عندما وصف د. رضا عبدالسلام محافظ الشرقية العاملين بالإدارة الهندسية بالحسينية بالفاسدين.. أحسست بفرحة غامرة فلأول مرة أري مسئولا لديه قدر من الشجاعة الأدبية ليواجه إحدي قلاع الفساد وجهاً لوجه.. بل زاد علي هذا وأكد لهم.. أنهم لولا تستركم علي الفساد لما كانت كل هذه التعديات علي الأرض الزراعية وأملاك الدولة.. وأعقب هذا بإحالة 23 موظفاً للتحقيق بالوحدة القروية لتحريرهم خطوط سير وهمية لمدة أسبوع. نعم.. إنها أول مرة أجد انتفاضة حقيقية ضد الفساد والمفسدين ولأول مرة أري محافظاً مهتماً بالمرور علي مراكز وقري محافظته ولم تبهره فخامة المكتب والمنصب.. وأتمني أن أجد هذا النموذج متكرراً في 26 محافظة أخري.. صدقوني سينتهي الفساد مع الملاحقة والمتابعة الدقيقة له. الغريب أن تكلفة الفساد الحكومي في ارتفاع مستمر رغم أن لدينا 29 جهازاً رقابياً ورغم أن أعضاء النيابة الإدارية اقترب من 4 آلاف عضو.. ولكن كما قال لي المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.. للأسف دائماً ما يجد الفساد من الغطاء القانوني القدر الذي يحميه.. مستشهداً بواقعة إهدار مال عام وصل إلي 100 مليون جنيه تم صرفها كمكافآت إلي 100 قيادة في أحد الأجهزة وكان الغطاء القانوني لها أن الصرف تم بقرار من رئيس الوزراء آنذاك والوزير المختص.. وهذا يعد قمة الفساد. ولهذا أتمني أن نبدأ عصراً جديداً لمحاصرة الفساد وأول خطوة في هذا الإطار هي إتاحة المعلومات والبيانات.. فكلما زاد التعتيم زاد الفساد ولأن البيئة لنمو الفساد ستتوافر.. ويتعذر مواجهة الفساد ومحاصرته.. كما أتمني صدور قانون الإفصاح والحصول علي المعلومات.. خاصة أننا أقدر شعوب وحكومات الأرض في سن القوانين ولكن أسوأ ما نكون في تنفيذها. فلماذا تعثرت قوانين محاصرة الفساد وأين قانون حماية المبلغين والشهود.. لدرجة أن 90% من البلاغات عن حالات الفساد تأتي من مجهول خوفاً من البطش من الرؤساء إذا علموا شيئاً عن المبلغ.. نحن في انتظار ثورة علي الفساد في كل قطاعات الدولة.. ليكون سلوك محافظ الشرقية سلوكاً طبيعياً يأتي في السياق العام لمحاربة ومحاصرة الفساد ولا يصبح مدعاة للفخر والتندر به وكأنه حالة فريدة ولن تتكرر. * اليوم فقط.. سيطرح قانون الخدمة المدنية للمناقشة والتوضيح في تجربة فريدة والأولي من نوعها حيث سيتاح لكل الأطباق المعنية بالقانون أن تقترح ما تراه صالحاً للموظف المصري وما تراه مساعداً لمحاربة الفساد.. أن تضع رأيها ومقترحاتها علي موقع وزارة التخطيط الإلكتروني.. وسيؤخذ المناسب والممكن منها عند وضع اللائحة التنفيذية للقانون والتي ستصدر في 1/7 المقبل مع وعد أنها ممكن انجازها قبل هذا التاريخ.. القانون لمن لا يعرف التزم بوضع الأطر العامة وترك التفاصيل للائحة وفقاً للنمط العالمي في وضع القوانين خطوة جديدة ونمط جديد وأسلوب ديمقراطي في إشراك طوائف المجتمع في رسم السياسة الوظيفية في مصر.. لا نملك أمام التجربة الجديدة سوي أن نقف بجانبها بالشرح والتفسير والتقدير الكامل للجهد المبذول ليخرج القانون إلي النور ليعيد للحياة الوظيفية رونقها وهيبتها.