في تجمع حضاري غير مسبوق.. أنهي مؤتمر "الجمهورية.. ضد الإرهاب" أعماله بعد يومين حافلين بالندوات واللقاءات ثم التوصيات التي لو أخذ البعض منها بعين الاعتبار والتنفيذ فسوف يكون لها مردوداً إيجابياً كبيراً علي المجتمع المصري بكل طوائفه وفئاته بلا استثناء. وقد كان لحضور السيد رئيس الوزراء ومعظم الوزراء ورعاية السيد رئيس الجمهورية للمؤتمر أكبر الأثر في إنجاحه وخروجه بالشكل الذي يليق بتلك المؤسسة الصحفية العريقة التي ولدت مع ميلاد ثورة 23 يوليو .1952 كذلك فقد كان هناك كوكبة من أهل السياسة والأمن والثقافة والدين والفن والتعليم.. بالإضافة إلي العديد من المفكرين والباحثين العرب ومن أبرزهم المفكر الإماراتي الكبير الدكتور جمال سند السويدي مدير مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وأحد رجالات تطوير التعليم بها.. والذي كان محل اهتمام واحترام من جميع الحاضرين نظرا لمكانته العلمية والثقافية.. وقد شارك الرجل في مؤتمر بأحدث إصداراته وهو كتاب بعنوان "السراب" يتناول فيه فكرة السراب السياسي الذي يترتب علي الوهم الذي تسوقه الجماعات الدينية السياسية لاستغلال الدين كوسيلة لتحقيق مصالح شخصية وسياسية وتحتكر تفسير الدين وتروج لمفاهيم غير منطقية لتطبيقها في العصر الحديث مثل الخلافة والبيعة.. بل إلي تكفير مخالفي الرأي وقتلهم إذا لزم الأمر. وهو ما يتنافي مع تعاليم الدين الإسلامي السمحة المعتدلة.. فهو كتاب أري ضرورة إفراد مقال مستقل له بإذن الله. وقد خرجت المحاور التي انقسم إليها المؤتمر بالعديد من التوصيات المهمة والجادة التي أتمني أن يؤخذ بها.. أو علي الأقل ببعضها لتحقيق الهدف الذي من أجله أقيم هذا المؤتمر وتحمل القائمون عليه الكثير من المشاق والمتاعب ولكنها المسئولية التي تحملوها بكل جهد وإخلاص. كان من أبرز تلك التوصيات علي الجانب السياسي ضرورة استمرار التحرك دوليا لكشف حقيقة الجماعات الإرهابية التي كان الغرب يدعمها للوصول إلي الحكم لتحقيق مآرب باتت معروفة للجميع. والسعي إلي تجفيف منابع الإرهاب خارج الحدود تمويلا وتسليحا وتدريبا واستضافة.. ودينيا.. فقد تم التأكيد علي ضرورة تطوير الخطاب الديني بما يتناسب مع طبيعة المرحلة واختلاف أيدولوجيات الجماعات الإرهابية وسائلهم. والاهتمام بالتواصل مع الشباب لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تحاول تلك الجماعات ترويجها بينهم للتأثير والسيطرة عليهم.. واقتصاديا.. فقد أوصي المؤتمر بضرورة تقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين ودعم صناعة الدواء.. أما محور الشباب والتعليم.. فقد أكد علي أهمية الحفاظ علي الهوية المصرية والاهتمام بدور الشباب في المرحلة الحالية وضرورة مشاركتهم في الحياة السياسية والبرلمانية والاهتمام بتطوير مناهج تعليم لتتواكب مع الرؤية المستقبلية للدولة.. وجاء المحور الفني والثقافي.. ليؤكد علي ضرورة زيادة الدعم للثقافة والاهتمام بالمناطق النائية وعودة الدولة لرعاية الإنتاج الفني وفتح المتاحف والمزارات الفنية والثقافية والأثرية لطلبة المدارس والجامعات. وأخيرا جاء المحور الأمني ليؤكد المشاركون فيه علي أن الأمن وحده برغم كل النجاحات التي يحققها يوميا يحتاج إلي تضافر جهود كافة المؤسسات العاملة في الدولة وعلي رأسها الأزهر الشريف والأوقاف لتحقيق الهدف الذي يسعي الجميع لتحقيقه وهو القضاء علي الإرهاب واجتثاثه من جذوره لتعود مصر آمنة مستقرة.. وقد أكد وزير الداخلية علي ذلك في كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر. جاءت إذن جميع المحاور بتصورات ورؤي إيجابية وبناءة وقابلة للتنفيذ.. هدفها مواجهة الإرهاب أمنيا وفكريا ودينيا وثقافيا وسياسيا واجتماعيا وتعليميا ولتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة ومعالجة أسباب الفقر وتفشي ظاهرة البطالة والأمية وهي أسباب تؤدي بالضرورة إلي تفشي ظاهرة الإرهاب والانفلات الأمني. تحية خالصة لكل من ساهم في نجاح هذا المؤتمر.. ولمن اتخذ قرار إقامته وتحمل أعباء إدارته والتحديات التي واجهها حتي يخرج به إلي بر الأمان ويحقق من خلاله تلك النجاحات المبهرة وتخرج منه تلك التوصيات المثمرة التي أدعو الله تعالي أن تؤخذ بعين الاعتبار وأن تري سبيلا إلي تنفيذها في القريب العاجل بإذن الله.