راهبة من راهبات الأدب والكتابة . تخلص لتجاربها الإبداعية وتقدم في كل تجربة سردية جديدة عالماً مختلفاً . موضوعا ولغة ولاتشغلها ككثيرين موضات الكتابة والأفكار والأساليب التي يجترها الكتاب وتلوكها الأقلام لمجرد أن بعضها حاز نجاحا أو جائزة . تشبه كتابتها أو تشبهها كتابتها. منذ أن قدمت ¢ذاكرة التيه" وانتهاء إلي أحدث رواياتها ¢شجرة اللبخ¢. التي تعتبرها قلب مشروعها الابداعي الذي يسير قطاره علي قضيبين أساسيين القصة والرواية .. حوارنا مع الكاتبة المبدعة عزة رشاد. ما موقع ¢شجرة اللبخ ¢ من مشروعك الإبداعي والأدبي المتنوع؟ - شجرة اللبخ تقع في القلب من مشروعي الأدبي. لأنها بلورت طموحاتي الجمالية وتصوراتي عن الكتابة السردية التي كان يظهر أحد جوانبها في كل عمل لي. فرواية ¢ذاكرة التيه¢ قدمت بضمير المتكلم رحلة فتاة بحثا عن الذات وعن الحب. أي أنها رواية ذات واحدة يراها المتلقي ¢ظاهرها وباطنها¢ إلي أبعد الأغوار. في حين تُنبت شجرة اللبخ عشرة شخصيات متباينة في تركيباتها الذهنية والنفسية والانفعالية. وتتعمق بأغوار ذواتهم. تدور الرواية في زمن الاحتلال الإنجليزي فما سر تناولك تلك الفترة الزمنية. تحديدا؟ وكيف تسني لك الحديث عنه بإحاطة كأنك كنت هناك؟ المعايشة ترجع لكثرة قراءاتي. فقد كان فضولًا معرفيًا بعيدا عن الكتابة استهدف بحث الخلافات الفكرية التي حيرتني حول دور النخبة في النهضة. ومعوقات الحداثة لدينا خاصة لتميز هذه المرحلة بالجدية. ويكفي النظر لعناوين كتبها المعبرة عن قضاياها ككتاب: تحرير المرأة. الإسلام وأصول الحكم » وقد شغفت بهذه الحقبة. لكن بعد فترة وجدت شغفي يوقعني في شِباك ¢شجرة اللبخ¢. لا أعرف من أين أتت هذه الشخصيات واستولت عليّ؟ لا أعرف كيف نجحت في أن تفرض عليّ انتماها لهذا العصر دون سواه؟ لكن يبدو أنه كان صادقا من قال: في الأدب يمكنك أن تسأل كيف؟ أين؟ متي؟ لكن يستحيل أن تسأل لماذا؟ وكيف طوعتي اللغة لذلك الغرض؟ أما عن شغف لغة تلك الحقبة. فلأنها عامية أغلبها فصيح. كما تجمع من لغات عدة: كالتركية والانجليزية واليونانية. بالإضافة لامتلاكها بلاغة مذهلة. ومن جهة أخري مثّلت هذه العامية ثورة علي التعقيد والحذلقة. وأعلت من جوهر اللغة كمساحة تواصل. ولفتتني البلاغة. بالأخص. في النصوص المسرحية التي أغلبها مقتبسًا من نصوص غربية. عدا أن إجادة تمصيرها أتت من الاعتماد علي هذه العامية القريبة جدا من المصري الراغب في التحرر بذلك الوقت. وبصرف النظر عن الزمن أشعر بارتياح لكون شخصيات شجرة اللبخ تنتمي أساسا للمشترك الإنساني العام بحلوه ومره وما بينهما: ¢حقيقية. من لحم ودم: تقييمك للجوائز الأدبية وخاصة جوائز الرواية المتنوعة وقيمتها في دفع الكاتب والابداع بشكل عام خطوات للأمام؟ الجائزة دعم معنوي هائل للمبدع. وبعضها يمثل دعماً مادياً كذلك. في بلد أغلب مبدعيه يقتاتون من رواتب الحكومة لاغير. ولا يُدعمون بمنح تفرغ.. إلخ. ولهذا يكون مؤلماً أن يُحرم من الجائزة مُستحِق. فإعاقة المبدع خسارة للقارئ قبل أي شيء. ولهذا يكثر الكلام حول استحقاقها من عدمه. لكون بلادنا نادرًا ما تتبع منظومة معايير بأي مجال. ما بالك بالمجال الذي تتسم معاييره بالوعورة حتي بأكثر الظروف نزاهة. خاصة كون الجوائز تصدرعن مؤسسات لها هيكلها التنظيمي الذي لا يحاسبه أحد علي اختيار لجان تحكيم معينة دون غيرها: حال النقد الآن هل تجاوز الإبداع أم تجاوزه الإبداع ونصيب أعمالك من التقييم النقدي؟ حالة النقد تتميز بالتنوع. في العادة. بين الأكاديمي والانطباعي. الصحفي أو شبه الصحفي وبينهما تدرجات أقرب لهذا أو ذاك. ويظل لكل نوع دوره وقيمته ومكانه. لكن المشكلة تحدث عندما تكون المطبوعات الأدبية: قليلة وغير جذابة للقارئ بالقدر الكافي. والمتاح للأدب صفحة ببعض الجرائد السياسية بالأساس. وبالتالي ينتمي للصحفي أكثر منه للأدبي فيتحكم فيه قلة من الصحفيين ¢وفقا لخارطة الشللية الأدبية والتوازنات السياسية¢ يقل بينهم المجيدون. وبالنسبة لأعمالي فيكفيني الارتياح لكون من كتبوا عنها. بصرف النظر عن عددهم. مشهود لأقلامهم بالبراعة والنزاهة المهنية. ويكفي أن أقول أنني عرفت بصدور ¢ذاكرة التيه¢ من مقال منشور بأخبار الأدب. يكفيني أن أسماء لها مكانتها وتقديرها كتبت عن كل كتاب و قامات عربية كبيرة كتبت عن أعمالي كتابة لا تشوبها أدني معرفة شخصية أو مصلحة. اسمح لي أحيي هؤلاء. يلاحظ مرواحتك بين كتابة القصة والرواية ما هو الفيصل في اتجاهك لأي منهما؟ في القصة ثمة لعبة معقدة. محيرة وممتعة. لا تضاهيها أية متعة أخري. إنها خلطة صغيرة جدا تمزج فيها عناصر كثيرة معًا. بمعايير مختلفة في كل مرة. بحيث تنتج مكونًا لا يشبه أيًا من مكوناته المفردة. كما لا يشبه أي منتج بمكان آخر ¢لأي كاتب آخر¢. وعندما تصل.. تقفز فرحًا كأنك بهذه السطور القليلة قد طلت قطعة من السماء» أما الرواية فتبدو أولا حانية كأنها الصحبة والدفء. عالم رحب وثري يغريك ويغرقك فتبدأ. فيستدرجك شيئًا فشيئًا. ثم يكشف عن وجهه الحقيقي فيجرفك بقسوة. ثم يكشِّر عن أنيابه فتظل تلهث وراءه ولا يمكنك التوقف إلا مع نقطة النهاية. وأحيانا بعدها. كأن تصبح عليلًا. مسكونًا بإحدي شخصياتك» وبالنسبة لي فالقصة تأتي كلمحات عابرة. ثم تشتبك بأصداء أخري حتي أجد نفسي مرغمة علي الجلوس لكتابتها. أتصور أن الرواية تحتاج تفرغًا فهي كالحب لا تقبل شريكًا. ويحتاج قرار كتابتها ¢كعمل مضني¢ لظروف يصعب توفرها مرات كثيرة. وأصارحك: ما من فيصل حاسم في اتجاهي لهذه أو تلك. فقط موازنة الاشتياق مع القدرة أو اللجوء للمخيلة حيث تستمتع بكتابة بدلًا من الرواية عشرًا. بعيدا عن هموم النشر.