أمران متلازمان لا ينفكان. يقول الحق سبحانه: "يا أيها الناس إنما بغيكم علي أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون" "يونس: 23". ويقول سبحانه: "فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون. فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزي وهم لا ينصرون" "فصلت: 15 - 16". ويقول سبحانه: فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين" "الأعراف: 166". وقد قرر أهل العلم ان الله "عز وجل" ينصر الأمة العادلة ولو كانت كافرة. ولا ينصر الأمة الظالمة الباغية ولو كانت مؤمنة. والبغي قد يكون بغي أفراد. وقد يكون بغي جماعات. وهو من يطلق عليهم "البغاة". وقد يكون بغي دول. وما من شخص أو طائفة أو جماعة بغت وطغت واستعلت وتجبرت إلا أخذها رب العزة "عز وجل" أخذ عزيز مقتدر. يقول الحق سبحانه: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القري وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد" "هود: 102". ويقول "عز وجل" في شأن قارون: "إن قارون كان من قوم موسي فبغي عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين. وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين. قال إنما أوتيته علي علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون. فخرج علي قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم. وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون. فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين" "القصص: 76 - 81". وفي قصة صالح عليه السلام مع قومه. يقول الحق سبحانه: "فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين. فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين" "الأعراف: 77 - 79". وفي قصة شعيب عليه السلام مع قومه يقول رب العزة "عز وجل" في شأنهم لما طغوا وتجبروا: "ولما جاء أمرنا نجينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. كأن لم يغنوا فيها ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود" "هود: 94. 95". ويقول نبينا "صي الله عليه وسلم": "إن الله ليملي للظالم حتي إذا أخذه لم يفلته". فالظلم ظلمات يوم القيامة. ولا يحيق المكر السييء إلا بأهله. ومن هنا فإنني أؤكد ان عاقبة الدول الباغية إلي زوال. ولله در شاعر النيل حافظ إبراهيم. حيث يقول في قصيدته الرائعة "مصر تتحدث عن نفسها": كم بغت دول علي وجارت ثم زالت وتلك عقبي التعدي ما رماني رام وراح سليما من قديم عناية الله جندي فالدول التي تقوم علي البغي والحضارات التي ترسخ للظلم تحمل عوامل هدمها وسقوطها. بل ان هذا البغي ليعجل بسقوط مدو وسريع. والجماعات التي تقوم علي الاستعلاء والإقصاء والظلم والبغي وتجاوز الحد في الإجرام كتلك الجماعات التي تتبني عمليات الانتحار والتفجير والتدمير. وتستحل ذبح الإنسان وحرقه والتمثيل به. وإذلال البشر. وبيع الحرائر سبايا. وهدم الحضارات. وتخريب العامر. ونقض البنيان. وإحراق الاخضر واليابس. وإهلاك الحرث والنسل. إنما تحمل عوامل سقوطها وسر دمارها وهلاكها. لأن الله "عز وجل" لا يحب الفساد ولا الإفساد ولا المفسدين. ومن ثمة فإني أبشر بهلاك عاجل لداعش وأخواتها من القاعدة. وأعداء بيت المقدس. وبوكو حرام. وسائر الجماعات الإرهابية والظلامية والمتطرفة والمعوجة. "والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون" "يوسف: 21".