هل لدينا موازنة للنقد الأجنبي يتم تنفيذها لمواجهة التقلبات الحادة في سعر الصرف للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية وبخاصة الدولار.. ومن هي الجهة المسئولة عن إعداد هذه الموازنة هل هي وزارة التخطيط أم وزارة المالية؟! فالبنك المركزي هو مستشار الحكومة ويجب ان يكون هناك تنسيق لإعداد هذه الموازنة بالنقد الاجنبي حتي لا تحدث نتائج غير متوقعة لارتفاع سعر الصرف. ارتفاع سعر الصرف كما حدث في الأيام الأخيرة له انعكاسات هامة علي قيمة المستورد من الخارج وعلي حركة سداد الالتزامات الخارجية من الديون والاعباء الأخري بالنقد الاجنبي وبالطبع فإن ارتفاع سعر الصرف للعملات الأجنبية أمام الجنيه المصري بهذه الصورة التي تمت مؤخراً ستؤثر علي أسعار السلع في السوق المحلية بالزيادة وبخاصة أننا نستورد أكثر من 80% من الاحتياجات الغذائية بالإضافة إلي مسلتزمات الانتاج. ربما يحاول البعض تفسير ما جري انه يحدث بسبب سداد التزامات طارئة بالنقد الاجنبي أو مع قرب نهاية العام حيث تلجأ الكثير من الشركات والجهات إلي إجراء تعاقدات وصفقات.. بالإضافة إلي سداد الالتزامات وهذا كله يؤكد تنفيذ سياسة وموازنة للنقد الأجنبي تنفق مع الموارد الموجودة وسداد الالتزامات. وما يجري الآن هو نوع من السلبية في التعامل مع هذه الظروف التي تؤدي إلي أعباء خطيرة علي الاقتصاد القومي ولا يجوز بأي حال الانتظار أكثر من هذا لاحتواء هذه الارتفاعات الحادة في سعر الصرف. ولم يحدث منذ سنوات طويلة ان بلغ الفارق في سعر الصرف للجنيه أمام الدولار إلي نحو 50 قرشاً.. مع مراعاة سعر الدولار في البنوك بمتوسط 725 قرشاً هذا مؤشر خطير يحتاج إلي التدخل واتخاذ اجراءات صارمة في الحفاظ علي ما تبقي من الاحتياطي النقدي في البنك المركزي. ولا يجوز ايضا تدخل المركزي بجزء من الاحتياطي لتهذيب السعر نسبياً لأن هذا اشبه بالقربة المقطوعة.. وما يطرحه المركزي من الاحتياطي يتسرب إلي المضاربين والسماسرة الذين يحالون انتهاز الفرصة خلال هذه الأزمات. تقلبات سعر الصرف الحادة تحتاج إلي تدخل وعلاج يتفق مع الظروف الحالية وضبط حقيقي لحركة الاستيراد من السلع غير الضرورية. فلا يزال السوق المصري اشبه بساحة لتصريف البضائع والسلع والمنتجات من كافة انحاء العالم بلا ضوابط أو نظم تتفق مع الظروف الاقتصادية والاتفاقيات الدولية لمنظمة التجارة العالمية. والأخطر أن التهريب الذي يتم من هذه السلع هو مدفوع بسعر الدولار الذي يتم تجميعه من السوق المحلية ويؤثر علي سعر صرف الجنيه المصري. ربما تكون هناك حلول عاجلة لموازنة النقد الأجنبي واجراءات صارمة يجب اتخاذها لتنظيم الاستيراد والنقد الاجنبي واعداد موازنة وان كان الأمر يحتاج إلي سياسة طويلة المدي لتشجيع الانتاج المحلي وزيادة الاعتماد علي المنتج المحلي واحلال كثير من السلع محل السلع المستوردة التي تزاحم المصانع المحلية. وقد اخطأت المصانع والشركات المحلية عامة وخاصة عندما اهملت الجودة وبالغت في الاسعار مما أدي إلي الاقبال علي المستورد ومن المؤسف الآن يكون المستورد الذي يتم التعاقد عليه من الخارج بالنقد الاجنبي وتكاليف النقل والشحن وهامش الربح أقل من سعر المنتج المحلي. هذه ظاهرة خطيرة.. ولابد للانتاج المحلي مراجعة التكلفة وهامش الربح حتي يستطيع المنتج المحلي ان يلقي قبولاً.. ولن يكون هناك رواج واقبال وتسويق للإنتاج المحلي بدواعي الوطنية فقط رغم ان هذا مطلوب ولكن يجب الاهتمام بالجودة والسعر في آن واحد وأن ينافس المنتج المحلي المستورد في الجودة والسعر. أما الاحتياطي الحالي في البنك المركزي فيجب عدم الاقتراب منه أو التضحية بجزء من موارده لضبط سعر الدولار لأنها "قربة مقطوعة" ولن تحقق نجاحا طويلا.. وهي مجرد مسكنات لأيام قصيرة.. ولهذا ينبغي الحذر من التقلبات الحادة في سعر الصرف لأنها تؤثر علي الاقتصاد في اسعار السلع وعلي الالتزامات التي يتم سدادها وهذا ما يؤدي ايضا إلي زيادة عجز الموازنة.