وكأن الحكومة استكثرت علي أهل مصر ان تصدر لهم قرارا واحدا محترما يحتوي غضبهم ويقلل من روعهم بعد العديد من كوارث نزيف الأسفلت والتي لا تقل في خطورتها عن جرائم الإرهاب وهي بالفعل ارهاب حقيقي يمارسه قائدو شاحنات النقل علي كل ركاب السيارات بطول مصر وعرضها فتراجعت وبسرعة تحسد عليها عن قرارها بحظر سير حافلات النقل الثقيل من الساعة 6 صباحا إلي 11 مساء وهو القرار الذي أعلنته بعد حادث تلاميذ البحيرة الدامي الذي وقع يوم الأربعاء 5 نوفمبر 2014 واسفر عن وفاة 18 طفلا متفحمين واصابة 17 آخرين عقب اصطدام اتوبيس مدرستهم بناقلة مواد بترولية علي الطريق الزراعي. واعتقد انه كان خيرا لحكومة ابراهيم محلب - الذي ذهب بنفسه وشاهد بعينيه الحادث المروع - ألا تعلن هذا القرار من الأساس أو أن تلتزم بتنفيذه وتثبت للرأي العام انها "قد القول" وعند كلامها. أما ان تقول الحكومة شيئا وتنفذ غيره فهذا أمر خطير ينال من مصداقيتها لدي الجميع والواضح ان الحكومة شعرت بأن العملية "هاتوسع منها" فعدلت عن قرارها وفوجئنا بها تقوم بتفعيل قرار سابق يقضي بحظر سير الشاحنات داخل المدن وعواصم المحافظات فقط في التفاف واضح وصريح علي أصل المشكلة لعدة أسباب أهمها: * ان كل الحوادث التي أدمت قلب مصر في سوهاج وقبلها علي طريق الصعيد الغربي عند الأقصر وبعدها في البحيرة وقعت علي طريق سريعة ولم تكن المشكلة في سير هذه العربات داخل المدن. * ان قرار منع السير داخل المدن لم ينفذ إلا في مناطق القاهرة الكبري فقط بحسب ما أدلي به اللواء عبدالفتاح عثمان مساعد وزير الداخلية للإعلام للأهرام عدد السبت 15 نوفمبر 2014 وهو ما اعتبرته الجمعية العامة للنقل البري تراجعا من الحكومة وأكدت قبل تنفيذ القرار بيوم انه سيتم السماح للشاحنات بالعمل ليلا ونهارا علي الطرق والمحاور الرئيسية والدخول للمدن علي مدار 24 ساعة باستثناء القاهرة والجيزة وعواصم المحافظات. * أما الشيء الأخطر فيتمثل في التعامل الإعلامي الرديء إذ خرجت كل صحف يوم السبت 15 نوفمبر 2014 بخبر رئيسي مفاده ان قرار حظر سير النقل الثقيل سيدخل حيز التنفيذ باستثناء صحيفة "الأهرام" التي نشرت خبرا معاكسا يفيد بأنه سيتم ارجاء تنفيذ القرار وكان مصدر الخبر تصريح خاص من مساعد وزير الداخلية للإعلام وقد حاولنا الاتصال بمساعد الوزير صاحب التصريح الخطير والذي تقضي واجبات وظيفته بأن يرد علي استفسارات الصحفيين والإعلاميين فلم يرد وازاء ما حدث لم يكن أمامنا سوي الاحتفاظ بالخبر الذي نشرته "الجمهورية" شأنها شأن كل الصحف باستثناء الأهرام وكانت النتيجة حالة من التخبط لدي الرأي العام الذي طالع الخبر ونقيضه في الصحافة ووسائل الإعلام. لا اعتقد ان هذا الاداء يتناسب مع ايقاع رجل مثل المهندس ابراهيم محلب واتمني ألا يكون ما حدث هو سياسة حكومية ومنهجا رسميا للدولة.