أكد علماء الاجتماع وعلم النفس والقانون ضرورة وضع استراتيجية شاملة ومتكاملة لمواجهة التطرف حتي نحمي منه البلاد والعباد وخاصة أن التطرف اصبح له دعاة ومروجون له تحت عناوين براقة.. يقول الدكتور أحمد مجدي حجازي استاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة "كلية الآداب" انه يشيع لدي الكثيرين استخدام لفظ "التطرف" للدلالة علي "الإرهاب".. وبالتالي اطلاق تسمية "المتطرفين" علي "الإرهابيين" رغم ما بينهما من فارق كبير.. لهذا لابد للأسرة ووسائل الإعلام والتعليم والتثقيف في المجتمع توضيح العلاقة بين المفهومين ورسم الحدود الفاصلة بينهما لأن طرق علاج الإرهاب والتعامل معه تختلف بلا شك عن طريق محاربة التطرف. وعن مكافحة التطرف بمختلف انواعه يقول د. مجدي حجازي: لابد في البداية ان نعرف ان التطرف عكس التوسط والاعتدال.. وبالتالي فقد يقصد به التسيب أو المغالاة وإن شاع استخدامه في المغالاة والافراط فقط.. وكذلك فإن التطرف يعني التلون ومجاوزة الحد فيه بالميل إلي أحد الطرفين... ليس في القضايا الدينية فقط كما يظن البعض بل ان التطرف يمتد إلي كل جوانب الحياة سواء السياسية أو الاجتماعية دون أن ترتبط تلك المعتقدات بسلوكيات مادية متطرفة أو عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة. أما الدكتور علي المليجي عميد كلية التربية النوعية الأسبق بجامعة القاهرة فيطالب بضرورة مراجعة كل المناهج الدراسية في الوطن العربي بالكامل.. وأيضا ضرورة العمل علي تقريب الفجوات بينهما من حيث المضمون أو المحتوي.. وان يتم وضع استراتيجية عامة تسير في فلكها كل المناهج الدراسية وخاصة ان نظم التعليم في الوطن العربي تشهد تناقضا بشعا غير موجود في الدول التي تحترم نفسها وتحرص علي تقارب الفكر بين أبنائها.. أما أن يكون هناك تعليم عام وخاص واجنبي وديني ومدني وكل منها به تقسيمات داخلية فتلك كارثة. أوضح د. المليجي ان التفريق بين الإرهاب والتطرف مسألة جد شائكة وذلك لشيوع التطرف والإرهاب كوجهين لعملة واحدة لدي عامة الناس ومحاولة الإعلام الربط بينهما.. التطرف يرتبط بالفكر والإرهاب يرتبط بالفعل وذلك لأن التطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عما هو معتاد ومتعارف عليه سياسيا واجتماعيا ودينيا دون أن ترتبط تلك المعتقدات والأفكار بسلوكيات مادية عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة. أما إذا ارتبط التطرف بالعنف المادي أو التهديد بالعنف فإنه يتحول إلي إرهاب.. وكذلك فإن التطرف دائما في دائرة الفكر أما عندما يتحول الفكر المتطرف إلي أنماط عنيفة من السلوك.. من اعتداءات علي الحريات أو الممتلكات أو الأرواح أو تشكيل التنظيمات المسلحة التي تستخدم في مواجهة المجتمع والدولة فهو عندئذ يتحول إلي إرهاب. أشار إلي أن التطرف لا يعاقب عليه القانون ما لم يتحول إلي فعل ولا يعتبر جريمة.. بينما الإرهاب هو جريمة يعاقب عليها القانون.. وهذا ما يجب أن يكون علي علم به كل من يتصدي لمعالجة التطرف بكل انواعه ولن يكون طويل البال ولديه من الحجج والبراهين ما يستطيع به أن يصحح الأفكار لدي الشخص المتطرف.. وإن كان من الأفضل بلاشك تطبيق قاعدة "الوقاية خير من العلاج" وذلك بالعمل علي غرس الأفكار الصحيحة والوسطية. يقول الدكتور أنور أحمد رسلان عميد كلية الحقوق الأسبق بجامعة القاهرة إن التطرف الفكري من الناحية القانونية يصعب تجريمه لأن غالبية تطرف الفكر لا يعاقب عليه القانون الذي لا يعاقب علي النوايا والأفكار في حين أن السلوك الإرهابي المجرم هو الذي يتم تجريمه. أشار د. رسلان إلي أن القائمين علي علاج التطرف لابد أن يعرفوا أن طرق علاج التطرف تختلف عن معالجة الإرهاب ومن هنا فإن التطرف في الفكر تكون وسيلة علاجه هي الفكر والحوار.. أما إذا تحول التطرف إلي تصادم فهو يخرج عن حدود الفكر إلي نطاق الجريمة مما يستلزم تغيير مدخل المعاملة وأسلوبها.. ومن الخطأ الاعتقاد الجازم بأن التطرف دائما مقدمة حتمية للإرهاب مع أنه يمكن لشخص أن يتطرف في فكرة دونما اللجوء إلي العنف لتطبيق أفكاره علي أرض الواقع لأنه يمكن ان توجد مجموعة من الأشخاص يمارسون الإرهاب مقابل المال فقط ولا يرتبطون بأي منظومة فكرية متطرفة مع التأكيد علي أن التطرف يمكن أن يكون أحد أسباب الإرهاب وليس هو الإرهاب نفسه ولكن لابد أن يدرك الجميع ان التطرف إذا لم يتم علاجه يعد البوابة الذهبية للإرهاب في ظل حالة العشوائية التي نعيشها. يؤكد الدكتور مصطفي محمد أبوحمزة استاذ الصحة النفسية بجامعة المنيا علي أهمية مشاركة المؤسسات الدينية وعلي رأسها الأزهر والأوقاف والمؤسسات الدينية من خلال تعريفهم بخصائص التطرف حتي يمكنهم التعامل معه ومعالجته مثل التعرف علي أن تعصب المتطرفين لرأي بحيث لا يتم السماح للآخرين بمجرد إبداء الرأي أي الإيمان الراسخ بأنهم علي صواب والآخرين في ضلال عن الحقيقة لأنهم وحدهم علي حق والآخرون في متاهات وضلالات.