كانت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي. صاحب القلب الصادق أمام مؤتمر دافوس الاقتصادي. الأسبوع الماضي. تثير الشجن عندما قال: إن الزمن أثبت عبقرية السادات. لأنه كان يعلم ان إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي سيقضي علي التطرف والإرهاب الذي يضرب منطقة الشرق الأوسط والعالم الآن. والسادات البطل الذي حقق انتصار أكتوبر العظيم بعملية الخداع الكبري وأعاد كرامة مصر واسترد الأرض من مغتصبيها. كان يمتلك رؤية ثاقبة مكنته من استشراف المستقبل فبادر بسن سنة الجلوس علي مائدة المفاوضات لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. فكان سياسيا من طراز فريد سلم مصر لمن حكموا بعده دون أن تنقصها حبة رمال واحدة. ولم تطلق رصاصة واحدة منذ عام 1981 في حرب علي الحدود. وكانت الظروف مهيأة لانطلاق مصر نحو المستقبل. لكن من سخرية القدر لم نحقق ما كنا نصبو إليه. ولم يكن اغتيال السادات نهاية القادة العرب العظماء. فقبل أن ينهي الرئيس السيسي زيارته إلي دافوس أعلنت السعودية رحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. وهو قائد عربي فذ ظهر معدنه النفيس في وقت زادت فيه المؤامرات داخل مصر وخارجها لإسقاطها عقب ثورة 30 يونيه. وهو صاحب دهاء فطري وفطنة غير مسبوقة. فوقف في وجه الأعاصير التي حاولت ولاتزال تسعي لتخريب مصر واسقاطها في براثن الانقسام والتقسيم والانبطاح للغرب وأمريكا. وفي وقت كنا نقضي أياماً حالكة..وتتشح أحلامنا بالسواد. وتحولت بيوتنا إلي سجون لا نستطيع مغادرتها وقد اغرورقت أعيننا بالدموع. ترتعد فرائصنا نبكي وننتحب حزناً علي الوطن الوليد الذي يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة بين أيادينا وقلوبنا تعزف سيمفونيات من الأنين خوفاً من طوفان الخونة الذين كانوا يشعلون الحرائق في مؤسسات الدولة لترويعنا ويغتالون الناس في الشوارع. ألقي الملك عبدالله "حكيم العرب" بياناً تاريخياً يعلن وقوف السعودية مع شعب مصر. ويصف مَنْ يحاولون العبث بأمن وطننا بأنهم "يوقدون الفتنة". فكانت كلماته بمثابة جسر لعبور المحنة إلي الأمل والتفاؤل..هكذا كانت رؤية الملك عبدالله الحادة وعبقرية استكشاف المستقبل لأنه كان يعلم انه في حال ترك مصر بمفردها في قلب هذه المخاطر. فإن سقوطها يعني ضياع الأمة العربية. ولذلك كانت وقفته الجسورة ودعمه لوطننا وهي لا تقل أهمية عن وقفة الملك فيصل معنا أثناء حرب أكتوبر. فمعادن الرجال لا يكشفها إلا المواقف الصعبة. فما بالك إذا كانت هذه المواقف تصدر عن ملوك نبلاء وضعوا نصب أعينهم علي حماية الإسلام السمح من عبث المنافقين المتاجرين بالدين. لا يبغون إلا رضا الله. ولذا أتوقع أن يستمر الدعم السعودي لمصر في المستقبل بعد أن توج الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملكاً للسعودية. والأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود. ولياً للعهد. والأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد. فمواقف المملكة تجاه مصر ثابتة وقائمة علي صلة الرحم التي تربطهما منذ زواج إبراهيم خليل الله "عليه السلام" من السيدة هاجر المصرية وإنجابها إسماعيل "أبو العرب" عليه السلام. وهي علاقات تضرب في جذور الماضي وممتدة إلي ما شاء الله. وأقول لكم. إن رحيل السادات غدراً في عام 1981 كلفنا الكثير ليعوضنا الله خيراً وظللنا عشرات السنين ننتظر قائداً صاحب فكر جديد يقود الشعب إلي تحقيق أحلامه حتي كان الرئيس السيسي رجل المواقف الصعبة الذي اختاره الشعب. وفي دافوس كانت دعوته للرؤساء والملوك ورجال الأعمال لحضور قمة شرم الشيخ الاقتصادية في مارس المقبل. وعلي الرغم من أن رحيل الملك عبدالله سبب لنا ألماً وحزناً كبيرين. فإن عزاءنا ان العظماء لا يموتون بل تظل مواقفهم وأعمالهم الخالدة باقية محفوظة في التاريخ وتزداد قيمتها مع مرور الوقت. والملك الراحل الذي دافع عن وظننا من سهام وغدر الخائنين وحفر اسمه بحروف من ذهب في قلوب المصريين.