"الطفل الذي بداخلك" فيلم بلجيكي إخراج الأخوين داردين حائز علي جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان.. و جائزة أفضل فيلم في مهرجان لندن. ينسج الأخوان داردين حكايتهم البسيطة مِن التفاصيل الدقيقة في الحياة و تصنع عالم بأكمله يبدو لنا انهم يصنعون أفلامهم بحرية تامة و سعادة فلا شئ مُتكلف ولا مجهود في ترميم الأفكار لتبدو مثيرة فبكل البساطة يتحدثون عن البشر. تلك الرحلة تطلبت التفكير بمنطق الطفل بضعفه بتمرده بإحتياجاته البسيطة, بقناعتهى الفطرية بأبسط المتطلبات. علاقة الطفل بأبيه هي أوطد و أهم علاقة في حياة الولد, ماذا يحدث عندما يفقد الطفل أبيه الذي يعني الأمان و الحياة بالنسبة له؟ فالطفل علاقته بالأصدقاء تكاد تكون سطحيه يغمرها اللعب فقط و قليل من أشياء أخري, و لا يسمح الأباء في مثل ذلك العمر بإعطاء الصداقة اكبر من حجمها, لذا في المطلق بالضرورة الأب هو الصديق الأقرب للطفل .. الصراع معقد إلي درجة من الممكن ان تسبب إضطراباً نفسياً في حياة الطفل فالأب رحل بالفعل, لكن مازال يمكن الوصول إليه فيبقي لدي الطفل أمل في إستعادة أبيه, فهو طفل ماذا لو قلت للطفل ان لعبتك في الغرفة المجاورة لكني لن افتح الغرفة لك دون سبب؟ سيزمجر و يبكي كالمجنون. الأب يخبر ابنه انه رحل بالفعل و لا يريد رؤيته مُجدَدًا. هذا شعور لا يقدر علي احتمالهُ طفل. ماذا تعني يا أبي انك لا تريد ان تكون أبي؟ بالطبع لو طلب منه الغول ان يتبعه في الغابات سيفعل. فماذا يفعل طفل دون اب يروضى الدُنيا مِن أجله؟ ماذا يفعل طفل فقد الرجل الذي يقوده في الحياة. اقتصر تفكير الطفل علي ما كان يملكهُ بخلاف أبيه. فكانت دراجتهُ.. إختذل العالم في قيادتهُ للدراجة. ماذا يمكنه ان يقود سوي دراجته. ربما الدراجة تقوده إلي الأماكن و تقوم بدور الأب سامانثا الفتاة التي تقوم برعايته, تفتقد شئ في حياتها تُكمله به .. ترعاه بمزيج من الحب و الشفقة, هو ليس غبيًا, هو يعلم ان حبها له ليس أصيلً. ليس نابع من الدم كأبيه. هو لا يفهم و لا يقدر علي التعبير عن هذا, لكنه بالتأكيد يشعُر بذلك. عندما يقع الطفل في مأزق و لا يسعه الهروب بدراجتهُ إلي أي مكان. يكف عن المقاومة و كأن شئ في نفسه تهاوي. ما أجمل الطفل الممثل ¢توماس دورت¢ عندما قال ¢أريد ان اعيش معكِ يا سامانثا تجمّع الإستسلام إلي جانب الخوف الطفولي في عيناه و يداه المرتخيتان بجانبه و روحه الخامدة.. لا يمكنك ان تقول ان ذلك الطفل قد شُفي. و انه قد إعتاد حياته الجديدة مع سامانثا. و إنه لا يكن أي عداء او رغبة في المقاومة مع أحد. هذا طفل أصبحت تقلبات الحياة أقوي من إستيعابه, قتلت فيه شيئاً للأبد. هناك أفلام تمر مرار الكرام في المهرجانات العالمية و تحصد جوائز قليلة. لإنهم يجدونها بسيطة أكثر من اللازم, وانه لابد من خط درامي ولو بسيط- مُفتعل يخدم القصص حتي يظهر الإكتمال علي الشاشة. تلك الأفلام هي الأصدق في صُنعها. و هذا إحداها.