعب المصري ومنهم فئة الصحفيين الذين انتمي إليهم يعانون مثلهم ويعيشون في نفس ظروفهم لكنهم صابرون حتي تتحسن أحوال البلد الاقتصادية وتتحسن معها أجورهم ودخولهم. من هنا لا ينبغي أبداً أن يستجيب أبناؤنا الأعزاء أفراد الشرطة لحملات التحريض التي تستهدف أولاً وأخيراً زعزعة استقرار مصر وتعويق مسيرة استقرارها السياسي والاقتصادي والأمني في مرحلة هي الأصعب في تاريخها حيث بدأت البلاد بالفعل تضع أقدامها علي طريق الاستقرار وبشائر الخير تهل من هنا وهناك. لا ينبغي أبداً أن يستجيب أفراد الشرطة لمحرضين أياً كانت هويتهم لكي يعرضوا أمن بلادهم للخطر ونحن نعيش حالة استقرار أمني تحسدنا عليها معظم الدول العربية حتي تلك الدول التي لم تصل إليها فوضي الربيع العربي. لا ينبغي أبداً أن ينفد صبر الأبناء والإخوة الأعزاء أفراد الشرطة لمجرد قصور في بعض الخدمات الصحية هنا أو هناك فنحن جميعاً نعاني من قصور الخدمات وننفق علي علاج أنفسنا وأسرنا من الجنيهات القليلة التي نحصل عليها ونتطلع إلي استقرار البلاد اقتصادياً لنحصل علي حقوقنا المالية والعلاجية كمواطنين يعملون بإخلاص ولا يتطلعون لأكثر من حياة كريمة. ***** بالتأكيد لا أصادر حق أفراد الشرطة في المطالبة بتحسين أحوالهم المعيشية حتي لا يضعف أحدهم تحت ضغط الحاجة ويمد يده إلي الحرام.. وبالتأكيد لا أري أفراد ولا ضباط الشرطة يعيشون حياة رفاهية أو حتي حياة مستقرة اقتصادياً وأن مطالبهم تدخل في نطاق الرفاهية.. وبالتأكيد أنا أضم صوتي إلي أصواتهم للمطالبة بتحسين أحوالهم المادية لكي يخلصوا أكثر في عملهم ويقدموا المزيد من التضحيات من أجل الوطن وأمنه. لكن ما أريده منهم أن يصبروا بعض الوقت كما تصبر فئات كثيرة تعيش برواتب هزيلة لا تفي بنصف متطلبات الحياة الضرورية. ما أرجوه منهم وكلهم وطنيون مخلصون لبلدهم أن يواصلوا التضحيات وأن يعبروا عن مطالبهم بهدوء لأن ظروف البلاد الاقتصادية الآن لا تتحمل مطالب فئوية جديدة بعد أن أهدرت الحكومات الانتقالية بعد ثورة يناير ما تبقي في خزينة الدولة واحتياطها النقدي في تلبية مطالب فئوية قضت علي الأنفاس الأخيرة في الاقتصاد المصري وجعلته يوشك علي الإفلاس لولا المساعدات العربية التي أنقذته من الانهيار خاصة بعد ثورة 30 يونيو. أريد من أفراد الشرطة أن يواصلوا الصبر بعض الوقت خاصة ان الحكومة تقدر مطالبهم والوزارة تسعي إلي تحسين أحوالهم المعيشية وبعض مطالبهم تحتاج إلي تعديلات تشريعية وبعضها يحتاج إلي اعتمادات مالية ضخمة تعجز الحكومة في وضعها الحالي عن الاستجابة لها كما تعجز عن الاستجابة لمطالب واحتياجات ضرورية لفئات كثيرة في المجتمع. يا أبطال الشرطة من أفراد وضباط.. الشعب كله يقدر تضحياتكم ويقدر إخلاصكم ويضم صوته إلي صوتكم للمطالبة بتحسين أحوالكم.. لكن صبراً جميلاً والخير قادم وأسهم مصر في ارتفاع سياسياً واقتصادياً والعالم كله يدعم استقرارها. انظروا يا أبطال الشرطة إلي الظروف الصعبة التي تعيشها دول مجاورة كانت مستقرة وتعيش في رغد من العيش حتي وقت قريب فتحول غناها واستقرارها إلي فقر وفوضي وعجز عن تدبير لقمة العيش. مصر بكم في طريقها إلي الأفضل.. فكونوا رجالاً أوفياء مخلصين للوطن قادرين علي تحقيق استقراره الأمني كما تعودنا دائماً منكم وأفشلوا مخططات أعداء الوطن الذين يحرضون علي التظاهر واستعادة الفوضي.