رغم الجهود الدءوبه لحكومة المهندس إبراهيم محلب لإحداث التنمية المستدامة في مصر. إلا أنه يبدو أنها لم تدرك البعد الحقيقي وراء تشبث أهالي بورسعيد وتجارها بمطلبهم في إعادة العمل بنظام المنطقة الحرة بمحافظتهم . وإلغاء القرارات التي تسببت في ضياع ميزتها واختناق أسواقها بدلا من استكمال عملية ذبح ¢الحرة¢ وأهلها بسكين بارد بدأه الرئيس المخلوع ¢مبارك¢ وواصله الرئيس المعزول مرسي بعد ذلك. البورسعيديون فتحوا قلوبهم ل "الجمهورية" أكدوا .أنهم مع التنمية التي تشغل بال تلك الحكومة الوطنية المخلصة حقا وأن استماتتهم في التشبث بمطلبهم ببقاء الحرة والعودة إلي قوانينها ليس من قبيل العناد مع الحكومة مثلما يزايد البعض عليهم. بدائل غير مقبولة أوضحوا أن البدائل التي إقترحتها حكومة محلب حلا للأزمة لا تسمن ولا تغن من جوع . ومنها علي سبيل المثال تحويل بورسعيد إلي مركز تجاري عالمي رغم أنها في الأصل كذلك بفعل وجودها كمنطقة حرة منذ 37 سنة مضت ولو كان الأمر يستدعي تطويرها اليوم فنحن نرحب بذلك ولكن دون إلغائها. قالوا إن رفضهم لتلك المقترحات أتي من باب إيمانهم بالمثل الشعبي القائل ¢يبقي إبني علي كتفي وأدور عليه¢ . إلي جانب محاولتهم الابتعاد تمامآ عن دائرة الفقر والعوز بعد حياة الستر التي عاشها فقراؤهم قبل أغنياؤهم أبان انتعاش المنطقة الحرة في عصرها الذهبي وقبل حالة التردي والكساد الذي بدأ منذ نحو 10 سنوات مضت وبلغ ذروته الآن . لتتحول محلاتهم وأسواقهم الخالية من الزبائن إلي أماكن ينعق فيها الغربان. الستر لا الفقر ومن ثم يرون أن وجود ¢الحرة¢ التي استفاد منها كل أبناء المحافظات وليس أهلها فقط كما يدعي البعض لابد من استمراره لصالح جميع البسطاء بالوطن أولا فالستر هو المطلوب لجميع المواطنين لا الفقر .. وقالوا أن الحرة بمثابة الروح لجسد بورسعيد وأهلها وأن سبب تمسكهم بها يرجع إلي جذور بعيدة ضاربة في المجتمع البورسعيدي الذي عاني معظمه سنوات طويلة من الفقر والحرمان منذ نشأتها عام 1869 عقب افتتاح الخديو إسماعيل لقناة السويس حيث عمل معظم أهلها بحرف بسيطة في الصيد وخدمة الميناء بينما عمل قلة منهم بالوظائف الحكومية المختلفة. وظل الحال هكذا بتلك المدينة. رغم موقعها الجغرافي والاستراتيجي الذي جعل منها بمرور الزمن البوابة الشرقية الهامة في الزود عن الوطن ليتحمل أهلها بالطبع الضريبة الأكبر في سبيل تحقيق ذلك الهدف السامي لمصر والذي تجلت صوره في صدها العدوان الثلاثي الغاشم عام 1956وجلاء آخر جندي محتل عن أرض الوطن. حكام مصر .. والحرة أضافوا . أن ذلك كان أحد الأسباب الرئيسية . وراء صدور قرار الرئيس أنور السادات باختيار بورسعيد لتكون أول مدينة تجارية حرة بمصر والشرق الأوسط . أثناء تطبيقه لسياسة الانفتاح الاقتصادي عقب انتصار أكتوبر العظيم لتنفتح علي العالم كله من حولها ليبدأ علي أرضها آنذاك ولأول مرة بعد مرور نحو 108 أعوام علي نشأتها مشوار جديد لنشاط الأهالي في جلب وتجارة السلع والبضائع المستوردة من الخارج وبحرية تامة .. مما دفع مئات التجار من مختلف أنحاء القطر في التوجة إلي بورسعيد ومزاولة النشاط التجاري المفتوح بها . ليعرف المواطن البورسعيدي البسيط طعم ¢الربح¢ . ويتحول عدد كبير منهم إلي مهن الاستيراد والتجارة الحرة ..! وكان نتيجة لذلك . إلي جانب الموارد التي يتم تحصيلها بالطبع بمئات الملايين من الجنيهات. من عائدات البضائع الواردة من الخارج إلي بورسعيد لصالح الخزانة العامة للدولة أن خف العبء علي الموازنة العامة للدولة من جميع المخصصات المالية الخاصة بمحافظة بورسعيد حيث إنه تم وفقاً للقانون 12 إنشاء صندوق خاص بالجهاز التنفيذي للمنطقة الحرة ببورسعيد برئاسة محافظ الإقليم . لإدارة شئون تلك المنطقة والإشرف عليها وقام ذلك الصندوق بمهمة تحصيل نسبة قدرها 1% من حجم الرسوم المحصلة عن كل رسالة بضائع واردة للمنطقة الحرة بميناء غرب بورسعيد القديم أيا كان نوعها والتي يتم الإفراج الجمركي عنها بتعريفة مخفضة تتماشي وطبيعة ذلك القانون حيث يتم توجية حصيلة الصندوق والتي وصلت خلال سنوات العصر الذهبي لتلك المنطقة إلي مئات الملايين من الجنيهات سنويا للإنفاق علي جميع مشروعات المحافظة في كافة الخدمات والمرافق بدأت في أواخر حقبة السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي . بإعادة تعمير المحافظة عقب عودة المهجرين بعد حرب 73 واستمرت حتي اليوم رغم قله موارد ذلك الصندوق علي مدي السنوات العجاف الأخيرة في الوفاء بالتزامات الإنفاق علي كافة مشروعات المحافظة. جاءت الطامة الكبري كما يقولون في أوائل عام 2002 حين بدأت عملية الاغتيال الآثم للمنطقة الحرة حيث قام الرئيس المخلوع ¢مبارك¢ بإصدار القانون 5/2002 الذي ذبح المنطقة الحرة وحولها خلال 5 سنوات هي مدة التدرج لخفض الحصة الاستيرادية بها وقدرها 160 مليون جنيه فقط إلي الصفر تمهيدا للإلغاء إلي ورقة إنتخابية لصالح الحزب الوطني يلوح بها لأهالي بورسعيد لاجبارهم علي الرضوخ وتأييد مرشحي الوطني كما حدث خلال الإنتخابات البرلمانية في دورتيها 2005 و2010. السيسي .. وطوق النجاة وفي النهاية . ناشد أهالي المدينة الرئيس عبد الفتاح السيسي التدخل لإنقاذهم وبورسعيد من الضياع خاصة وأن حكومة المهندس محلب. سارت بقصد أو بدون في نفس إتجاة الحكومات السابقة عليها في الأخذ بمبدأ . عدم الإبقاء علي المنطقة الحرة ببورسعيد والبحث عن البدائل التي لا تسمن ولا تغني من جوع .. مطالبين بضرورة إعادة العمل بالقانون 12/ 77 بعودة المنطقة الحرة إلي ما كانت علية قبل عام 2002. وإلغاء القانون المشبوة 5/2002 ففي ذلك طوق النجاة لهم لأولادهم من السقوط في بئر الفقر الذي بات يهددهم وأسرهم . في محافظة لايزيد عدد سكانها علي 650 ألف نسمة تقريبا خاصة أن كامل الحصة الاستيرادية لتلك المنطقة لا تمثل سوي 160 مليون جنية فقط من حجم اقتصاد الوطن . أضافوا أننا نريد أن نذكر المهندس محلب رئيس الوزراء أنه خلال فترة الزهو والبريق للمنطقة الحرة من عام 77 وحتي مطلع عام 2000 اجتذبت كل تجار مصر كبارا وصغارا من كل صوب وحدب حققوا جميعا علي أرضها وليس أهالي الحرة فقط مكاسب كبيرة ولكنهم فور صدور القانون 5 المشبوه قاموا بتصفية أعمالهم وعودتهم إلي أدراجهم ومحافظتهم التي جاءوا منها مكتفين بما حققوه بينما ظل أهالي المدينة وحدهم طوال السنوات ال 15 الأخيرة يعانون الأمرين حيث فقد العديد منهم نتيجة للكساد التجاري الخانق الذي ضرب المدينة طوال تلك السنوات العجاف مصدر رزقهم اليومي لحد أدي إلي العديد من المشكلات بل وإشهار عشرات التجار إفلاسهم.