توجه إلي مقر جريدة الجمهورية بعد أن فرغ منه الصبر. واشتدت معاناته بسبب حساسية الصدر. وكان رجلا في أواسط العمر. جاء من منطقة دار السلام بالقاهرة يشكو من محل للكباب أسفل شقته تتصاعد منه الأدخنة والأبخرة التي تقصف العمر. وحولت حياته إلي عذاب مستمر. طلب القارئ من المسئولين بالمحافظة التدخل لحل مشكلته وتنفيد شروط الأمن الصناعي. وتركيب مدخنة ترفع العوادم إلي أعلي العمارة. نشرت شكوي المواطن علي معتمد مع الناس سنة 1994 أو .1995 وكانت المطربة الراحلة فايزة أحمد تشكو من الرائحة النفاذة التي تصل اليها من أحد مطاعم الطعمية فتؤذي صدرها وصوتها جاءت من سوريا إلي القاهرة سنة 1954 وحصلت علي الجنسية المصرية 1965. وأمتدت شهرتها بعد ان لحن لها محمد الموجي: أنا قلبي اليك ميال ويا أما القمر علي الباب. ودار السلام تبع حي البساتين ودار السلام من احياء جنوبالقاهرة ظهر العمران بها خلال ستينيات القرن العشرين وفي بداية السبعينات كانت عبارة عن شارع واحد جزيرة دار السلام. تتفرع منه بعض الشوارع الصغيرة. وامتد العمران ليشمل المنطقة كلها الممتدة بين الكورنيش وحلوان الزراعي وبعد ذلك شرق خط مترو الأنفاق "منطقة الملأة" وتعد من أكثر مناطق القاهرة ازدحاما "نصف مليون نسمة" ويطلق عليها البعض الصين الشعبية وكانت قرية صغيرة منذ ستة قرون تقريبا بين الفسطاط "مصر القديمة" والمعادي يعمل أهلها بالزراعة والصيد. حملت العاصمة العراقية بغداد نفس الاسم من قبل وكذلك زوراء. والمدورة ومدينة السلام والنور والرشيد أسسها الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور 762م علي موقع قرية قديمة اسمها بغداد ترجع إلي عصر حمورابي ومعناها باللغة البابلية الحديقة أو البستان. وكانت بغداد عاصمة العلم والمعرفة آنذاك. ودار السلام في الأصل من أسماء الجنة وفي الذكر الحكيم: "لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون" "الأنعام 127" سميت كذلك لأنها الأمان والسلامة. والسلام من أسماء الله الحسني ومن أسماء الجنة أيضا: الخلد والنعيم وعدن والفردوس ورضوان هو خازنتها. ويروي ان رجلا فقيرا وقف علي باب محل للكبار يأكل رغيفا بغير إدام "غموس" ورآه صاحب المحل البخيل فطلب منه دفع ثمن رائحة الشواء فأخرج الرجل الفقير قطعة نقود معدنية من جيبه وألقاها أمام صاحب المحل علي الرخام ثم أخذها وقال له رنين قطعة النقود مقابل رائحة الشواء وذات مرة وضع صاحب محل كباب لافتة تقول "الأكل غدا بالمجان" وجاء المشتاقون في اليوم التالي ووجدوا نفس اللافتة وعلموا أن الغد لن يأتي. يقول عمر الخيام في رباعياته التي ترجمها أحمد رامي عن الفارسية. غد يظهر الغيب واليوم لي وكم يخيب الظن بالمقبل والكباب وجبة شهيرة يصنع من اللحم الجيد المفروم مع الدهن والتوابل. تشوي علي الفحم وغيره في أسياخ. منها الكباب المصري والتركي والسوري والعراقي والايراني والهندي. وهي كلمة اختلف الناس في معناها يقول البعض أنها آرامية "سورية قديمة" معناها "اللحم المشوي" والبعض يقول "أنها عربية أو فارسية" ويري البعض ان وجود الكباب أفضل كثيرا من البحث عن معناه. وكان الشاعر الأديب عبدالرحمن الخميسي اذا أفلس ذهب الي حديقة شعراوي صاحب محل الكباب يشتري منه الكباب علي الحساب وهو صاحب المقولة الشهيرة: "قضيت حياتي أدافع عن فيشاري ولم أعزف عليها".