"رفقاً بنا ياشعب مصر العظيم.. فنحن نحارب خفافيش الظلام.. نحارب أقوي أجهزة المخابرات في العالم.. إنها ياسادة حرب وجود وليست مواجهة إرهاب.. نعم هناك تقصير ونقص في الخبرات لمواجهة تلك النوعية من الحروب الشاملة إعلامياً واقتصادياً وسياسياً وإجرامياً ولكننا نحاول ونجتهد.. ولا نتواني عن التضحية بأروحنا ودمائنا من أجل الوطن.. نستمد قوتنا وعزيمتنا من دعائكم لا تبخلوا عن الدعم لابنائكم". كانت هذه كلمات أحد القيادات الأمنية الشابة الواعدة والذي أعلم جيداً مدي مصداقيته وعزيمته المخلصة لتنفيذ ما قاله ومعه جميع أبناء الشرطة المخلصين الذين وهبوا أنفسهم دفاعاً عن وطنهم.. وقد سمعت منه هذا الكلام قبيل تلك الليلة الظلماء التي استشهد فيها العديد من رجال القوات المسلحة والشرطة والمدنيين في مذبحة العريش الأخيرة في آخر عمليات الجماعات الإرهابية الخسيسة والتي استهدفت الكتيبة 101 التابعة للقوات المسلحة ومديرية أمن شمال سيناء وبعض الأكمنة الأمنية المنتشرة في العريش. بدأت استرجع ماحدث الاسبوع الماضي منذ الخامس والعشرون من يناير حتي اليوم لاجد تزايداً في العمليات المسعورة التي يقوم بها قتلة مأجورين لزعزعة استقرار البلاد وترهيب العباد. وأجد ايضا تلك الوجوه الكئيبة التي حازت علي كراهيتنا لهم بامتياز علي الفضائيات المختلفة وهم يتباكون علي الشهيدة شيماء الصباغ ويتجاهلون الشهيد النقيب/ أيمن الدسوقي الذي بثت جماعة أنصار بيت المقدس تصويراً لعملية اختطافه واغتياله في مشهد أبكانا جميعاً إلا أصحاب تلك القلوب المتحجرة تجاه كل من هو يدافع عن الوطن الذي ينعمون بالعيش فيه.. ثم جاءت تلك العملية الإرهابية الأخيرة التي وقعت في العريش ليتجاهل هؤلاء ومعهم بالطبع بعض أعضاء مايسمي بجماعات حقوق الإنسان الذين يعملون معهم طبقاً لأجندات معينة نعرفها جميعاً.. حيث لم يصدرعنهم أي اشارة أو بيان أو حتي نعي لأرواح هؤلاء الشهداء.. وبالطبع لابد أن يكون للخبراء الأمنيين دوراً في الاسقاط علي الأداء الامني واتهامه بالتقصير وبضرورة استبعاد وزير الداخلية لعل أحدهم يتولي منصبه بدلاً منه دون أن يشعروا انهم يزرعون بذلك الاحباط والتوتر لدي ابناءهم من رجال الشرطة في مواقعهم المختلفة. وقد تواصلت مع بعض الزملاء من القيادات الأمنية الحالية حيث تأكدت منهم أن معظم المواجهات الامنية التي تمت ضد العناصر الارهابية مؤخراً قد حققت نجاحات ملموسة في إطار السعي لتحقيق السيطرة الامنية علي مناطق واحياء لم تكن محل متابعة منذ فترات طويلة مثل حي المطرية الذي حاول المأجورين أن يجعلوا منه رابعة جديدة وحي حلوان الذي ظهر فيه العديد من العناصر الإرهابية الموالية لجماعة الإخوان الإرهابية.. ناهيك عما يحدث في بعض المحافظات والتي كانت نتائج المواجهات لصالح الأجهزة الأمنية.. لقد أصبح الفشل هو عنوان كافة محاولات تلك العناصر في مشاهد متكررة من أعمال جبانة وخسيسة بدأت منذ عهد زعيمهم حسن البناء ومازلت حتي اليوم تمارس بنفس الاسلوب والنهج. ولكن.. وهنا يجب ان تكون لنا وقفة صريحة لابد منها وهي ضرورة أن نعترف ان هناك بعض أوجه القصور سواء في المواجهة أو في مجال جمع المعلومات أو رصد العناصر الإرهابية التي أصبحت خليطاً من المتأسلمين والجنائيين وأطفال الشوارع والمأجورين لقد اتسع نطاق المواجهة فلم يعد قاصراً علي العناصر الإرهابية المتطرفة فقط بل أصبحت تشمل تلك الفئات التي أشرنا إليها ومن هنا تأتي صعوبة المواجهة.. هذا بالاضافة إلي تخوف العديد من الضباط خاصة الشباب منهم من تعرضهم لما تعرض له زملائهم من قبل في اعقاب ثورة يناير 2011 من محاكمات ومطاردات واستبعاد.. بالاضافة إلي تلك العناصر التي تمكنت من دخول البلاد من المنافذ المختلفة ابان عهد جماعة الإخوان الإرهابية واستقرارها في جبال ووديان محافظة شمال سيناء لتنطلق منه عملياتهم الارهابية الموجهة ضد الشرفاء من رجال الشرطة والقوات المسلحة.. ولن أدعي ان لدي حلولاً لهذا القصور أو التقصير لأنني علي قناعة ان القيادات الموجودة حاليا لديها الرؤية الأكثر وضوحاً مني ومن هؤلاء الخبراء والاعلاميين. فالمعطيات والحقائق عندهم وبالتالي فإعادة النظر في الخطط الأمنية والتدريبية والتسليحية بل وتهيئة رجال الشرطة نفسياً لمواجهة تلك الاعباء الثقيلة عليهم والعمليات الإرهابية التي يتعرضون لها يومياً قد تكون أكثر موضوعية وقرباً من الواقع بدلاً من الكلام النظري الذي يتحدث به الجميع دون أن يكون لديهم أي رؤية حقيقة لما يحدث علي أرض الواقع مع ضرورة تطبيق القانون بصرامة ودقة لمواجهة التظاهرات الإرهابية والتخريبية. أعود أخيراً لهذا الرجل الذي هزتني كلماته.. كما قهرني ما حدث في العريش وأبكانا جميعاً حزناً وكمداً علي هؤلاء الرجال الذين يضحون بأنفسهم لاستقرار وطنهم.. أقول له لا تحزن أيها القائد القادم.. فها هو الشعب المصري جميعه معكم.. إلا قليل نعرفهم ونلفظهم.. والله من قبلنا معكم.. نعلم انكم في معركة وجود ونعلم ايضاً عن يقين ان النصر قادم لا محالة.. حتي لو تأخر قليلاً.