لابد للمرء أن يصدم في تصريحات الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء في حكومة المهندس إبراهيم محلب.. ولابد أن يتساءل أيضا لماذا قبل أن يبقي في موقعه.. وقد جيء به ليبحث كيف نخرج من كارثة الإظلام التي بدأت علي غير المعهود في الشتاء. وهو بكل تأكيد ليس موسم الذروة للاستهلاك الكهربائي. فإذا بهذا الوزير بدلاً من أن يبشر المصريين بحلول للأزمة ولو مرحلية. ينذرهم بأن الأزمة لا حل لها.. أن عليهم أن يتعودوا الحياة في ظل انقطاع الكهرباء الذي سوف يتزايد صيفاً. وقد يقول البعض إنه يصارح الناس بالحقيقة.. وقد يكون هذا مقبولاً.. لو أنه جلس ودرس وعاين محطات التوليد وراجع كوادره ودرس ما فيها.. ولكن شيئاً من هذا لم يحدث.. والعهدة هنا علي حديث متلفز بثته القناة الأولي للتليفزيون المصري. للدكتور سامر مخيمر الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية. ينعي فيه علي الوزير الجديد أنه لم يغادر مكتبه ليزور هذه المحطات.. فبينما رئيس الوزراء. يجوب البلاد شمالاً وجنوباً ليبحث علي الطبيعة المشكلات علي اختلافها. فإن وزير الكهرباء جالس في مكتبه لا يغادره.. ويكتفي بالتصريحات التي تبعث علي اليأس.. وتثير في جماهير الشعب الاحباط. أنا أدعو. ولعل غيري يفعل ذلك أيضا. أن يكون حديث الدكتور سامر في تليفزيون الدولة الرسمي مساء السبت 12 أبريل الحالي عن الفساد في قطاع الكهرباء بلاغاً إلي النائب العام.. لمحاسبة كل من أفسد.. وأهمل.. ومن سرق أيضا. ففي الحديث اتهام لمن جاء بالمفاعل النووي من الأرجنتين.. فإذا به لا يؤدي الوظائف التي اشتروه من أجلها.. وطاقته تقل عما هو مثبت عليه.. ولم يستفد منه إلا من اشتروه.. فقد أثروا ثراءاً فاحشاً. وهذا اتهام واضح وصريح لا يجوز أن يبقي معلقاً.. والدكتور يصف صفقة المفاعل الأرجنتيني بأنها أشبه ببيع الترام لمصر.. وطبعاً كلنا نتذكر قصة بيع الترام والتي صارت جزءاً من الفلكلور المصري. في الحديث اتهامات بالجملة بالفساد لقطاع الكهرباء.. لا يجب أن تستمر معلقة.. ولابد من أن تشكل لجنة تقصي حقائق. لبيان الحقائق في هذه الاتهامات.. ووضع الأساس للإصلاح في هذا القطاع الذي تهدر فيه الطاقة المقدمة إليه لكي تنتج قدرا معيناً من الكهرباء.. فلا تنتجها.. وبهذا تهدر هذه الطاقة من غاز وبترول.. وتخسر مصر أيضا طاقة كهرباء كان يمكن أن تسد الفجوة الناشئة عن حجم الاستهلاك المتزايد. د.سامر أيضا يتهم كل قطاعات الكهرباء بالكذب فالطاقة المفروض انتاجها 30 ألف ميجاوات.. ولكن التقديرات تفاوتت علي قدر الكذب في البيانات الرسمية بين 26 و5.22 والحقيقة كما يقول د.سامر أنها 5.18 ألف ميجاوات فقط.. وإذن أين الحقيقة التي نريد للشعب أن يعرفها.. هل هي ما جاء في التقارير التي يصفها بالكاذبة.. أما هي في تقديره هو. الذي يصفه بالحقيقة الفعلية؟! د.سامر يتحدث عن كيف احترقت محطة التبين نتيجة تشغيل خاطيء وخرجت من الخدمة.. متهماً بسوء التشغيل وسوء الإدارة. يتحدث عن محطات يلزمها قطع غيار.. يسكت المسئولون عنها.. يتحدث عن محطات يساء تشغيلها ولا يسأل من اساء العمل والتقدير. يتحدث عن قيادات إخوانية مازالت تتحكم في تشغل الكهرباء نتيجة اخونة قطاع الكهرباء.. ويعطي أمثلة عن زيادة انقطاع الكهرباء مباشرة بعد إعلان المشير السيسي عن قبوله الترشح للرئاسة.. ويتعجب كيف لم يتم حتي الآن اقصاء هذه القيادات المتآمرة والمخربة أيضا.. والتي قطعت الكهرباء في الشتاء.. فماذا سنفعل في الصيف؟! يقول د.سامر.. الأزمة ليست في الوقود.. لأن المحطات تأخذ أكثر مما تحتاجه.. وتخرج أقل مما يقدر لها أن تنتجه. يتحدث عن هوجة سرقة التيار.. ويقول إنها ليست سبب الأزمة.. فالذي يسرق التيار الآن فإنه عند ضبطه سيقنن وضعه ويعود إلي استهلاك التيار.. وسيبقي حجم الاستهلاك كما هو. يتحدث عن شماعة أعمدة الشوارع التي تترك مضاءة نهاراً.. ويقول إنها جزء لا يذكر من استهلاك هذه الأعمدة.. وقدره 2% من جملة انتاجنا من الكهرباء. هذه كلها اتهامات لا يمكن السكوت عنها.. ولا يمكن أن تبقي معلقة.. ولابد لوزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر أن يرد.. هل حقا لم يغادر مكتبه منذ جاء إلي الوزارة.. هل حقا لا يعرف مشاكل المحطات التي تحتاج قطع غيار.. هل حقا لا يعرف سوء إدارة وتشغيل بعض المحطات.. هل حقا لا يعرف أن البترول المستخدم في المحطات لا يعطي القدر الذي لابد أن يعطيه من الكهرباء.. هل.. هل.. نحن نتطلع إلي رد شامل من الوزير يعطي أملاً للمواطن الذي أحبطته تصريحات هذا الوزير الذي أظهر أنه لا حل بين يديه للمشكلة ولا أمل قريباً في الخروج من الأزمة.. وأن ليالي الصيف القادم في مصر مظلمة. وإذا لم يستطع الوزير أن يرد.. ويقول ماذا سيفعل.. فهل سيقبل أن يستمر..؟