تشبه الفاكهة التي تحبها وتنتظرها من العام للعام.. هي فنانة من طراز خاص صنعت نجوميتها بالعرق والجهد والكفاح.. كوكتيل من الموهبة.. بسيطة جداً لا تخطفها النجومية ببريقها ولا تعيش في برج عالِ ودائماً ما تشغلها هموم المواطن البسيط.. في رمضان الماضي قدمت لنا شخصية الملكة خوشيار والدة الخديو إسماعيل وحالياً تستكمل تصوير الجزء الثاني من مسلسل سرايا عابدين.. في هذا الحوار تكشف لنا يسرا كواليس رئاستها للجنة تحكيم مهرجان القاهرة وصراع السياسة والفن فكانت هذه السطور. * ما تقييمك للدورة رقم 36 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي خاصة أنك رئيس لجنة التحكيم للمسابقة الدولية؟ ** أنا سعيدة بنجاح هذه الدورة ورفع اسم مصر عاليا خاصة أن هذه الدورة جاءت بعد توقف المهرجان عامين وكان هذا يمثل تهديد وسحب الشرعية الدولية منه إذا لم تقم هذه الدورة وأيضاً هناك من يسعي في منطقة الشرق الأوسط للفوز بمكانة مصر بالقائمة الدولية. ونحن لدينا تاريخ فني كبير وتعتبر مصر هي هوليود الشرق وأم السينما العربية وإذا فقدنا الشرعية الدولية سنفقد أشياء كثيرة ومعاني كثيرة لهذا كنا نعمل جميعاً من أجل الحفاظ علي هذه المكانة. * لكن كانت هناك أخطاء ظاهرة للجميع خاصة في التنظيم؟ ** نعترف بأن هناك أخطاء مثله مثل أي مهرجان في العالم وعلي سبيل المثال إذا كنت تقيم حفلاً فنياً عادياً سيكون هناك أخطاء فما بالك بمهرجان دولي وضيوف من جميع أنحاء العالم فإذا كانت هناك أخطاء في حفل الافتتاح فقط فلابد أن نتحدث عن الإيجابيات حتي نكون منصفين والتي تتمثل في الأفلام لأن نجاح أي مهرجان في العالم يكون من خلال الأفلام الجيدة التي يقدمها المهرجان والمختارة بعناية فائقة بالإضافة إلي الحضور المتميز من عشاق الفن السابع من الجمهور والنقاد والصحفيين والفنانين وكان عددهم لا يقل عن ثلاث ألاف مشاهد يومياً مما يؤكد أن الجمهور متعطش للسينما الجيدة التي تخاطب فكرة كما أن هذا العدد لم يشهده المهرجان منذ سنوات. * كان لك حضور في أكثر من دورة لمهرجان القاهرة بمختلف الرؤساء السابقين.. هل في هذه الدورة اختلاف عن الدورات السابقة؟ ** لابد أن تعلم أن مشاركتي في هذه الدورة بالنسبة لي مهمة وطنية وتشرفت بأن أكون رئيس لجنة تحكيم المسابقة الدولية مع أعضاء من مختلف أنحاء العالم وعلي قدر كبير من الأهمية. وأعتقد أن كل واحد من هؤلاء "أعضاء لجان التحكيم" سيكون سفيراً لمصر بعد عودته إلي بلاده وسيتحدث عما شاهده وتعرف عليه في مصر من أنها ستظل واحة للأمن والأمان رغم ما يحدث من بعض الفئات الضالة كما سيقومون بتصحيح الصورة السلبية التي رسمها الإعلام الغربي. وهذا ما أكده رئيس إحدي المسابقات بالمهرجان ويحمل الجنسية السوسرية لسمير فريد رئيس المهرجان بأنه أشعرهم بأنهم يعيشون في مصر بقلب القاهرة وليس فندقاً عادياً. * كان لفوز خالد أبوالنجا بجائزة أحسن ممثل قد أثارت جدلاً بسبب تصريحاته ضد الدولة والمهرجان؟ ** دعنا في البداية نتفق علي أن هذا يعد منتهي الديمقراطية ويؤكد أن لجنة التحكيم لم يؤثر أحد علي نتائجها. أما بخصوص خالد أبوالنجا فأنا ضد كل ما قاله ومختلفه معه سياسياً لكن هذا المهرجان فني وليس سياسي فلا أستطيع أن أمنع عنه جائزة هو يستحقها كما أنني لا أستطيع أن أحجر عليه.. لكنه في الوقت نفسه يؤكد للعالم كله أننا في عصر ديمقراطي 100% حتي إذا كان رأيك ضد بلدك وحكومتك التي تنظم هذا المهرجان رغم حربها ضد الإرهاب فإنها لم تتدخل لمنع فوزك بالجائزة ولابد أن يفهم الجميع ذلك بأنه يمكن أن تختلف معه سياسياً وليس فنياً وعلي سبيل المثال هناك اختلاف في وجهات النظر السياسية بينك وبين إيران ومع ذلك فاز الفيلم الإيراني بأفضل فيلم في المسابقة لأن اللغة الوحيدة التي يمكن أن يتواصل بها العالم هي الفن وليس السياسة لهذا يعتبر الفن من أقوي الأسلحة. * تصورين حالياً الجزء الثاني من مسلسل "سرايا عابدين" رغم الانتقادات التي وجهت للجزء الأول في رمضان الماضي.. فما رأيك؟ ** كنت متوقعة هذا الهجوم الذي تعرض له المسلسل قبل عرضه ولست وحدي الذي كان يتوقع ذلك بل المخرج عمرو عرفة أيضاً. وأنه بشكرهم جميعاً لأن هذا الهجوم زاد من نسبة المشاهدة ولا أستطيع أن أوصف لك مدي نجاح المسلسل خاصة في المنطقة العربية. ولم يكن في الحسبان أثناء التصوير أننا سنعرض المسلسل في رمضان بل كان سيتم عرض المسلسل كل 12 حلقة لكن بعد مشاهدة العمل فكرنا في عرضه برمضان. وعند إعادة عرضه مرة أخري سيتم عرض كل 12 حلقة. * هل هذا يعني عدم عرض هذا الجزء في رمضان القادم؟ ** لا هذا الجزء لن يعرض في رمضان القادم وأحب أن أقول إن هذا العمل يعد أضخم مسلسل تم إنتاجه في المنطقة العربية بالإضافة إلي أن المسلسل جمع فناني الوطن العربي. * قلت إنك كنت تتوقعين الهجوم علي المسلسل.. لماذا؟ ** كنت أعلم جيداً أنا والمخرج أننا سنتعرض للهجوم وأن هناك من سيقول إن المسلسل به أخطاء تاريخية والبعض الآخر سيقارنه بالمسلسل التركي حريم السلطان رغم أن هذه المقارنة تعد في صالحنا لكن لم يلتفت أحد إلي أننا كتبنا علي التتر أن هذا العمل مستوحاه من التاريخ بما يعني أننا لا نتكلم عن عمل تاريخي. لأنك ببساطة لا تعرف كيف كانت علاقة الخديوي بالحريم والجواري. لا توجد مراجع تاريخية لعلاقته النسائية الحقيقية.. مثلاً هناك أربع أو خمس كتب عن حياة الخديوي إسماعيل فمن الممكن أن تجد كتباً بها سلبيات وأخري بها إيجابيات وأنت تختار أيهما تنفذ.. لو انك تبنيت وجه نظر سلبية ستكتب عن السلبيات فقط ولو كانت وجهة نظرك عكس ذلك ستكتب هذا. أنت حر ماذا تنتقي من الكتب عنه ولكنك لست حراً في تغيير التاريخ.. أنت غيرت تاريخ الملك فاروق في 50 عاماً بعد موته وفي كل الكتب والمراجع والأفلام لماذا لم تغضب.. نحن لسنا ملائكة نحن بشر وقد نخطيء وقد نصيب. * هل المقارنة بين حريم السلطان. سراي عبادين يشعرك بالقلق؟ ** لا أشعر بالقلق كما أنني لا أخشي المقارنة بين العملين. لأن ما نقدمه يختلف تماماً عن مسلسل حريم السلطان وكما قلت لك إن المقارنة تكون لصالحنا والجمهور في النهاية هو الحكم. * ألا يقلقل تغير المخرج في هذا الجزء؟ ** كنت أعلم من البداية أن المخرج عمرو عابدين لن يكمل هذا الجزء بسبب ظروفه الصحية وهو من رشح المخرج شادي لأنه يمتلك من الخبرة ما يؤهله لإخراج هذا العمل. * هل اختيارك لهذا الدور يعتبر تمرداً علي أدوارك المثالية في بعض المسلسلات؟ ** ميزة هذا المسلسل أنه لا توجد به أي شخصية مثالية. فكل الشخصيات طبيعية من لحم ودم. فليس منا في الحقيقة ما هو مثالي. وأبطال المسلسل يعيشون لحظات ضعف وقوة وخير وشر وهذا ما جعلني أرتبط بهذا العمل لأنه أصبح نادراً قراءة عمل بتلك المواصفات. * لماذا يحمل مكياجك لشخصية الملكة خوشيار والدة الخديو إسماعيل نوعاً من الشراسة؟ ** هذا هو المقصود من البداية. وطلبت أن يكون شكل رسم العينين والحواجب به شراسة طوال الوقت وليس في لحظات انفعالها فقط لتعطي إشارات للبعض بأنها شخصية ليست سهلة. حتي في لحظات فرحها. * بعد نجاح فلمي الجزيرة 2 والفيل الأزرق ألا يشجعك هذا للعودة للسينما؟ ** أنا لم أترك السينما لكي أعود إليها ولكن عندما لا أجد الدور المناسب فهذا يدعو للابتعاد وعدم العمل.. فالسينما هي حبي الأول في الفن.. وعندما ذهبت لمشاهدة فيلم الفيل الأزرق في السينما وانطفيء النور وشاهدت الشاشة الكبيرة شعرت أنني أرغب بشدة في العمل مرة أخري والعودة بفيلم قوي جداً وجميل كنت ساجن.. لكن للأمانة لا أستطيع تقديم شيء وأنا غير محبة له أريد أن أعمل فيلم سينمائي يكسر الدنيا أريد عودة عادل إمام ووحيد حامد وشريف عرفة ويسرا في فيلم مثل الأفلام الثلاثة التي قدمناها معاً مثل الإرهاب والكباب والمنسي وطيور الظلام.. نفسي في إحراز هدف جديد في السينما. * هل معروض عليك أعمال سينمائية جيدة؟ ** ليس لدي ما أتمسك به غير موضوع "أهل العيب" للسيناريست تامر حبيب الذي لم ينته من كتابته حتي الآن وإخراج كاملة أبوذكري ويشاركني البطولة منة شلبي.. وأتصور أنه سيكون جريء وجميل كموضوع. * هل تعتبرين أن الفن قوة لا يستهان بها؟ ** بالطبع. لماذا أمريكا من أهم أسلحتها الفن والسينما لأنها تصل للمشاهد وترسخ الفكرة التي تريد توصيلها قد تكون الفكرة في شكل اجتماعي أو علي شكل حرب أياً ما تريد.. مثلما حدث في حرب فيتنام واعترافهم بخطأهم في تلك الحرب من خلال بعض الأفلام.. لكن الاعتراف جاء متأخراً بعدما خربوها.. حتي يظهر جانب الحرية والديمقراطية الأمريكية.. ونحن هنا نعطي جوائز لأفلام دولة مختلفين معها سياسياً فأنا أعتبر هذا قمة الديمقراطية. * من خلال هذا كيف ترين دور الفن في هذه المرحلة؟ ** ليس هناك فنان لا يحب أن تكون مصر مستقرة ولكن كل شخص بطريقته وهناك اختلافات في الرؤي ولكن اختلاف علي حبنا لهذا البلد.. ولابد من عمل شيء يجمعنا كلنا لنخدم مصر.. هناك مشاكل كثيرة جداً مثل التعليم والصحة والعشوائيات والفقر وحرب الإرهاب وغيرها من المشاكل التي تتكالب علي الدولة في وقت واحد بشكل مقصود لإضعافك ولإعاقة مسيرتك.. وهذا ما يجب أن نعي له جيداً. أنا استغرب أن بعض الشباب وهم علي قدر من الثقافة هم من يقومون بهذا وهناك البعض لم يتعلم ولكنه علي وعي أكثر بالبلد مثل الناس القرويين الذين يعرفون معني الوطن ومعني مصر. أن الموجودين في الجيش والشرطة أهلنا فهل يجب أن أعادي أهلي. إننا في حاجة لحل كل هذه المشاكل تشكيل وعي وانتماء حقيقي لمصر.. كما إننا نحتاج بأن الجميع يعمل وهو ما لا يحدث فهناك موظفين كثيرين لا يعملون والهدف المرتب فقط بالإضافة إلي وجود كم كبير من البيروقراطية والروتين فلابد من القضاء علي هذا حتي نستطيع أن نتقدم. * فما هو الحل من وجهة نظرك؟ ** أنا لا أملك الحل لكن لابد من تغير أشياء كثيرة مثلاً عندما يكون لديك موظفين بالملايين لا تستطيع أن تتخلص منهم مرة واحدة لأن هذا يمثل كارثة عليك. لكن لازم تجنب من يعطل مسيرة العمل وتنتقي الرجل المناسب في المكان المناسب لأنك لا تملك العصا السحرية لجعل الحياة وردية مرة واحدة. * لكن ألا ترين أن العجلة الاقتصادية بدأت تتحرك؟ ** طبعاً أنا معك في ذلك وهناك مشاريع قومية كبيرة مثل مشروع قناة السويس وهذا المشروع فكرني بمشروع السد العالي وما يجعلك تشعر بسعادة بالفخر أن من قام بتمويل هذا المشروع العملاق هم أبناء هذا الوطن وأغلبهم ينتمون إلي الناس الغلابة وهذا يمثل وعيا حقيقياً للمواطن المصري. كما أنه لابد أن نعلم أن هناك من يحاول أن يعطل هذه المسيرة ويجعلنا نفشل ولابد أن نعي ما يحدث حولنا لأننا نحارب من أكثر من جبهة. علينا جميعاً أن نتكاتف للخروج بمصر من عنق الزجاجة.