زيادة عدد النسخ للأفلام الأجنبية هو العنوان الذي أثار جدلاً كبيرا في الأوساط السينمائية الأيام القليلة الماضية.. ليكون مجرد الإعلان عن اجتماع لغرفة صناعة السينما للتفكير في مناقشة الأمر. هو مؤامرة مكتملة الأركان علي صناعة السينما من وجهة نظر البعض.. مبررين ان هناك اتجاها للانحياز للأفلام الأجنبية ومحاولة اعطائها قدرا أكبر من الانتشار داخل مصر علي حساب الفيلم المصري الذي يعاني لأكثر من أربعة أعوام كاملة منذ أحداث يناير. .لتبدأ الأزمة بعد إعلان الغرفة عن تشكيلها للجنة من أربعة أشخاص لبحث وإقرار زيادة عدد نسخ الأفلام الأجنبية والتي تقدرها اللوائح - حتي الآن - بعشر نسخ فقط لكل فيلم توزع علي الدور المختلفة.. ليعلم "الجمهورية الأسبوعي" ان اجتماعات اللجنة التي بدأت الثلاثاء الماضي وتستمر لرقابة الأسبوعين تسعي لزيادة هذا العدد ليصل إلي حوالي 25 نسخة بمعدل زيادة يصل إلي 150%.. ليعلق البعض علي القرار بأنه الاسوأ في تاريخ السينما المصرية.. مبررين ان أصحاب دور العرض هم السبب الرئيسي في محاولة إصدار مثل هذا القرار لتحقيق أكبر قدر من الأرباح علي حساب الفيلم المصري. المنتج جابي خوري - أحد أعضاء اللجنة المؤيدين للقرار - أكد ان هناك عددا من المعلومات والأرقام غائبة عن عدد كبير ممن هاجموا اجتماعات اللجنة. لتكون أفكارهم نابعة من منطلق النظريات التي لا تمت لواقع سوق السينما بصلة.. ليوضح ان المشكلة تبدأ في الأساس منذ عملية توزيع الأفلام الأجنبية التي تقوم عليها ثلاث شركات داخل مصر.. وكانت هناك لوائح تنظم لهم كيفية توزيع العشر نسخ من خلال لائحة تنظيمية مقسمة بين الشركات الثلاث تبجرها علي توزيع الفيلم بين "المولات" الكبري والسينمات المتوسطة.. إلا أن تلك اللائحة تم تغييرها لتعطي الحق للشركة الموزعة باختيار أي مجمع سينمات داخل مصر. مما يعني ان كل فيلم أجنبي سيعرض في مصر سيشترط موزعه ان يعرض في المولات الكبري فقط الموزعة في ثلاث محافظات هي القاهرة والجيزة والإسكندرية.. وهو ما يحرم السينمات المتوسطة والصغيرة من حق عرض تلك الأفلام مما يعني اغلاقها وعدم تغطية حتي تكاليف مصروفاتها. وأضاف: حتي لو تقبلنا فكرة أن تعرض الأفلام الأجنبية في المولات الكبري فقط سنواجه مشكلة.. لأن المجمعات الضخمة وصل عددها إلي 12 حتي الآن.. بالاضافة إلي ستة مجمعات تحت الانشاء تنتظر افتتاحها بداية العام المقبل.. ليصل اجمالي المجمعات إلي 18 مولاً ضخما أي اننا لن نصل ب10 نسخ لتلبية حتي المولات الكبري فقط.. وهو ما يعطي صورة سلبية للمستثمر الذي يسعي لافتتاح مشروع جديد في سوق السينما. عن تأثير هذا القرار علي الفيلم المصري وهجوم البعض مبررين بالكبوة التي تمر بها صناعة السينما الآن قال: إن هذا الادعاء ليس له أساس فطبقا للإيرادات فإن السوق المصري لعامي 2014 و2015 أفضل من إيرادات شباك التذاكر قبل أحداث يناير.. مستشهدا بموسم شم النسيم الماضي الذي حقق فيه فيلمان متوسطا الإنتاج إيرادات وصلت إلي 15 مليون جنيه لكل فيلم في شهرين فقط هما "كابتن مصر" و"زنقة ستات".. ومن قبلهما فيلم عالي الإنتاج مثل "الفيل الأزرق" لتصل إيراداته إلي 35 مليون جنيه.. ليؤكد ان السينمات سواء كانت كبري أو صغيرة تعتمد علي الفيلم الأجنبي في الأوقات التي تنعدم فيها مشاركة الأفلام المصرية في غير أوقات المواسم لتغطي مصروفاتها من صيانات ومرتبات وطاقة وغيرها.. وهي الأشياء التي لن يذكرها من يهاجم القرار أو المنتجين الذين يتحججون بضعف الإيرادات الفترة المالية علي عكس الواقع.. بالاضافة إلي النجوم الذين فضلوا التواجد علي شاشات التليفزيون محاولين الاستفادة من الأجور الخيالية التي يتقاضونها مفضلين الابتعاد عن السينما. أضاف خوري ان الهجوم علي القرار بدعوي حماية الفيلم المصري من نظريات الخمسينيات.. وهو ما ظهر من اقتراح أحد المعارضين للقرار داخل اللجنة بأن السينمات التي لم تحصل علي إحدي النسخ العشر لعرض الفيلم وقت نزوله السوق. من الممكن أو تحصل علي حق العرض الثاني له فيما بعد.. وهو الأمر المستحيل تطبيقه في وجود قرصنة الإنترنت وسرقة الأفلام وعرضها علي الفضائيات.. وهو ما يشجع علي سرقة الأفلام خاصة في المحافظات التي بالطبع لن تحصل علي أي نسخة للأفلام الأجنبية.. مما يعني ان السينمات هناك ستعتمد علي المواسم السينمائية المصرية فقط طوال العام.. وباقي العام لن تحقق أي نسبة أشغال تذكر ليكون الإغلاق مصيرها في النهاية.. بدلاً أن نسعي لخلق سوق جديدة بها مستشهدا علي إيرادات سوق السينما وقت أن كانت غرفة صناعة السينما تصرح بثلاثة زفلام فقط فكان السوق المصري يحقق أرباح تقدر بأربعة ملايين جنيه متمثلة في أفلام عادل إمام ونادية الجندي.. وحين سمحت بعشرة نسخ منذ عام 2010 وجدنا تحسنا كبيرا في الإيرادات كان آخرها 35 مليون جنيه حققتها أربعة أفلام فقط في الموسم السينمائي الماضي.. وهو ما يؤكد فتح سوق جديدة في المحافظات وإقامة دور عرض جديدة بها ولن يتحقق ذلك إلا من خلال فتح السوق للفيلم الأجنبي خاصة ان تعداد كل شاشات العرض في مصر لا يتعدي 350 شاشة في كل المحافظات. الفنان أشرف مصيلحي تعجب من الهجوم الذي تعرض له القرار بزيادة النسخ خاصة ان مدير دار عرض بأحد المولات الكبري بمدينة نصر.. ومن واقع معرفته بأرقام إيرادات الأفلام قال: ان الفيلم الأجنبي هو دوما وقود الفيلم المصري.. فهناك أوقات لا تجد السينمات أفلاما مصرية لعرضها بعد انتهاء الموسم السينمائي وخاصة في المجمعات السينمائية الضخمة التي تحتوي علي 20 شاشة.. لنجد مثلا ان موسم شم النسيم السابق صدر خمسة أفلام مصرية نجح منها فيلمان هما من أنقذا الموسم.. ورفع من الشاشات أفلام مثل "فزاع" و"جمهورية امبابة" اللذين فشلا في تحقيق الإيرادات.. فما هو الحل من وجهة نظر المعارضين لاستمرار العرض علي 20 شاشة من دون الأجنبي؟! ليرد مصيلحي علي الهجوم بزيادة عدد النسخ بأنه قرار في مصلحة أصحاب دور العرض فقط قائلا: ان حتي وان نظرنا من وجهة النظر التجارية البحتة لأصحاب دور العرض فإن من مصلحة صاحبها أن يحقق الفيلم المصري أرباحا أكبر من الفيلم الأجنبي لانه كمدير لدار العرض يقوم بدفع ضريبة قدرها 5% علي أرباح الفيلم المصري بينما يقوم بدفع 20% علي الفيلم الأجنبي وهو ما ينفي هذه الاتهامات..يؤكد ان فشل أفلام بعض المنتجين يجعلهم يتحججون برفع الفيلم المصري علي حساب الفيلم الأجنبي أو بحجة ضعف السوق الفترة الحالية وهو ما تنفيه أرقام إيرادات شباك التذاكر التي تؤكد استقرار السوق بل وتشمل زيادة في الأرباح لعامي 2014 و2015 بطرفة كبيرة حتي عن سوق السينما قبل ثورة يناير.. ومن الواجب عليهم ان يواجهوا أنفسهم بالأسباب الحقيقية وراء فشل أفلامهم. "الفيلم المصري بيدبح" الجملة التي افتتح بها الناقد الفني طارق الشناوي حديثه قائلا: ان إيرادات الفيلم المصري لا تؤدي إلي نتائج مرضية بالنسبة إلي أصحاب دور العرض فمن الطبيعي أن يحاولوا زيادة أرباحهم من خلال زيادة عدد النسخ الأجنبية لتكفي احتياجات جميع السينمات ليكون لديهم الآليات لرفع الأفلام المصرية ووضع الفيلم الأجنبي من دون إعطاء الفيلم المصري فرصة لتحقيق الإيرادات. يؤكد تعجبه من الجهة المسئولة عن اتخاذ القرار وهي غرفة صناعة السينما المسئولة في المقام الأول علي حماية وتطوير هذه الصناعة من الانهيار وليس العكس وهي غير قادرة علي تحقيق العدالة.. ومن المفترض ان تحقق العدالة الغائبة بوضع لوائح تنظيمية لعرض الأفلام المصرية بضمان اعطائه الحق في العرض حتي وان لم يحقق إيرادات في الأسبوع الأول فمن حقه اتاحة الفرصة له أو تحديد حد أدني للإيرادات لو لم يقترب منها فمن حق صاحب العرض رفع الفيلم.. خاصة ان هناك عددا من الذين يتخفون في صفة المنتج ويطالبون بزيادة النسخ الأجنبية. بينما هم في الأساس يحاولون حماية مصالحهم نظرا لملكيتهم عدداً من دور العرض. المنتج محمد السبكي قال: ان القرار المنتظر إعلانه خلال الأيام القادمة بزيادة النسخ هو تهديد لإحدي صناعات الأمن القومي المصري باعتبار السينما هي من أهم الصناعات التي تؤرخ للشعوب علي مستوي الثقافة والفن.. بالاضافة لكونها أحد أهم مصادر الدخل القومي حتي وان كان الإنتاج غير تابع للدولة لأن النجاح والإيرادات التي تحققها الشركات الخاصة تخلق حالة من الرواج في سوق السينما بصفة عامة بالاضافة إلي الضرائب التي تحصلها الدولة من إيرادات تلك الأفلام. اضاف انه علي الدولة ان تتدخل لمنع زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبي في مصر ومزاحمة المنتج المصري الذي يعاني في الأساس من ضعف سوق السينما في الوقت الحالي لتكون النتيجة هي اهتمام القائمين علي صناعة السينما بالفيلم الأمريكي الآن ومن قبله الفيلم الهندي. ثم يأتي الفيلم المصري في الدرجة الثالثة من القائمة.. وهو ما وصلت إليه السينما المصرية بعد عدم اهتمام الدولة بصناعة السينما في مصر وعدم الوقوف بجانب المنتجين.