لويس جرجس ونحن نتذكر الأب جورج قنواتي هذا الأسبوع وفي وسط ما تموج به المنطقة من تطرف وشذوذ فكري يعلي قيم التفرقة بدلا من التوحد يجدر بنا أن نرجع إلي ما تركه لنا هذا المفكر المصري من مبادئ مشتركة أجاب بها في كتابه "المسيحية والحضارة العربية" عن سؤال كيف استطاع المسيحيون أن يعيشوا في إطار الحضارة العربية الإسلامية دون شعور بالغربة؟ بل كانوا من العناصر الفعالة في بنائها ورقيها. يقدم الأب قنواتي في هذا السياق الأسس المشتركة بين الديانتين المسيحية والإسلامية ومواطن الالتقاء في ميادين الحياة تلك التي ربطت الحسد العربي الواحد علي مدي 1400 عام وهي: 1- إله واحد خالق كل شيء: هناك أولاً وأساساً الاعتقاد بإله واحد خالق السموات والأرض وكل ما يري وما لا يري ويعتقد المسلمون والمسيحيون أن وجود الله يثبته العقل ويؤكده الوحي فقد أقام علماء الدين المسيحيون والمسلمون براهين شتي مختلفة ولكنها متشابهة لاثبات وجود الله وتحض الكتب المقدسة علي التأمل والاعتبار في آيات الله الكونية والنفسية فهناك تشابه كبير- رغم الفوارق- بين علم التوحيد المسيحي وعلم التوحيد الإسلامي. 2- الله واحد حي قيوم: اعتقد المسيحيون واليهود من قبلهم بإله واحد قيوم وامتلأت كتبهم بالنصوص التي تشهد لهذا وهم يقرون بالأمر في قانون الإيمان "نؤمن بإله واحد" والسيد المسيح ذكرهم بأن أول الوصايا وأعظمها هي "أحب الرب إلهكم بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك وكل ذهنك" "لوقا 10 : 27" وهو ما يطابق إيمان المسلمين بأن الله أحد الله الصمد ولهذا عندما يرنم المسيحيون مع صاحب المزامير من إله غير الرب من صخرة سوي إلهنا "المزامير 23 : 71" يظهرون مثل إخوانهم المسلمين الذين يشهدون "أن لا إله إلا الله". 3- الله خالق السموات والأرض الله هو الحي ولهذا تجلي لنا من خلقه "خلق في البدء السموات والأرض "التكوين 1 : 1" هو "بديع السماوات والأرض" "قرآن 117:2" 4- الله محب البشر: الله هو الأكرم اللطيف الخبير الولي المهيمن: "رأي الرب جميع بني البشر. من مقر جلوسه. راقب سكان الأرض أجمعين. هو جابل قلوبهم جميعا وعالم بأعمالهم كلها" "مزامير 32 : 13 - 15" وإننا نجد نفس الأسماء تستعمل في القرآن لتودي نفس المعني مثل: "إن الله كان علي كل شيء حسيبا" "4: 86" وإنه "أحصي كل شيء عددا" "72- 28". 5- الله ذو الغفران والرحمة ورد في القرآن مئات المرات إن الله رحيم غفور وأنه كتب علي نفسه الرحمة وأن عنده خزائن الرحمة إنه الرحمن الرحيم. وأرحم الراحمين وإننا نجد نفس المعني ونفس التعبير في العهدين القديم والجديد فورد مثلاً في سفر الخروج "214- 6 : 7" إنه "إله رحيم. رؤوف. طويل الأناة. كثير المراحم الوفاء. يحفظ الرحمة لألوف ويغفر الذنب والمعصية والخطيئة". 6- أنبياء يرسلهم الله: من أهم المعاني المشتركة بين المسيحيين والمسلمين الاعتقاد بأن الله لم يترك الإنسانية إلي حالها بل إن الله كلم البشر عبر التاريخ في الأنبياء كلاماً متفرق الأجزاء مختلف الأنواع "العبرانيين 1: 10" وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء "قرآن 42: 50:51" فالمسيحيون والمسلمون علي السواء يسمون ربراهيم خليل الله وسيدنا موسي كليم الله فيتخذون من حياتهما أسوة حسنة ومثالاً أعلي لإيمانهم وطاعتهم. 7- الإنسان والعبادة: يحاول المسيحيون والمسلمون كل حسب مذهبه أن يكونوا خاضعين لمشيئة الله وأحكامه الخفية فالمسيحيون يقولون كما يؤكد المسلمون أنه لا خلاص للإنسان إلا بالإيمان ويقر المسيحيون والمسلمون أن أعمال الإنسان كلها هي طاعة الله.