عندما اتخذت الحكومة قراراً جريئاً بتعديل سعر الأسمدة الأزوتية إلي 2000 جنيه و1900 جنيه للطن استبشرنا خيراً بأن الحكومة وضعت يدها علي أصل الداء وبدأت طريق الحلول العملية لإنهاء أزمة الأسمدة ومواجهة السوق السوداء التي توحشت نتيجة لسياسات التوزيع واحتكار الأسمدة لبنك التنمية والتعاونيات وتعدد الأسعار حتي بلغ سعر الطن في السوق السوداء إلي 3000 جنيه من أصل سعر 1500 جنيه بفارق 1500 جنيه توضع في جيوب مافيا الأسمدة دون ضرائب أو مصروفات وتعددت مذكراتنا ودراساتنا إلي الجهات المعنية ولكن مافيا الأسمدة التي عششت داخل سراديب الزراعة والبنك والتعاونيات أقوي من كل نوايا الشرفاء الذين يأملون في صالح هذا الوطن وتوفير غذاءه وتنمية زراعته دون المزايدة علي الفلاح الذي في جميع الأحوال لم يجد من يحنو عليه ويرعي مصالحه. وهذا القرار هو أول مواجهة حقيقية لمافيا الأسمدة بتقليل الفجوة بين الأسعار الرسمية وأسعار السوق السوداء ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وفي أعقاب ذلك وبناء علي اجتماعات سابقة كان القطاع الخاص يطالب فيها بحقه في المشاركة في التوزيع بشكل رسمي وأتيحت فرصة الحصول من خلال شركات الاستثمار علي كميات من التي ترغب في ضخها بالسوق المحلي بعد الوفاء بالتزاماتها مع وزارة الزراعة وهذه الشركات معنية أصلاً بالتصدير للسوق العالمي بالأسعار العالمية وأن مساهمتها في ضخ كميات بالأسعار المدعمة للحكومة هو تأكيد دورها الوطني. وأن ما يزيد عن هذه الكميات يضخ بالسوق المحلي بأسعار تفاوضية بما لا يزيد عن الأسعار العالمية وهذا ما تم الاتفاق عليه مع القطاع الخاص وتم التعاقد مع بعض الشركات علي كميات تم ضخها بالسوق أدت إلي زيادة الكميات وبذلك تضيق الفجوة علي مافيا الأسمدة وبدون مبرر تدخلت وزارة الزراعة في هذه الكميات وأرادت أن تضع يدها عليها وأن تحدد أسعارها بما يخالف زيادة قانون الاستثمار وتتعارض مع آليات السوق. وزارة الزراعة لا تكفيها أن تضع يدها علي الأسمدة المدعمة التي لا تصل إلي الفلاح غالباً ولكنها ايضا ترغب في فرض سلطاتها علي كل من يفكر في استثمار في صناعة الأسمدة وترغب ايضا أن يقف في بابها القطاع الخاص للحصول علي كميات من شركات الاستثمار التي هي حرة أصلاً في بيع منتجاتها طبقاً للقانون. كل هذا والحكومة تجهز المؤتمرات لتشجيع الاستثمار وتدعو القطاع الخاص لمزيد من الإسهام والفاعلية فهناك في الحكومة من يتقدم خطوة للأمام وايضا من يتقدم عشر خطوات للخلف.