يقترب شهر رمضان المبارك ولا تزال أسعار السلع واللحوم والخضروات وما يحتاجه منزل الأسرة المصرية تواصل ارتفاعها المجنون في الوقت الذي تعجز فيه الحكومة عن مواجهة احتكار بعض رجال الأعمال والتجار للكثير من السلع ورفع أسعارها بشكل غير مبرر وفرضها بطريقة بشعة علي الأسواق.. والبسطاء دائماً يدفعون ثمن طمع هؤلاء. ولأن المجمعات الاستهلاكية من المفترض أنها ذراع الدولة لمواجهة الانفلات المستمر في الأسعار إلي جانب دور الأجهزة المعنية بمراقبة الأسواق.. فتحت "الجمهورية" ذلك الملف في عدد الجمعة 14 مارس الماضي بعنوان "الأيدي الخفية تغتال المجمعات والدولة تتفرج" طرحت فيه مشاكل هذه المجمعات والمنافسة غير المتكافئة المفروضة عليها مع مجمعات القطاع الخاص المعروفة "بالهايبر".. وبهذه المناسبة وصلتني رسالة غاية في الأهمية والصراحة من المهندس سامي علي محمود عضو مجلس الإدارة المنتخب ورئيس قطاع الفروع بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية تكشف وتوضح حقائق كثيرة مهمة. وأبدأ بقراءة رسالة المهندس سامي من نهايتها.. حيث يقول إنه في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد واقتصادها القومي وتأثر الشركة القابضة للصناعات الغذائية بهذه الظروف إلا أن المجمعات الاستهلاكية باعتبارها الذراع الطولي للدولة لضبط الأسعار ومواجهة جشع بعض التجار واحتكار حفنة قليلة منهم للكثير من السلع في السوق.. تقوم بواجبها الوطني من خلال بيع السلع بأسعار التكلفة بالإضافة إلي التخفيضات لأسعار السلع الأساسية لعدة أيام شهرياً. وهنا يكشف المهندس سامي عن حقيقة مرة وهي أن الشركة القابضة للصناعات الغذائية تتحمل هذه التخفيضات رغم نقص السيولة لديها وارتفاع أسعار الوقود والطاقة دون مساندة من الدولة.. والمساندة هذه لا تعني أن تكون مادية.. ولكن علي سبيل المثال تقوم وزارة الكهرباء باحتساب سعر الكيلوات لشركات المجمعات ب 70 قرشاً في حين تحاسب شركات القطاع الخاص بسعر 25 قرشاً مما كان له الأثر في زيادة الأعباء علي تلك الشركات رغم مطالبة شركات المجمعات لوزارة الكهرباء بمساواتها مع القطاع الخاص دون استجابة. حقيقة أخري يوضحها المهندس سامي في رسالته وهي أن العاملين بالمجمعات الاستهلاكية يعملون في ظروف صعبة من حيث حجم الأعمال وساعات العمل التي تستمر يومياً من التاسعة صباحاً وحتي العاشرة مساء رغم تدني دخولهم ورواتبهم.. ويكادون يكونون الفئة الوحيدة التي لم تثر أي مشاكل أو اعتصامات أو إضرابات.. وهذه الفئة لا يجب أن تدير الدولة ظهرها لهم ومن الواجب تطبيق الحد الأدني للأجور عليهم. رسالة المهندس سامي تلفت أنظارنا إلي أهمية هذا الكيان "المجمعات الاستهلاكية" وضرورة الحفاظ عليها لاستمرار خدمتها للمواطن في ظل الظروف الحالية.. وهذا بالطبع يستلزم مساندة الدولة لها حتي يمكنها أداء دورها في حماية الأسرة المصرية من أتون زيادة الأسعار ومواجهة جشع التجار واحتكارهم لأي سلعة تمس القوت اليومي لها.. ولعل وعسي أن تستجيب وزارة الكهرباء لمطلب المجمعات ومساواتها بالقطاع الخاص. ولماذا لا تقوم وزارة الزراعة بعرض انتاج مزارعها من خضراوات وفاكهة ولحوم ودواجن بهذه المجمعات حتي يمكن بيعها بسعر مقبول ومناسب للمواطنين. المسألة بصراحة تتلخص في غياب التنسيق بين الوزارات المعنية بضبط الأسواق وتوفير السلع الغذائية الأساسية بأسعار مناسبة لتخفيف المعاناة عن المواطنين.. ولا يجب أن يكتفي مجلس الوزراء باستعراض تقارير الحكومة والمحافظات حول ضبط الأسواق وتوفير السلع في اجتماع أسبوعي كل "خميس" دون ترجمة حقيقية لهذه التقارير علي أرض الواقع.