يتردد في الآونة الأخيرة أن ترتيب مصر في التعليم خاصة التعليم الاساسي في المركز قبل الأخير عالميًا وهذا من الاخبار الصادمة إن صح القول.. وأتمني تكذيبه. استحدثت وزارة التربية والتعليم في مصر برنامجًا جديدًا يطبق علي الصف الرابع الابتدائي اسمه القرائية وكانت نتيجته هذا العام ان 300 الف تلميذ قد حصلوا علي صفر ومعني هذا أنهم لا يجيدون القراءة والكتابة وسوف ينضمون إلي قائمة الأمية ولو حدث ذلك في اللغات لكان العدد أكبر من ذلك.. يالها من عار. حسب الإحصاء الأخير الذي صدر عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء في 2006 يقول إن مصر بها 17 مليون أمي لا يجيدون القراءة ولا الكتابة وهذه كارثة بكل المقاييس في دولة عظيمة مثل مصر التي علمت الدنيا بأسرها وبها هذا العدد المخيف من الأميين. الاهتمام بالتعليم الاساسي يجب أن يكون من أولويات الدولة واهتمامتها حتي يمكننا تجفيف منابع الأمية والقضاء علي ظاهرة التسريب من التعليم بسبب عدم إجادة القراءة والكتابة وهما اساس تفوق التلميذ واطلاعه علي كل العلوم وهذا يحتاج منا إلي الاهتمام بالمعلم في هذه المرحلة الاساسية الحرجة بالذات والمتابعة دوريًا. هل يعقل أن الوزارة تنفق علي تلميذ تسع سنوات من مدرسين وعمال وديسكات وأوراق وغير ذلك وهو لا يجيد القراءة والكتابة.. هذا عار وكارثة بكل المقاييس. ماذا عن أبنائنا الذين حصلوا علي شهادات الدبلوم ولا يقرأون ولا يكتبون حيث تقدمت بهم السن ولم يتعلموا حرفة ولا مهنة يتكسبون منها مثل الصبي بلية الذي عمل في سن مبكرة واصبح الآن صاحب ورش الخراطة والميكانيكا والخراطة والبرادة والحدادة والسباكة وغيرها من الحرف التي نعرفها ولا نعرفها وبهذا لا يفهم البعض أنها دعوة لعمل الصغار لكن بالإمكان أن يحترف في سن الخامسة عشرة علي الاقل حتي يستوعب جيدًا. ربما يفهم الغالبية من الناس أن الأمية بمعناها من لا يجيد القراءة والكتابة فحسب وهي المعروفة بالأمية الهجائية.. لكن ليعرف الجميع ان الأمر اصبح أكبر من ذلك فاليوم فيه الأمية الهجائية القراءة والكتابة سواء في اللغة العربية أو اللغات الأخري مثل الانجليزية والتي بات تعليمها ضرورياً لدخولها في مجالات الطب والصيدلة والصناعة والسياحة وكل مناحي الحياة نظرا لانفتاح العالم علي بعضه واصبح قرية صغيرة في ظل العولمة وهناك أمية الكمبيوتر والذي اصبح حتمياً وضرورة لا غني عنه في كل شيء في الطب والهندسة والزراعة والصحافة والاعلام ودخل في صناعة السيارات والطائرات حتي الصواريخ والغواصات فالمواطن الذي لا يستطيع قيادة الكمبيوتر أصبح في عداد الأمية.. وهذا الأمر بات حتمًا وضرورة. أما عن كيفية القضاء علي الظاهرة أو الحد منها فعلينا أن نتعلم من تجارب الآخرين محليًا وعالميًًا في آلية القضاء علي الظاهرة. الوحيدة مصر التي بها ثلاث حقائب وزارية للتعليم.. والتعليم محلك سرك.. ما الحل.. في بداية تسعينيات القرن المنصرم اصدرت القيادة السياسية ساعتها قرارًا بجعل عقد التسعينيات وهو عقد القضاء علي الأمية ولم يحدث شيء حتي الآن وكأننا نحرث في البحر بعد مرور خمسة وعشرين عامًا من هذا القرار. أري أن نحتذي حذو تنزانيا التي قضت علي الأمية خلال عام واحد من خلال الغاء الدراسة لعام كامل واستغلال المدرسين والطلبة والمهندسين والموظفين في القضاء علي الأمية.