لا يمكن أن أتخيل انه لا توجد في مصر حتي الآن خريطة صناعية متكاملة أسوة بما هو موجود في جميع دول العالم بالرغم من هذا الكم الهائل من المدن الصناعية الموجودة والمنتشرة في عدد من محافظات مصر والتي تضم الآلاف من المصانع التي تعمل في القطاعات الصناعية المختلفة ولكنها بكل أسف لا تعرف هذه المصانع العديدة بعضها البعض نتيجة عدم وجود خريطة صناعية وغياب المعلومات والبيانات الدقيقة. لقد صدمت عندما ذهبت في زيارة إلي أحد المعارض الدولية التي أقيمت في دبي بدولة الإمارات الأسبوع الماضي وبالصدفة البحتة وجدت بعض الشركات المصرية المشاركة في هذا المعرض تعرض منتجات استخدمها وابحث عنها بصعوبة لأقوم بشرائها وأنا لا أعرف مكانها والعجيب ان هذه الشركات المصرية جيراني بل ان موقعها يكاد يكون بجواري وأنا لا أدري ولا أعلم عنها شيئاً تماماً وهي بصراحة قمة المأساة التي يعاني منها الصناع لعدم وجود خريطة صناعية والدليل علي ذلك أيضا وجود طاقات واستثمارات مهدرة في العديد من القطاعات الصناعية المختلفة نتيجة الزيادة الكبيرة في عدد المصانع التي أقيمت فيها مثل قطاعات المطاحن والمكرونة والمضارب وغيرها من القطاعات حيث تعمل المصانع والمطاحن بنصف طاقتها الانتاجية مما يجعلها تحقق خسائر بسبب تشبع السوق بالانتاج الذي يزيد عن حاجة الاستهلاك فوجود خريطة صناعية يساهم في إحداث تكامل بين قطاعات الصناعة والمصانع المختلفة بسهولة لانه من الطبيعي أن تجد العديد من المصانع بعض مستلزماتها ومنتجاتها وخاماتها لدي مصانع أخري تنتجها في مصر بدلاً من أن تقوم باستيرادها من الخارج مما سيساهم في توفير العملة الصعبة وتوفير الوقت والجهد ويزيد من القدرة التنافسية لها في السوق المحلي والتصديري والحقيقة انه لا يمكن جذب أي استثمارات أجنبية ومحلية وأيضا لن تزدهر مصر صناعيا إلا بوجود خريطة صناعية متكاملة تحدد للمستثمر المشروعات التي يمكن الاستثمار فيها بسهولة ويحتاج إليها السوق حتي يضمن تحقيق النجاح والحفاظ علي أمواله. فكل الدول التي نجحت وتفوقت صناعيا كانت لديها خريطة صناعية متكاملة تحرص علي تجديدها وتعديلها بحيث تكون حديثة وجديدة يستطيع من خلالها المستثمر تحديد واختيار نوعية الاستثمار الذي يرغب الدخول فيه مما يجعله يحقق النجاح وينطلق في عالم الاستثمار بكل سهولة ويسر.