لا أحد يريد أن يتعلم من دروس الحاضر والماضي.. لا أحد يريد أن يستفيد مما يري ويسمع.. لا أحد يهتم إلا بنفسه فقط.. ومازالت مصر التي نتغني كل يوم.. بل كل ساعة بحبها بعيدة عن الأفعال.. مجرد كلام أغان في حب مصر ومن أجل مصر.. والحقيقة أننا نريد أن "نحلب" مصر حتي آخر نقطة لبن.. ونريد أن تموت مصر ونحيا نحن.. وهذا لن يحدث لأن مصر لو سقطت سقطنا جميعاً.. بل سقطت المنطقة كلها لا قدر الله أبداً. ** السياسيون.. الحكومة.. الشعب.. الجميع بلا استثناء.. كل يريد أن يثبت أنه الصواب وأنه الحق.. والآخرون علي باطل ويتناسون أن الصواب والحق كثيراً ما يكون نسبياً.. وخاصة في الأمور الجدلية..!! ** الكل لا يقتنع إلا بنفسه.. ومقتنع أن الآخرين علي باطل. ** أعرف مهندساً ليس إخوانياً لكنه يتعاطف مع الإخوان أحياناً.. وكثيراً ما نتناقش في ذلك.. والغريب أن المناقشة كانت تزيده عناداًً وتطرفاً في الرأي وليس البحث عن نقطة تلاق.. كان هذا المهندس المحترم يدعي دائماً أن هذه القنابل التي يتم تفكيكها والإعلان عنها مجرد تمثيلية في الداخلية.. وأنها مجرد "شو إعلامي" وليست حقيقية.. حتي كان يوم 26 يناير الفجر عندما اكتشف جيرانه قنبلة بجوار منزله.. هنا تيقن أن الأمر ليس هزلياً وليس تمثيلية أو "شو" إعلامي كما كان يقول وأخذ يتصل هنا وهناك حتي جاء رجال المفرقعات وأبطلوا مفعول القنبلة قبل أن تنفجر..!! سألته: هل هي تمثيلية؟ سكت وقال ما قال.. ولعن من لعن وقال إنها ليست إرهابية فقط بل مجنونة أيضاً.. تلك التنظيمات الإخوانية. ** هل أصبح مطلوباً أن تكون هناك قنبلة بجوار منزل كل متشكك أو كل إنسان لم يتعلم الدرس.. ومازال علي حاله في التشكك.. وضد أي شيء مادامت الشرطة أو الحكومة طرفاً فيها..؟!! ** كلنا نتحمل المسئولية وأول من يتحمل هذه المسئولية هم بعض رجال الشرطة أنفسهم وأقول "بعض" وليس "كل".. لأن هناك كثيرين بالفعل تغيروا.. واستفادوا وتعلموا الدرس لكن مازال هناك كثيرون أيضاً لم يتعلموا الدرس ولا يريدون أن يتعلموا. ** المظاهرة التي راح ضحيتها الشهيدة شيماء الصباغ مثلاً.. الكل أخطأ فيها بلا استثناء وسأبداً برجال الأمن.. المفروض أن تكون هذه الواقعة مصورة وأن تكون المظاهرة أو المسيرة وهي مخالفة للقانون تحت عين الأمن تماماً بحيث يتم أولاً إنذار المتظاهرين بمكبرات الصوت عياناً وأمام الكاميرات.. ثم خراطيم المياه إذا لم تفلح الإنذارات ثم قنابل الغاز إذا فشلت المياه.. ثم الخرطوش أو غيره.. إذا تحولت المسيرة إلي مسلحة. مازلنا لم نتعلم الدرس ومازلنا نتعامل بأسلوب خطأ حتي لو لم نطلق الرصاص!!! ** حتي ما بعد الأزمة كانت التصرفات الخطأ فقد صدر بيان سريع ينفي التهمة عن رجال الشرطة وكان الأفضل الانتظار حتي تنتهي التحقيقات مع الإعلان عن عدم ضرب أي خرطوش أو عدم تسليح رجال فض المظاهرات. نفس الخطأ وقع فيه السياسيون الذين اتهموا الشرطة دون دليل أو قبل التحقيق.. فجعلوا من أنفسهم طرفاً وحكما في آن واحد..!! هذا الخطأ لم يكن الخطأ الوحيد الذي وقع فيه الساسة الذين قادوا أو ساروا في المسيرة بل هو أخف الأخطاء لأن الخطأ الأصلي هو ضرب القانون والقيام بمسيرة بدون ترخيص حتي لو كان لديهم رأي آخر في قانون المظاهرات.. فالقانون قائم ولابد من احترامه حتي يتم تعديله أو إلغاؤه.. ومادام القائمون بالمسيرة رجال حزب أو أحزاب شرعية تسعي لانتخابات برلمانية فلابد أن تكون قدوة في احترام القانون.. أي قانون!! الخطأ الثاني هو تنظيم تلك المسيرة إلي ميدان التحرير في هذا اليوم الذي يعلم فيه الجميع بلا استثناء تهديدات التنظيمات الإرهابية وعزمهم تكدير الأمن وإرهاب الناس فلماذا هذا التوقيت وهذا المكان ونحن جميعاً نعرف ونعلم ما يمكن أن يحدث هل وضع أكاليل الزهور في ميدان التحرير لا يصح إلا أن يكون يوم 25 يناير؟ إن معظم الشهداء سقطوا بعد هذا اليوم.. فلماذا التصميم علي مساندة الإرهاب بصورة أو بأخري؟ ** عندما تعيش مصر "حرب استنزاف إرهابية" حقيقية.. فما هو دور الساسة؟ هل يشاركون في صنع الأزمات أم يحاولون المساندة في حلها أم علي الأقل السكوت عند مواطن الخطر؟ إنها حرب القنابل في كل مكان.. وحرب الخرطوش والهجمات الإرهابية ضد الشرطة.. وضد أبراج ومحولات الكهرباء.. وضد المترو.. والسكك الحديدية.. والمقار الحكومية كمجالس المدن ونقطة الشرطة والمراكز والأقسام وسيارات نقل الجنود. أليست هذه كلها حرب استنزاف إرهابية حقيقية؟ فهل يساندها المتظاهرون بإضعاف الجهد الأمني وتشتيت الاهتمام خاصة أنه من السهل اختراق هذه المسيرات بعناصر إرهابية أو استهداف المسيرات من خلال عناصر إرهابية تحمل أسلحة مشابهة لأسلحة الشرطة أو أسلحة مسروقة من الأمن؟ ** هل ترون أننا لم نتعلم الدرس بعد؟ هل تشاهدون هذه المهزلة التي لا يريد أحد من أطرافها أن يتعلم الدرس ويفهم ما يحدث ولا يريد أحد أن يعرف ويعي جيداً أن استهداف مصر علي كل المحاور هو الهدف الأساسي والأصلي؟! ** الطب الشرعي وهو جهة معاونة للقضاء أخطأ بتسريب بعض الأنباء عن نتائج تشريح الشهيدة شيماء.. أو علي الأقل نفي ما نشر إذا لم يكن تسريباً.. لأن هذه التسريبات تشعل الفتن. ** والإعلام أيضاً نشط في هذه الاتجاهات والكل ينسي ويتجاهل المصلحة الوطنية العليا.. نحن ياسادة في ظروف استثنائية.. والظروف الاستثنائية تستدعي تصرفات استثنائية لكنها تصرفات طبقاً للقانون وروحه.. وعلينا جميعاً احترام سيادة الدولة وهيبة الدولة ومنها هيبة القانون حتي نخرج من عنق الزجاجة الذي نعيش فيه هذه الأيام الصعبة..!! ** تعالوا نتكاتف جميعاً ونتفق علي تشكيل جبهة وطنية بعيداً عن الحكومة والجهات الرسمية.. جبهة وطنية ضد الإرهاب.. تكون متحدثاً باسم القوي الوطنية ومنظماً لحركة هذه القوي بعيداً عن الشعارات التي تبحث عن مكسب وقتي وسريع علي حساب الوطن. ** يا قادة الرأي.. يا قادة الأحزاب.. يا قادة العمل الوطني تعالوا إلي كلمة سواء من خلال جبهة واحدة وطنية تسعي للتجمع والعمل الوطني الواحد في ظل هذا الظرف الاستثنائي وتنظم كل الجهود وتعمل بإخلاص كجبهة شعبية وطنية ضد الإرهاب. هل نتعلم الدرس قبل فوات الأوان؟