ما يحدث في مصانع أسمنت طره كاشف لغياب دور الدولة في الرقابة علي الاقتصاد بعد ان بيعت تلك المصانع في صفقات خاسرة عام 2005 بما يعادل وقتها 2 مليار جنيه بينما يعرض المستثمر الايطالي حصته سراً للبيع مقابل 42 مليار جنيه!! الغريب أن الدولة تمتلك 34% من اسهم الشركة ومع ذلك لم تتدخل حين قامت الادارة بقطع التيار الكهربائي لمطالبة العمال بنصيبهم في الارباح.. ليدخل اعتصامهم اسبوعه الثالث مطالبين باستئناف العمل. يقول عبدالرحمن حمادة فني فحص الدولة تمتلك 34% من اسهم الشركة وباقي الاسهم اشترتها شركة السويس للأسمنت المملوكة لشركة "ايطالي سمنت" المستثمر الايطالي الذي يمتلك ايضا 99% من شركة اسمنت حلوان لذلك يقوم ببعض السياسات من شأنها تحقيق خسائر بأسمنت طره وتحقيق الارباح بشركتي حلوان والسويس حيث كنا ننتج 11 نوعاً من الاسمنت الأعلي صلابة حول انتاجها للمصانع الخاصة بالشركتين واصبحنا ننتج نوعا واحدا فقط كما تم غلق مصنع طره "1" علي الكورنيش مدعياً انه مخالف للاشتراطات البيئية تمهيداً لبيع أرضه ب 42 مليار جنيه بدلا من ان يضخ استثمارات جديدة لتطويره وفيما يتعلق بالمعونة الفنية يتم تحميل رواتب الخبراء الخاصة بالشركات الثلاث علي حسابات اسمنت طره مما يتسبب في تحقيق خسائر بعد ان قام بتخفيض حصة طره من المبيعات. ويضيف ان ما ذكرته الشركة عن ارتفاع متوسط أجر العامل إلي 120 ألف جنيه سنويا غير صحيح الهدف منه إثارة الرأي العام ضد العمال حيث تتراوح رواتبنا بين الفين وأربعة آلاف جنيه شهرياً طبقا ل "فيشة" صرف الرواتب مؤكدا ان الشركة بعد اعتصام العاملين قررت منحهم مكافأة 6 أشهر مما يضر بحقوق 36 من العاملين الذين احيلوا للمعاش أو توفوا خلال 2014 علي الرغم من ان لهم كامل الحق في صرف الأرباح مضيفا أن 90% من العمال حصلوا علي قروض علي أساس الأرباح وعدم صرفها يعرضهم لأزمات مالية شديدة حيث سيتم الحجز علي رواتبهم لسداد أقساط القروض. ويؤكد محمد خالد عضو اللجنة النقابية ان الشركة طبقا لميزانية 2014 حققت مبيعات أكثر من 984 مليوناً وبلغت تكلفة المبيعات 931 مليوناً وهو رقم مبالغ فيه للغاية مما أدي لظهور خسائر بالميزانية تقدر ب 14 مليوناً ونصف علي الرغم من ان الأرباح المحققة العام الماضي تعدت 75 مليون جنيه مما حرم الدولة من ضريبة دخل 20 مليوناً جنيه مضيفا أن رصيد الأرباح المرحلة للعام الماضي 252 مليون جنيه ارتفع إلي 262 مليوناً بزيادة 10 ملايين متسائلاً: كيف يتم ترحيل أرباح في ظل الخسائر المحققة بالإضافة إلي انخفاض رصيد ودائع الآجل بالعملة الاجنبية بما يعادل 134 مليون جنيه إلي ما يعادل 20 مليوناً مطالبا بضرورة وجود ايضاحات عن هذه المبالغ. يضيف محمد سعيد فني كهرباء سيارات اعتصمنا داخل الشركة منذ 29 مارس ولم نوقف الانتاج اعتراضاً علي عدم صرف الأرباح بإدعاء تحقيق خسائر وفوجئنا بقطع التيار الكهربائي عن المصنع وتوقف خط الانتاج لإنهاء الاعتصام وقامت اللجنة النقابية بتحرير محضر ضد الشركة بقسم شرطة المعادي برقم 45 أحوال ملحق إداري 2024 في 5/4/2015 مؤكداً تردي حال الشركة فبعد ان كانت تضم 5 أفران "خطوط انتاج" تعمل الآن بخط انتاج واحد وتوقف الافران كان متعمداً بإدعاء عدم توافر الطاقة كما تم تسريح العمال بنظام المعاش المبكر لينخفض عددهم من 4700 عامل وموظف إلي 900 فقط مضيفا ان المحاجر تم غلقها وبيع معداتها لأحد المقاولين الذي يقوم الآن ببيع الخامات بأسعار عالية جداً رغم انه حصل علي 33 مليون جنيه في ميزانية 2014 ويتم نقلها بالسيارات المملوكة للشركة. يوضح انه تم غلق مصنع الجير ومصنع الاكياس علي الرغم من كونه بحالة جيدة وتم توزيع العمالة علي الشركة ويتم شراء الشيكارة بمبلغ كبير مما أدي لإرتفاع المصروفات بشكل مبالغ فيه لتحقيق خسائر. ويطالب عيسي كامل فني جودة بتحويل الميزانية للنائب العام للتحقيق في اسباب الخسائر باعتبارها أموالاً عامة وتغيير مجلس الادارة الذي تسبب في ارهاق الشركة وتحقيق مزيد من الخسائر كما نطالب بتشغيل المصنع بكامل طاقته والحصول علي الارباح كاملة بواقع 25 شهراً من الراتب الاساسي. ويضيف ان هدف المستثمر الايطالي اثبات خسائر الشركة لأنه طبقا لقانون الاستثمار إذا حققت شركة خسائر 3 سنوات يحق للمالك غلق المصنع وتسريح العمال ونحن نخشي ان نجد انفسنا في الشارع كما ان ذلك لا يتناسب مع الوضع الاقتصادي الحالي لتشجيع الاستثمار وإعادة بناء الدولة مؤكداً ان المالك اشتري الشركة عام 2005 من الحكومة ب 2 مليار جنيه فقط بقروض وتسهيلات من البنوك المصرية ولم يضخ أي أموال خارجية لاستثمارها والشركة حققت مكاسب عن عام 2005 تقدر ب مليار و108 ملايين وكانت قيمة السهم 80 جنيهاً قام بتوزيعات أرباح 42 جنيهاً عن كل سهم وبالتالي استرد مبلغ كبير من رأس المال باعتباره يملك 66% من الاسهم. من جانبه أكد مصدر مسئول بشركة اسمنت السويس ان اعضاء اللجنة النقابية وبعض عمال مصنع طره قاموا بتعطيل العمل ومنع غدارة المصنع والقطاع الفني من أداء مهامهم الوظيفية مما يؤثر علي سلامة العمال ويحول دون مراقبة المنتج ويعطل اعمال الصيانة اللازمة للمعدات ما اضطر الشركة إلي وقف الانتاج بشكل مؤقت لحين عودة الظروف الملائمة لضمان سلامة التشغيل مؤكدا ان الظروف الصعبة التي تعرضت لها العام الماضي والمتمثلة في أزمة الطاقة والزيادة الحادة في تكلفتها أثرت علي معدلات انتاج الشركة مما ادي إلي تحقيق خسائر تقدر ب 14 مليون جنيه في 2014 وبالتالي لم تتمكن من توزيع أرباح علي المساهمين والعاملين. ويؤكد الدكتور علي السيد الديب أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة القاهرة ان الخصخصة من أسوأ الأمور التي حدثت في تاريخ مصر حيث ادت إلي تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للشعب المصري بعد ان باعت الدولة ممتلكاتها للأجانب بدون ضخ أموال مقابل الشراء حيث اعتمدوا علي القروض والتسهيلات من البنوك المصرية وكان أي مصري يستطيع الحصول علي القروض بضمان أصول الشركة ولكنها لعبة تمت باتفاقيات سرية وتركوا العمال فريسة للإدارة الجديدة بدون وضع أي قيود تحمي حقوقهم.. فالمستثمر لم يقدم تكنولوجيا جديدة ولم يضخ أموالاً تضاف للناتج القومي ولكنه دفع رشاوي فقط في وقت كان التوجه الدولي يرسي الفساد كما حدث في صفقة عمر افندي حيث كان ثمن الشراء هو الثمن الفعلي لمبني واحد وكذلك صفقة مصنع بيبسي كولا حيث قام المستثمر ببيع قطعة أرض واحدة في الفيوم ب 500 مليون جنيه وكان يجب علي الدولة ببساطة اما ان تلجأ للمستثمرين المصريين أو تعيد هيكلة المصانع لتصل للمستويات العالمية خاصة في مجال صناعة الاسمنت فلم يعد هناك أي مصنع في أوروبا يقوم بتصنيعه وتم نقل هذه الصناعة إلي الدول النامية مقابل حصة في الاسمنت حتي لا يلوث البيئة خاصة بعد حصول جمعيات حقوق الإنسان علي أحكام ضد هذه المصانع وفي مصر مازال المستثمر الاجنبي يشتري الأصول بما لا يتناسب مع السعر الفعلي لها ويقوم باجراءات من شأنها قهر العاملين بهذه المصانع حتي يلجأوا للمعاش المبكر وينقل التلوث من دولته وإلينا ثم يقوم بتصدير منتجات هذه المصانع إلي دولته. ويري ان الحل الوحيد قيام اللجان النقابية بكل مؤسسة أو شركة أو مصنع بأن يكون لها الرأي الأخير في قبول الخصخصة وألا يكون الأمر بقرار من رئيس الوزراء بحجة ان الشركة تحقق خسائر لأن أي محاسب يستطيع ان يحول ارباح الشركة إلي خسائر بالتلاعب في الميزانيات مقابل الاغراء المادي وبمنتهي البساطة وعلي الدولة ان تقوم بطرح اسهم الشركات للاكتتاب العام للمصريين ولا تبيع للاجانب كما حدث في اسهم قناة السويس مع ضرورة وجود لجان مراقبة ومتابعة تحارب الفساد في أي مجال.