انقضي رمضان وودعه المسلمون وقلوبهم مازالت به متعلقة. لأنه عمر قلوبهم بالإيمان. وصفت فيه نفوسهم. وأخلصوا لله فيه العمل. عرفوا حق رمضان فصامت بطونهم عن المفطرات وجوارحهم عن المنكرات. وأضافت أن العيد في الاسلام له معنيان كبيران معني رباني ومعني إنساني فالمعني الرباني هو أنه لا ينسي الإنسان ربه بالعبادة في يوم العيد. فيبدأ المسلم يومه بالتكبير وبالصلاة صلاة العيد والتقرب إلي الله عز وجل. وأما المعني الإنساني: فهو أن يفرح الإنسان بفضل الله عليه. ويتواصل مع غيره. ويشع عليه من فرحته. من أجل هذا شرع الإسلام في كل عيد فريضة وشعيرة معينة. فشرع في عيد الفطر زكاة الفطر. فرضها النبي "صلي الله عليه وسلم" علي الكبير والصغير والحر والعبد والرجل والمرأة وجعلها طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فعن ابن عباس قال: "فرض رسول الله "صلي الله عليه وسلم" زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فعن ابن عباس قال" فرض رسول الله "صلي الله عليه وسلم" زكاه الفطرطهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمه للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" "سنن أبن ماجة". وقالت إن الأمة الإسلامية أعيادها أكرم الأعياد. إذا جعلها الحق تبارك وتعالي مرتبطة بعقيدتها. فربط عيد الفطر بفريضة الصيام فهو عيد الفطر من الصيام وفي الحديث الشريف ".. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه.." "متفق عليه" يفرح بفطره كل يوم عند الغروب لأنه أحل له ما كان محرماً عليه من أكل وشرب وجماع. وغير ذلك وفرحة دينية بالتوفيق للطاعة وتأتي الفرحة العامة في آخر رمضان لأنه وفق إلي طاعة الله وأداء الفريضة في هذا لشهر. فهو يفرح بهذين الأمرين ففرحة المؤمن الحقيقية بطاعة الله وهدايته. يقول الله تعالي:" قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون" "يونس: 58" ويحق للصائمين الفرح لأنهم حققوا نصراً كبيراً في معركة ضارية تحالفت فيها النفس مع الشيطان ضد العقل الذي خلقه الله عز وجل فهذا العيد الأول عيد الفطر يأتي مرتبطاً بفريضة الصوم وكذا عيد الأضحي يأتي مرتبطاً بفريضة اخري وهي فريضة الحج لذا سمي عيد الأضحي بيوم الحج الأكبر. واضافت إن ذكر الله تعالي وإظهار نعمته علي عباده وشكره سبحانه علي تمام نعمته وفضله وتوفيقه لعباده علي اتمام العبادات وقد أمر الله سبحانه وتعالي عباده عند اكمال العدة بتكبيره وشكره فقال سبحانه:" ولتكملوا العدة ولتكبروا الله علي ما هداكم ولعلكم تشكرون" "البقرة: 185" وشكر من أنهم علي عباده بتوفيقهم للصيام وإعانتهم عليه ومغفرته لهم به وعتقهم من النار. أن يذكروه ويشكروه لأن قضاء العبادة والطاعة يقتضي من المسلم أن يشكر الله تعالي الذي أعانه علي ذلك فإنه ما صلي ولا صام وإلا يمنه وتوفيقه سبحانه ومتي شكر العبد ربه علي نعمه وعده الله تعالي بالمزيد من النعم قال تعالي:"لئن شكرتم لأزيدنكم" "إبراهيم: 7". ومن المقاصد العالية التي من أجلها شرعت الأعياد: أن تكون فرصة لتوطيد العلاقات الاجتماعية بالتزاور والتلاقي والتآلف والتعارف ونشر المودة والرحمة بين المسلمين. وترسيخ الأخوة الدينية بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. ففي الحديث عن أبي هريرة "رضي الله عنه" عن النبي "صلي الله عليه وسلم" أن رجلاً زار أخاً له في قرية فأرصد الله علي مدرجته ملكاً فلما أتي عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية. فقال: هل لك عليه من نعمه تربها؟ قال: لا غير أني احببته في الله قال:" فإني رسول الله إليك بأن الله عز وجل قد أحبك كما احببته فيه". حق الضعفاء ومن مقاصد العيد ايضا: التذكير بحق الضعفاء والعاجزين ومواساة أهل الفاقة والمحتاجين وإغناؤهم عن ذل السؤال في هذا اليوم حتي تشمل الفرحة كل بيت وتعم كل أسرة ومن أجل ذلك شرعت الأضحية وصدقة الفطر. فشعيرة العيد فرصة لتتصافي النفوس وتلتقي وتتآلف القلوب وتتوطد الصلات والعلاقات وتزول الضغائن والأحقاد فتوصل الأرحام بعد القطيعة ويجتمع الأحباب بعد طول غياب وتتصافح الأفئدة والقلوب قبل الأيدي ويعم الود والصفاء جميع أفراد المجتمع. ولما كان العيد فرصة للسرور وتقوية الروابط الاجتماعية كانت له آداب ينبغي للمسلم أن يراعيها ويحرص عليها ومن هذه الآداب: 1⁄4 الاغتسال والتجمل والتطيب ولبس أحسن الثياب يوم العيد. لأنه يوم يجتمع الناس فيه وقد ثبت أن ابن عمر "رضي الله عنهما" كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغذو إلي المصلي "موطأ مالك" وأقر النبي "صلي الله عليه وسلم" فعل عمر بن الخطاب ولم ينكر عليه التجمل للعيد. طريقان في العيد ومن آداب العيد: أن يذهب المسلم إلي الصلاة من طريق وأن يرجع من طريق آخر: لحديث جابر بن عبدالله "رضي الله عنهما" قال:" كان النبي "صلي الله عليه وسلم" إذا كان يوم عيد خالف الطريق "أخرجه البخاري" وذلك ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة. والأرض تحدث يوم القيامة بما عمل عليها من الخير والشر أو لإظهار شعائر الاسلام في الطريقين أو لقضاء حوائج الناس أو الصدقة علي المحتاجين أو لزيارة الأقارب وصلة الرحم وملاقاة الأحباب. ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم. ايا كان لفظها. مثل قول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم. وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة. فهي أدب من آداب العيد. لفعل بعض الصحاةب لها فعن جبير بن نفير قال: كان أصحاب النبي "صلي الله عليه وسلم" إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض. تقبل منا ومنك" فتح الباري. فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخص فيها أهل العلم. ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق ومحاسن المظاهر الاجتماعية بين المسلمين.ويستحب التوسعة علي الفقراء في أيام الأعياد لقول النبي "صلي الله عيه وسلم": أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم "المجموع شرح المهذب للإمام النووي". فالعيد في الإسلام بهجة وفرحة وسرور وشكر لله علي التوفيق لأداء فريضة الصيام أو الحج فقد روي البخاري "رحمة الله تعالي" عن عائشة رضي الله عنه" قالت: دخل علي رسول الله "صلي الله عليه وسلم" وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع علي الفراش وحول وجهه ودخل ابوبكر فانتهرني وقال مزمارة الشيطان عند النبي "صلي الله عليه وسلم" يستنكر فأقبل عليه رسول الله "صلي الله عليه وسلم" فقال: "دعهما" وهذا يدل علي جواز الفرحة والغناء بالمباحات من الكلام والشعر في العيد.