كلنا يريد أن تعود هيبة الدولة بأسرع ما يمكن ليس في الشارع فقط وإنما في كل مناحي الحياة نريدها قوية قادرة علي فرض القانون علي كل المخالفين أو الفاسدين أو المنحرفين أو البلطجية أو من يستقوون بنفوذ وظائفهم أو أموالهم نريد أن نري من هم تحت القانون الاغلبية وليس الاقلية. أمامنا مشوار طويل قبل أن نري كل المصريين متساوين أمام القانون ربما يمتد الأمر لسنوات طويلة نحتاج خلالها إلي ثورة تشريعات تغير قوانين يعود بعضها إلي بدايات القرن الماضي. والهيبة لا تتحقق بالقوة ولا بالقسوة ولا بالشدة إنما تتحقق بفرض القانون علي الجميع وسرعة الفصل في المنازعات والقضايا وحصول المظلوم علي حقه والمجرم علي عقابه. لا يجب أن تتحمل الشرطة وحدها مسئولية استعادة الهيبة حتي لا تدفع ثمن الاخطاء السياسية وتقصير الاجهزة الاخري وانما ينبغي علي كل مؤسسات الدولة أن تشاركها في تقاسم المهمة الثقيلة. الشرطة تتصدي للإرهاب والجرائم الاقتصادية والاجتماعية وحوادث المرور والطرق السريعة والفوضي والتسيب في الشارع والاحتجاجات وكلها مهام صعبة في ظل الظروف والأوضاع الاستثنائية وحالة الانفلات التي تعيشها البلاد منذ 25 يناير وازاء كل ذلك لابد أن يقع بعض افرادها وضباطها في اخطاء نتيجة الضغوط الشديدة التي يتحملونها او الظروف التي يعملون فيها الدولة منذ انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي حققت نجاحا ملموسا في مكافحة الإرهاب وتحرز تقدما في بسط الأمن وملاحقة العناصر الإجرامية ومواجهة البلطجة وتحتاج إلي جهد أكبر في معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع الأسعار وفوضي الأسواق. وربما يكون اصدار قانون الاستثمار مواكبا لمؤتمر شرم الشيخ نقطة انطلاق في ايجاد الحلول العاجلة والناجزة للمشكلات المزمنة التي لا تحتاج إلي حلول بيروقراطية كما هي العادة وإنما إلي حلول غير تقليدية كما حدث مع المشكلات التي يعانيها المستثمرون في تعاملهم مع أجهزة الدولة وعالجها قانون الاستثمار وأضاف إليها تسهيلات وتيسيرات وإعفاءات ضريبية وجمركية لا مثيل لها في الدول الرأسمالية الأكثر جذبا للاستثمارات. وكما منحت الدولة رجال الاعمال المصريين والاجانب حزمة لا مثيل لها من الامتيازات فإن عليها أن تعمل بنفس الهمة لمنح الفقراء والبسطاء والمهمشين من العمال والفلاحين والحرفيين حزمة من المكاسب حتي لا يشعرون بالغبن والتجاهل أي تمييز بين غالبية لا تحصل علي شيء وبين قلة تحصل علي كل شيء من شأنه زعزعة هيبة الدولة واستقرارها خاصة عندما تجد شرائح اجتماعية عريضة انها تدفع ثمن الاصلاحات الاقتصادية ورفع الدعم ولا تجد مسئولين في الحكومة يعطونهم بارقة امل في تخفيف الاعباء عن كاهلهم. الفقراء هم من شدوا الحزام ودفعوا فاتورة الاصلاحات التي طالب بها صندوق النقد والبنك الدولي منذ أيام السادات واستمروا في تحمل الأعباء في عهد المخلوع وبعد الثورة وحتي الآن نتيجة انحياز الدولة لمجموعة من رأسمالية المحاسيب.. كل هذا ينعكس علي هيبة الدولة ومكانتها في الشارع ويحمل الشرطة أعباء إضافية وربما اخطاء هي في غني عنها بعد المصالحة التي تجلت مع الشعب في 30 يونيو.