بعض الظواهر والازمات والمشكلات لا تحتاج الي اعتمادات مالية للتصدي لها ولكن الي ادارة وقرارات تحقق مصالح الناس وتنهي الشكاوي والصراخ والألم والمرارة. أسعار الدواء في السوق المصري وبخاصة الدواء المستورد من القنوات الشرعية هل يحتاج إلي اعتمادات مالية ضخمة لاصدار قرار واضح وحاسم بتحديد هامش الربح في كل الأدوية المستوردة بعد هذا الانفلات في اسعارها. والحديث عن الدواء المستورد من خلال القنوات الشرعية وشركات معروفة وصيدليات للتوزيع وليس عن الدواء المهرب الذي انتشر في كل صيدليات مصر. ولا توجد رقابة من اي نوع لاعلي سعر الدواء المستورد ولا ملاحقة للمهرب رغم اضراره بالصحة للمرضي ولكن المريض واسرته يتعلقون بأي أمل للشفاء. هل لدينا إدارة للصيدلة في وزارة الصحة. وهل هناك اي دور لوزارة الصحة في التعامل مع الدواء المستورد من خلال القنوات الشرعية وماذا فعلت مع ظاهرة الدواء المهرب الذي يباع علنا في الصيدليات بدون اي نوع من المراجعة أو المساءلة. واذا كانت شركات الدواء المحلية من قطاع الأعمال العام والخاص تطرح منتجاتها علي قدر استطاعتها والتراخيص الممنوحة لها. فإن أسعار الأدوية المحلية أيضاً تواجه انفلاتا في الأسعار داخل الصيدليات وليس غريبا ان تجد علي كل علبة دواء محلي أكثر من ثلاثة أو أربعة أسعار بعضها مطبوع والآخر بشريط لاصق والأخير بالقلم الجاف وهي ظاهرة ليس لها مثيل في اي بلد بالعالم. كل هذا لايحتاج إلا إلي قرار إداري ولجان من الوزارة ترعي الله والوطن وتحافظ علي حقوق المرضي أمام جشع وتوحش تجارة الدواء في السوق المصري. ويحدث أيضاً كوارث أخري ان يتم تداول دواء مستورد منسوبا لشركة اجنبية وهي لا تعلم عنه شيئاً وهذه أخطر الكوارث التي تضر بالمرضي والاقتصاد. وقد شعرت بالانزعاج والقلق في آن واحد علي صناعة الدواء في بلدي بعد تحذير ارسلته سفارة الهند بالقاهرة الي الصحف وأجهزة الإعلام تقول فيه مايلي:- إن بعض العناصر التي لا ضمير لها تقوم ببيع عقار السوفالدي في السوق المصري بدعوي انها من الشركات الاصلية المنتجة للدواء وتزعم ان المنتج يتم صنعه في الهند. وأوضحت السفارة ان في الهند سبع شركات فقط هي التي حصلت علي ترخيص من شركة جيليد لتصنيع عقار السوفالدي وهذه الشركات لا يزال انتاجها من السوفالدي في مراحل البحث والتطوير ولم يبدأ الانتاج الفعلي حتي الآن. وأشارت السفارة إلي ان من ينسب الي الشركات الهندية اي عقار مطروح بالسوق المصري يعرض نفسه للمساءلة القانونية لأنه يقوم بعمل غير شرعي بل إجرامي. صدر التحذير من سفارة الهند حول دواء لعلاج مرضي الكبد ولم يتحرك أحد لضبط الجناة ولم نعرف والرأي العام من المجرم الذي ارتكب هذه الجريمة ومن هي الشركة واصحابها التي تلعب في صحة وأرواح المصريين. هذا مجرد نموذج علي الانفلات في تصنيع وتجارة الدواء وهو علاوة علي الاضرار بالمرضي يلحق ضرراً بالغا بسمعة الدواء المصري والذي كان مطلوبا في اسواق عديدة. يحدث هذا لعدم وجود إدارة صحية أو متابعة لمثل هذه الجرائم بحق المرضي وشركات الدواء الملتزمة. المتابعة ليست تفقد أبواب المستشفيات وزيارة عنابر المرضي التي يتم اعدادها وترتيبها مسبقاً انتظارا لزيارات قادمة. الخدمات الصحية تشهد تدهوراً. وكل هذا يرجع الي عدم وجود إدارة قوية حازمة. الأمر لا يتعلق بالموارد المطلوبة لصيانة المستشفيات أو حوافز الفريق الطبي فقط. ولكن الدواء بلا رقابة ولا متابعة وهذا الخطر الأكبر علي المرضي ولا نتحدث هنا عن انفلات أسعار الأدوية المحلية والمستوردة والمهربة والتي تفوق اسعارها غالبية دخول المصريين. ولكن أليس من حق المريض المصري الحصول علي دواء جيد وغير منتهي الصلاحية وبعيداً عن الغش والجشع والتدليس الذي يسود قطاع الدواء والصيدليات. المنظومة الصحية كلها تعاني الفريق الطبي والمستشفيات ونقص الدواء والعلاج لعدم وجود اي إدارة حتي الآن. ولكن حتي في ظل انفلات أسعار الدواء لغالبية المصريين لا يوجد الدواء السليم المطابق للمواصفات الذي يسعي إليه المريض حتي ولو باع اثاث بيته طلبا للشفاء. قضية الدواء في مصر تحتاج الي إدارة نفقدها في الصحة وربما في اغلب مجالات الحياة وهنا تكمن ازمتنا الحقيقية.