كنا نطلق عليهم لقب "حراس تراث القاهرة".. أو "أمناء القاهرة".. ليسوا جمعية ولا لجنة ولم يجتمعوا قط ولا مرة واحدة.. كل في مجاله يحب التاريخ والتراث والماضي الجميل.. وكل له وزنه وشهرته وانتاجه ووضعه الاجتماعي الثقافي العلمي الكبير.. هم نجيب محفوظ واحمد بهاء الدين وكامل الزهيري.. وجمال الغيطاني اعطاه الله العمر والصحة.. كانوا جميعا يترددون باستمرار علي نفس المقهي.. مقهي "ريش" ولكن.. حتي لو تصادف وجود بعضهم في نفس الوقت في المقهي كان يجلس امام منضدته المفضلة مع اصدقائه وزملائه!!! كانت القاهرة القديمة بالنسبة لهم حباً مشتركاً من علي بعد. لماذا اكتب هذا الكلام اليوم؟؟ لفت نظري خبر إزالة مبني الحزب الوطني من ميدان التحرير.. ولو كان هؤلاء علي سطح الأرض لنادوا جميعا وناشدوا واصروا علي ألا تبني الحكومة أي مبني آخر مكان هذا الحزب لتوسعة الميدان.. بل ياريت تشتري الدولة مبني الجامعة الأمريكية القديم ايضا وتهدمه لزيادة الفراغ في أهم واعرق ميدان تاريخي.. ولا تقل لي : من أين تدفع الدولة ثمن هذا المبني الضخم الذي يحتل هذه المساحة الشاسعة من أهم ميدان؟؟؟ إذا سألتني اقول لك أن الدولة اشترت ما هو أهم واغلي بكثير من مبني الجامعة الأمريكية دون أن تدفع شيئا؟؟؟.. كيف؟؟؟... حينما زارني جار لي لأول مرة دون أي معرفة سابقة أو حتي مقابلة عابرة.. اتضح انه محام أجنبي تعلم بعض الوقت في مصر وهو محامي حفيد البارون امبان صاحب أجمل قصر في العالم كله وطلب مني أن اقدمه للمسئول الحكومي الذي يملك شراء القصر بالسعر الذي يرضي ضميره.. فأخذته وقدمته للصديق الدكتور زاهي حواس وكان وزيرا ايامها فاتضح أن الموضوع اكبر من أي وزارة أو رئاسة الوزارة نفسها وتم عرض الموضوع علي الرئاسة ايام مبارك وتحمست مدام سوزان "شخصيا" للموضوع.. ولكن السعر الذي حددته الجهات الحكومية المختصة فوق كل خيال!! وكادت تفشل الصفقة.. لولا أن وصلت الرئاسة الي اقتراح وافق عليه محامي الحفيد وهو اعطاء جزء مالي يسير جدا وعقد تمليك لاراض شاسعة وتحديدها وتسجيلها باسم الحفيد ليقوم ببيعها تسديدا للثمن.. وعرض الحفيد هذا الرأي علي شركة عقارية عالمية ووافقت عليه وتمت الصفقة. تعالوا نشتري الجامعة الأمريكية بنفس الطريقة لكي نكسب اهم وأجمل ميدان له تاريخ لاينسي.. مارأيكم؟؟؟ * * * فكرة عدم البناء علي أي أرض تم اخلاؤها مما فوقها من مبان لكي يستنشق اهالي القاهرة الهواء النظيف ويستمتعون باشعة الشمس الساطعة. هذه الفكرة كتبها لاول مرة المرحوم احمد بهاء الدين في "الأهرام" يوم تم هدم دار العلوم في منطقة السيدة زينب دون جدوي.. ورفع راية الدفاع عن القاهرة كامل الزهيري وجمال الغيطاني بعد أحمد بهاء الدين.. في الوقت الذي كان يتغزل نجيب محفوظ في جمال القاهرة القديمة بكلماته.. ايضا دون جدوي.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.