من حق كل الإعلاميين كما من حق كل أصحاب الرأي أن ينتقدوا أوضاعاً يرونها سيئة في الأزهر بهدف الإصلاح والتغيير والتحول للأفضل.. لكن من المزعج جداً أن يتحول النقد إلي حملة تؤدي في النهاية إلي تلويث سمعة الأزهر وإضعاف الثقة به فهذا يحقق أهداف الجماعات المتطرفة التي لعبت علي وتر إفساد العلاقة بين جماهير المسلمين وبين الأزهر وعلمائه لكي ينفذوا بأفكارهم المسمومة إلي عقول الناس وقلوبهم. بالتأكيد.. النقد البناء للأزهر مفيد ومباح ومشروع.. لكن هجوم بعض الإعلاميين في الفضائيات والمواقع الخبرية غير مفيد بل يأتي بنتائج سيئة فكثير من المهاجون للأزهر لا يعرفون شخصية الطيب ولا يدركون طريقة اقناعه بأن بعض معاونيه يحتاجون إلي اعادة نظر وأن اسلوب العمل في المشيخة يحتاج إلي روح إسلامية بعيداً عن المناخ السائد الآن والذي ينفر كل من يزور المشيخة للقاء أحد علمائها. *** من حقنا أن ننتقد الأزهر بهدف الإصلاح والتغيير دون أن نعطي الفرصة للعقول والأيادي العابثة والآئمة لكي تلعب في سمعة الأزهر ومكانة علمائه لتثير القلق والاضطراب بين المنتسبين إليه والعاملين به.. فالإعلام الحر لا يلقي الغبار علي كل ما هو جميل ومشرف وعريق ومبهر في مصر. والأزهر أكبر كيان إسلامي في العالم يعتز به المسلمون ويقدره ويحترمه غير المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. بالتأكيد.. لدينا نحن الإعلاميين ملاحظات علي بعض قيادات الأزهر ونري ضرورة التخلص منها حرصاً علي اسم الأزهر ومكانته وتاريخه وصورته.. وعلينا أن نحسن تقديم النصيحة لشيخه دون أن تتحول "النصيحة" إلي "فضيحة".. فشيخ الأزهر زاهد في منصبة ومستعد للتضحية به لو حاولت جهة ما فرض شيء عليه وهذا الأمر يجب أن يعلمه الجميع. لا ينبغي أن يتورط أحد من زملائنا الإعلاميين في الإساءة للأزهر حتي ولو كانوا يرون أن استمرار بعض قياداته في مناصبهم لا يحقق الإصلاح الذي يستهدفونه فالتغيير يحتاج إلي حكمة والهجوم العنيف الذي يمارسونه الآن يؤدي إلي العناد وهنا لن يتحقق الإصلاح ولا التغيير الذي نسعي إليه. *** لابد أن نعترف أن شيخ الأزهر استطاع خلال السنوات الماضية أن يجمع المصريين باستثناء عناصر الجماعة الشاردة حول الأزهر فذهب المثقفون والمبدعون ومن يطلقون عليهم القوي السياسية والوطنية إلي الأزهر وتحاوروا مع شيخه وخرجوا بانطباعات جيدة عنه واشادوا بجهوده في محاولة جمع شتات المصريين في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد. ولابد أن نشهد لشيخ الأزهر أيضا أنه استطاع ان يستعيد ثقة إخواننا العرب في الأزهر وأن يحقق له مكاسب بشكل كريم وما تقدمه السعودية والإمارات من دعم مادي لمنشآت الأزهر وطلابه خير شاهد علي ذلك وآخر هذه المكاسب تبرع العاهل السعودي الملك عبدالله بإقامة أكبر مدينة سكنية وثقافية لطلاب البعوث الإسلامية بالأزهر.. يحسب لشيخ الأزهر أنه فرض احترام الأزهر ككيان علمي وسطي علي قادة الدول العربية وشعوبها.. كما تحسنت كثيراً صورة الأزهر في نظر قادة الدول الغربية خلال السنوات الأخيرة والدليل علي ذلك توافد كبار المسئولين في هذه الدول وحرصهم علي زيارة شيخ الأزهر. كل هذا يفرض علينا نحن الإعلاميين أن نعالج ما نراه سلبياً في الأزهر بهدوء وحكمة بعيداً عن النقد الجارح والتشويه العشوائي للأزهر ورموزه. لا ينبغي أبداً أن نعطي الفرصة لاصحاب النوايا السيئة لكي ينالوا من الأزهر وعلمائه استناداً إلي أن بعض مساعدي الشيخ لديهم ميول إخوانية فشيخ الأزهر لا يريد أن يتخذ قرارات إقصائية للعناصر الإخوانية ويرسخ مبدأ "الحكم علي الشخص من سلوكه وأعماله وليس من قناعاته". من هنا يجب احترام رؤية شيخ الأزهر ومحاولة اقناعه بضرورة التغيير باسلوب آخر أفضل من الهجوم الكاسح الذي شاهدناه خلال الأيام الماضية واجبنا أن ندعم كل صور كفاح الأزهر الوطني ضد ظلم الحكام وجبروتهم وأن يستعيد دوره في تشكيل وجدان المصريين ولن يحدث هذا إلا بالنقد البناء وتقديم النصيحة لشيخه بعيداً عن اسلوب الفضايح الذي يستخدمه البعض الآن وجبنا أن نضاعف من صور التلاحم الشعبي المصري والعربي والإسلامي مع الأزهر. *** منذ فترة سألت أحد اعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر عن مدي استعدادهم لاختيار شيخ جديد للأزهر في حالة ما إذا ضاق الدكتور الطيب بمحاولات النيل منه وطلب إعفاءه من منصبه فغضب العالم الكبير وقال: لا يوجد أدني تفكير في ذلك فالأزهر حصل علي قدر كبير من الاستقلال بعد الثورة ولن يعود إلي الوراء ولن يقبل علماء الأزهر وهم الآن أصحاب القرار في التغيير وفق القانون والدستور أن يختاروا شيخاً علي هوي البعض وكل كبار العلماء متمسكون بالطيب وكل محاولة لتشويه صورته والنيل منه تواجه بإصرار علي بقائه.