تحديد مبلغ 10 آلاف دولار فقط للإبداع في المرة الواحدة ضربة معلم من البنك المركزي ستعيد للدولار عقله قريباً جداً وستقضي علي السوق السوداء نهائياً بما يمكن السوق المصرفية من توحيد السعر قبل المؤتمر الاقتصادي تحقيقاً لمطلب المستثمرين من جهة.. وفرملة الأسعار التي يمسك برقبتها الدولار من جهة أخري. المتفائلون يؤكدون أن الدولار سينخفض أكثر بمجرد انطلاق مشاريع الاستثمار التي سيتبعها زيادة في الانتاج وخلق فرص عمل وتوافر صناعات محلية تقلل الواردات وهذا صحيح وإن كان سيحتاج لوقت لكنه سيتحقق بإذن الله بتكاتف كل شرفاء هذا الوطن. وحتي يحدث هذا ولكي لا يكتوي فقراء هذا البلد بنيران الأسعار مازال بأيدينا الكثير لنفعله ولتكن البداية من تصريح محافظ البنك المركزي هشام رامز بأننا نستورد بما يعادل 60 مليار دولار سنوياً يدفع البنك منها 30 مليار تخصص معظمها لشراء السلع الأساسية والباقي يتم تدبيره من السوق السوداء ولا أحد ينكر أن جزءاً من هذه المليارات يوجه لاستيراد السلع الأساسية لكن الغالبية العظمي توجه للكماليات بما فيها المخدرات ومجموعات السلع الاستفزازية التي تكلفنا 10 مليارات دولار سنوياً!! هذه الأرقام بالمناسبة معلنة من قبل الجهات الرسمية ولا أعرف كيف تضحي دولة وصل الاحتياطي الاستراتيجي لها ل 16 مليار دولار فقط بهذا المبلغ الضخم سنوياً علي سلع يستهلكها بضعة آلاف من المرفهين؟! هل يعقل أننا نستورد بودرة الآيس كريم والخضروات بالعملة الصعبة ولدينا البديل؟ وهل يعقل أننا نستورد طعاماً للقطط والكلاب بمليون دولار سنوياً وفوانيس رمضان ب 2 مليون ومأكولات بحرية بمليار دولار ومثلها للأجبان الفاخرة وشوربة "ابن الحوت" التي يتكلف الطبق منها 500 جنيه والتبغ الفاخر بمليار ونصف المليار سنوياً وخس كوري ولحم طاووس إيراني وبطيخ برازيلي وورق عنب سويسري من أجل عيون المصريين "سبع نجوم" مرتادي الفنادق؟ وهل يعقل أن نستورد لعب أطفال بعشرة ملايين دولار ومعها خمسة ملايين حذاء صيني رديئة الصنع تسبب الأمراض بينما تجار ومصنعو الجلود في مصر يصرخون خوفاً علي مصانعهم التي كادت تغلق؟ وحتي نكون منصفين.. نزيف الدولار لا يذهب فقط للسلع الاستفزازية.. هناك سلع للبسطاء تملأ الأرصفة وعربات المترو يشترونها لأنها رخيصة الثمن رغم أنهم في معظم الأحيان لا يحتاجونها وهي بالمناسبة تفسد سريعاً.. نستوردها غالباً من الصين وبالدولار والغريب أن معظمها يُصنع من القمامة والنفايات التي نصدرها للصين بأبخس الأثمان فتعيدها إلينا سلعاً رديئة بالعملة الصعبة!! دعوة الحكومة للتقشف لم تتوقف يوماً لكن الصورة علي أرض الواقع مختلفة تماماً.. الاستيراد مستمر ويبدو أنه ليست هناك رغبة حقيقية في ايقافه وإن كنا مازلنا ننتظر قراراً جريئاً ذكياً من المهندس محلب كقرار محافظ البنك المركزي.