أشد أنواع الألم طعنات الصديق والحبيب. وللأسف انتشرت الخيانة بين البشر حتي ان الشهامة والشجاعة اصبحت من الكنوز النادرة. وفي ظل هذا المشهد المؤلم ذهبت خواطري الي عالم الكلاب باحثا عن الاخلاص لأختصر لكم ثلاث حكايات وجدت فيها وفاء لم أجده في البشر. ** الحكاية الأولي بطلها "ميشو" كان يعيش في بيت العائلة ولا يسمح لغريب بالدخول إلا بعد استئذانه. وفي الليل يرافقنا إلي اي مكان نذهب إليه ومعه كلنا نشعر بالأمان. وعند وفاة جدي "رحمة الله عليه" أختفي "ميشو" ثلاثة أيام ظلت خلالها العائلة تبحث عنه حتي علمت انه موجود بجوار المقبرة التي يرقد فيها المرحوم. وقام شباب الأسرة بالذهاب إلي مكانه واحضروه الي بيتنا. وفي نفس مكان جلوس جدي نام. وظل ما بين النوم واليقظة لا يأكل إلا قليلا حتي مات. واكراما له تم دفنه في ارض لنا بعد ان بكاه كل من يعرفه. ** وفي اليابان يدرسون لطلابها اسطورة "هاتشيكو" الكلب الذي اعتاد مرافقة صاحبه إلي محطة القطار عند ذهابه الي الجامعة وانتظاره عند عودته. وفي يوم كئيب عام 1925 ركب البروفيسور القطار وأصيب بأزمة قلبية ومات. ولم يعي الكلب هذا. واستمر كعادته منتظراً لا ليوم ولا أسبوع ولا سنة ولكن لعشرة اعوام كاملة. وحاول المسافرون ابعاده عن المحطة. ولكنه يعود مرة ثانية انتظاراً حتي اصبح ملفتا للنظر لجميع الركاب. وسمح له مدير المحطة بالبقاء بعد ان لاحظ انه لا يؤذي الناس وخصص له مكانا للنوم. وقام فنان ياباني بعمل تمثال له من البرونز في المحطة بعد احتفال كبير. والتمثال لا يزال موجوداً حتي الآن وعيناه علي باب الخروج من المحطة التي اصبحت مقصداً لآلاف السائحين سنوياً. وانتشرت في طوكيو تماثيل صغيرة للكلب كأفضل هدية وعلامة للوفاء والاخلاص. وعندما مات الكلب قام اليابانيون بتحنيطه ووضعه في المتحف الوطني. ولإعجاب الممثل الهوليودي "ريتشارد جير" بهذه القصة قام ببطولة فيلم "حياتي ككلب" في 1985. الذي أكد انه كلما شاهد الفيلم اهتز قلبه وبكي بكاء شديداً. ** وفي البرازيل أصيب شاب بنوبة صرع أوقعته علي الرصيف فظل كلبه ينبح للفت الانتباه حتي تجمع الناس وحضرت الاسعاف لنقله للمستشفي وتركوا الكلب علي الطريق. ولم يجد الكلب مفراً من الجري وراء السيارة التي بها صاحبه مسافات طويلة حتي شاهده السائق فتوقف ووجد الكلب متلهفاً للصعود لمرافقة صديقه المريض. ولم يجد قائد السيارة مفراً ففتح الباب ليقفز المخلوق الوفي بداخلها. وأمام المستشفي ظل منتظراً صاحبه حتي خرج منها سالماً. *** ولقد حذر الإمام علي "رضي الله عنه" الخائنين: "من ضيع الأمانة ورضي بالخيانة فقد تبرأ من الديانة".