قبل بين حدود عورة الرجل في مواجهة النسا غير المحارم وهن المسميات بالأجنبيات يجب التذكير بحدود عورة الرجل في مواجهة غيره من الرجال وهي عند الجمهور ما بين السرة إلي الركبة ويري بعض المالكية والحنابلة ومذهب الظاهرية انها السوءتان فقط وما حولهما من أعلي الفخذين أما عورة الرجل بالنسبة للنساء الأجنبيات غير المحرمات فقد اختلف الفقهاء في تحديدها علي ثلاثة مذاهب: المذهب الأول: يري ان عورة الرجل بين النساء الأجنبيات وهن غير المحرمات هي نفسها عورة الرجل بين الرجال لا تخرج عما بين السرة إلي الركبة وإلي هذا ذهب جمهور الحنفية والراجح عند الحنابلة وحجتهم: ما أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت النبي صلي الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا انظر إلي رجال الحبشة يلعبون في المسجد حتي أكون أنا الذي اسأم فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة علي اللهو. قالوا: فهذه عائشة - رضي الله عنها - كانت تنظر إلي رجال الحبشة وهم يلعبون وبالتأكيد تنظر منهم ما ينظر الرجل لصاحبه. المذهب الثاني: يري ان عورة الرجل بين النساء الأجنبيات وهن غير المحرمات هي كعورة النساء مع الرجال المحارم. لا يحل لها أن تنظر من الرجل إلا الوجه والأطراف عند أمن الفتنة وإلي هذا ذهب بعض الحنفية وهو قول المالكية وحجتهم: ان النظر إلي خلاف الجنس أغلظ من النظر إلي بني الجنس الواحد. المذهب الثالث: يري ان عورة الرجل بين النساء الأجنبيات وهن غير المحرمات هي كعورة النساء مع الرجال الأجانب كل الجسد إلا الوجه والكفين وإلي هذا ذهب الشافعية ووجه الحنابلة وحجتهم: من الكتب والسنة. أما دليل الكتاب فمنه قوله تعالي: "وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن" النور 31 فهذا أمر عام ينهي النساء عن النظر إلي الرجال بالكلية. وأجاب الجمهور عن ذلك بأن الآية الكريمة دخلها التخصيص بما ثبت من حديث عائشة انها كانت تنظر إلي رجال الحبشة وهم يلعبون وبما ثبت من اجماع في مشروعية خروج المرأة للتعامل مع الرجال طلبا للرزق كما قال تعالي "وللنساء نصيب مما اكتسبن" النساء 32 وهذا يستلزم اظهار الوجه والكفين. وأما دليل السنة فمنه ما أخرجه الترمذي وحسنه من حديث أم سلمة فقالت كنت عند رسول الله صلي الله عليه وسلم وعنده ميمومة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب فقال صلي الله عليه وسلم "احتجبا منه" فقلنا يا رسول الله أليس أعمي لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال صلي الله عليه وسلم "افعمياوان أنتما. ألستما تبصرانه". وأجاب الجمهور عن ذلك: بأنه حديث مختلف في صحته كما ذكر ابن حجر وعلي التسليم بصحته فهو منسوخ بحديث عائشة رضي الله عنها التي كانت تنظر إلي رجال الحبشة وهم يلعبون - كما أخرجه البخاري - هذا فضلا عما ذكره أبوداود من الخصوصية حيث قال عقب ذكره للحديث الآمر بالاحتجاب من ابن أم مكتوم: هذا لأزواج النبي خاصة ألا تري إلي اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم. قد قال النبي لفاطمة بنت قيس: "اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمي تضعين ثيابك عنده" وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه.