هل يمكن ان تستفيد مصر من تجربة الهند في إنتاج الادوية الرخيصة لحماية المرضي الفقراء وغير القادرين وتخفيف العبء عن موازنة الدولة واعتمادات الدواء بوزارة الصحة والتأمين الصحي. تمضي الهند في طريقها بانتاج نسخ من براءات الاختراع للادوية ودون الالتزام بحقوق الملكية الفكرية لانها تعمل في قضية حياة أو موت. ومن حق مصر ان تتقدم لمنظمة التجارة العالمية بطلب استثناءات لمواجهة الظروف التي تعاني منها في المجال الصحي ودون ان تقع فيپمصيدة العقوبات الاقتصادية. الرئيس الأمريكي اوباما حاول في الهند منذ يومين حث الهند علي التوقف عن إنتاج الأدوية الرخيصة ولكن الهند تمسكت بموقفها من أجل استمرار إنتاج أدوية الفقراء وهو سلوك كان ينبغي للدول الأفريقية والآسيوية وفي أمريكا الجنوبية التنسيق بشأنه ومايحدث في مصر الآن عكس ما يجري في الهند. شركات إنتاج الدواء المصرية عامة وخاصة تتنافس في إنتاج الأدوية بعد تعديل الاسم التجاري فقط حتي ترفع اسعارها ولايزال الدواء المصري يرهق كاهل الفقراء والقادرين ايضا ويشكل عبئا وتكلفة مضاعفة علي الموازنة العامة للدولة وحتي التأمين الصحي مدين لشركات إنتاج وتوزيع الدواء بنحو اكثر من خمسة مليارات جنيه مما يجعله عاجزا في اغلب الأحوال عن توفير الأدوية او تقديم الخدمات العلاجية لمرضي التأمين الصحي. ماذا يمنع ان تقبل شركات إنتاج الدواء بأرباح أقل وهامش ربح معقول كما تفعل الشركات الهندية التي تحاول كسر احتكار الشركات العالمية والامريكية والسويسرية خاصة في احتكار إنتاج الدواء وفرض اسعاره العالية علي المرضي. وقضية إنتاج الدواء هي قضية حياة او موت ولا يجوز ان يدفع المريض المصري تكلفة سوء الإدارة في شركات إنتاج الدواء او يتحمل المديونيات التاريخية او فوائد قروضها للبنوك. ماذا يمنع ان نتعاون مع الهند؟ وماذا يمنع ان تتعاون مصر مع الهند ودول اخري وتطالب بحقها في انتاج نسخ من حقوق الملكية الفكرية للدواء؟ اسعار الدواء في مصر اصبحت الأغلي في المنطقة العربية. وقد قطعت الاردن شوطا كبيرا في انتاج الدواء الذي يزحف الآن الي اسواق عديدة في العالم ولن يجوز ان تنشغل الشركات المصرية بتسوية ديونها وعلاج خسائرها علي حساب المرضي وتقدم الدواء باسعار مرتفعة جدا بالمقارنة بالمثيل المستورد او المنتج في دول عربية شقيقة حولنا مثل الأردن والسعودية. اما استيراد الدواء فهي تجارة اسهل امام شركات توزيع الدواء في مصر من الانفاق علي البحوث والتطوير لانتاج دواء مصري مماثل وباسعار مقبولة وتتناسب مع دخول عامة الشعب المصري. والدواء لايقل اهمية عن الغذاء. وهو قضية أمن قومي يحتاج الي تفكير خارج الصندوق. وتعاون بين الشركات المحلية في البحوثپوالتطوير لانتاج الدواء وهي تكلفة باهظة ولكنها علي المدي الطويل تحقق أرباحاً اذا اقتنعت الشركات بهامش ربح معقول. ومن الملاحظ ان شركات الدواء في مصر وخارجها هي الأعلي ارباحا في كل انحاء العالم ولكن في كل دول العالم تقبل ارباحا عادلة ولاترهق المرضي المستهلكين للدواء عكس مايحدث عندنا حتي الآن. لقد حان الوقت لدخول الشركات المصرية لانتاج الدواء عامة وخاصة في انتاج تراخيص الدواء المحمية بالبراءات لانها ضرورة حياة او موت. لقد رفضت الهند ضغوطاً امريكية ولم تهتم بالتلويح بعقوبات اقتصادية لانها تدرك ان ما تفعله هو الاكثر اهمية وضرورة لانقاذ حياة المرضي وتوفير الدواء باسعار مقبولة وفي متناول الغالبية العظمي من المرضي الفقراء وغير القادرين. وتجربة الهند تستحق ان تدرس ويستفاد بها ولاعتقد ان الهند سترفض التعاون مع مصر تحديدا او مع دول اخري في إنتاج الدواء الرخيص من أجل الفقراء.