لويس جرجس تمر هذا الاسبوع "28 يناير" ذكري رحيل الفيلسوف المصري الأب الدومنيكاني جورج قنواتي "1905 - 1994" الذي حصل علي دكتوراه في الصيدلة وأخري في اللاهوت وثالثة في الفلسفة إنه الراهب العالم الباحث عن سر المصالحة بين العالمين العربي والاسلامي منشء جماعة الإخاء الديني في القاهرة وصف ب"حلقة الوصل بين الفلسفة المسيحية ونظريتها الإسلامية" و"جسر اللقاء والتواصل بين الفاتيكان والعالم الاسلامي". ولد جورج شحاته قنواتي بالإسكندرية في 6 يونيو 1905 وحصل علي شهادة البكالوريا من مدارس الفرير "إخوة المدارس المسيحية" وشهادة الصيدلة من جامعة الاباء اليسوعيين ثم درس الكيمياء بجامعة ليون في فرنسا انخرط في سلك الرهبنة الدومنيكية بفرنسا واستكمل في ذات الوقت دراسة الفلسفة واللاهوت وتخصص في الفلسفة الاسلامية ثم عاد إلي القاهرة إبان الحرب العالمية الثانية "1941" حيث انكب علي التأليف والبحث في معهد الدراسات الشرقية الذي أسسه في العباسية بالقاهرة بالشراكة مع الأبوين الدومنيكيين جومية وبوركيه. وجه الأب قنواتي القسط الأكبر من اهتمامه طوال نصف قرن تقريبا إلي دراسة تراث العرب الفلسفي والعلمي واللاهوتي وتتبع بدقة أثره في الحضارة الغربية إبان القرون الوسطي وفي عهد النهضة وموجب تخصصه في الدراسات العلمية خصوصا الكيميائية والصيدلية من جهة والفلسفية من جهة أخري أتيح له الاطلاع علي مصادر عدة من التراث العربي. قال عنه تلميذه استاذ الفلسفة الراحل د. عاطف العراقي "توفي في فبراير 2012" من المؤسف أن أكثرنا يكتب عن موضوع الحوار بين الثقافات تارة وموضوع السلام بين الأديان تارة أخري دون أن يضع في اعتباره الاهتمام الضخم بهذه القضية من جانب الأب قنواتي طوال أكبر من نصف قرن من الزمان. وينقل العراقي عن بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني قوله "الأب قنواتي من خلال أقواله وأعماله الرائدة كان خير سفير فكري لمصر في زياراته لأكثر بلدان العالم شرقا وغربا وكان لا يكل ولا يمل من إعلان أن التسامح الديني هو جوهر حقوق الإنسان. ويقول الكاتب إميل أمين في عدة مقالات له عن جورج قنواتي كتب الأب قنواتي آلاف الصفحات كان شغله الشاغل من خلالها إرساء لغة الحوار في المجال الإنساني عن طريق الثقافات والأديان وبالرجوع إلي مؤلفاته ودراساته العديدة تتجسد هذه الحقيقية ومنها علي سبيل المثال "المسيحية والحضارة العربية" و"المسيحيون في مصر" و "فلسفة ابن رشد" التي تميز فيها تميزا واضحا و "في صحة ايمان ابن رشد في ضوء الجدال بين فرح أنطون والشيخ محمد عبده" و"تاريخ الصيدلة والعقاقير في العصر القديم والعهد الوسيط". اهتم الأب قنواتي اهتماما كبيرا بالحوار المسيحي الإسلامي حتي عينه الفاتيكان مستشارا لهذا الحوار في السكرتارية الخاصة بالمؤمنين غير المسيحيين فاشترك في المجتمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي عقد في روما بين عامي 1960- 1964 وألقي العديد من المحاضرات في روما وفي مدن أخري لتنشيط الحوار بين الأديان والثقافات كما أعد المواد الخاصة بالمسيحية في دائرة المعارف الشاملة التي أخرجها المؤرخ محمد شفيق غربال وشارك في حلقات دراسية عديدة للتقارب بين الأديان والكنائس. ونعود للاقتباس من عاطف العراقي الذي يلخص حياة الأب قنواتي بهذه الكلمات "آمن الرجل بربه وبوطنه. أحب الإنسانية. وكل الأديان حبا جما إنه ابن بار من أبناء مصر والإنسانية يجب عليها الاعتراف بأفضاله علينا أرجو أن تجد دعوته لتأكيد قيم التسامح والتعاون والحوار بين الشعوب صدي في نفوس وعقول كل أفراد البشرية والإنسانية في كل زمان ومكان.