تؤكد "مسودة" قانون العمل رقم "12" لسنة 2003 بصورتها الجديدة أن ترزية القوانين مازالوا يعملون ضد الدولة ومصالحها وعمالها والتعديلات الجديدة بها مواد كارثية تنم عن النية المبيتة لمن وضع التعديلات التي تجاهلت العدالة الاجتماعية للعامل.. كما تركت نصوصا تنهش في العمال من بعض أصحاب الأعمال الذين يضغطون علي جيوب العمال فخارت وذهبت معهم احلام الصناعة المصرية مع الخصخصة. تفتح "الجمهورية" ملف قانون العمل لتكشف عن الالغام التي قد تنفجر في البقية الباقية من عمال مصر ومن ثم يموت الاقتصاد الوطني بأيد مصرية أكاد أشك أنها تعشق تراب "مصر". في البداية صرخ جبالي المراغي رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر : قائلا أنا أول من يطالب بتعديل مواد القانون لاحياء مشروع الثورتين 25 يناير و30 يونيه التي شارك فيها العمال من أجل المناداة بالشعار "حرية - كرامة - عيش - عدالة اجتماعية" وبح صوتنا ولكن تمر الايام ولا أحد يسأل والان تريد فئة بعينها "سلق" القانون وهذا ما نرفضه شكلا وموضوعا لأن القانون به سلبيات ومتفجرات تخالف الدستور مما يشوبه العوار إذا خرج كما هو.. كما أن بعض مواده التي حرمت العمال من حقوقهم كما هي ولذلك فانني أشدد علي صدور القانون من مجلس النواب لضمان مشاركة العمال فيه من خلال أعضائهم المشاركين بالبرلمان القادم. ويقول محمد وهب الله الأمين العام لاتحاد العمال أنه من أشد المواد خطرا علي العمال في مسودة القانون والذي وصفه "بالمرقع" المادة رقم "122" والخاصة بانهاء عقد العمل وتنص علي "أنه في حالة إذا أنهي احد الطرفين عقد العمل دون مبرر مشروع التزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء ذلك.. ثم كان تفسيرها فاذا كان الانهاء بدون مبرر وصادراً من صاحب العمل.. للعامل أن يلجأ الي المحكمة المشار اليها وفي المادة "72" من نفس القانون بطلب التعويض الذي يراعي فيه نوع العمل وحجم الضرر ومدة الخدمة والعرف الجاري وظروف العمالة في البلد وما إذا كان العامل التحق بعمل أخر من عدمه ولا يخل ذلك في باقي مستحقاته المقررة قانونا مؤكدا أن نص هذه المادة الجديدة كان مجحفا عن النص القديم بنفس القانون لان النص القديم يلزم صاحب العمل بألا يقل التعويض للعامل عن أجر شهرين عن كل سنة من سنوات الخدمة بينما في النص الجديد تركها لتقدير القاضي. وتابع جمال عبدالناصر عقبي أمين الصندوق الاتحاد قائلا : أن نص المادة "122" قبل التعديلات وبعدها تتجاهل شيئا هاما وهو حق العامل في عودة العامل مرة أخري الي عمله الذي كان يشغله علي أن يكون عليه اثبات الظلم الواقع خاصة أن كثيرا من العمال الأن مفصولون بسبب هذه المادة رغم أنهم قضوا سنوات من عمرهم في المنشأة التي كان يعملون بها ويصعب عليهم الحصول علي فرصة عمل لان سنهم قد تقدم. أكد كل من الدكتور اسامة عبداللطيف رئيس اتحاد النقابات المصرية وسحر عثمان نائب رئيس اتحاد العمال في جزئية أن هناك تناقضا وتلاعبا في الالفاظ في المادة "122 و72" من المسودة الجديدة للقانون فيما يخص العامل حيث تنص المادة علي أنه علي العامل الذي يفصل من العمل بدون مبرر مشروع أن يطلب وقف تنفيذ قرار الفصل ويقدم الطلب الي الجهة الادارية المختصة خلال مدة لاتتجاوز أسبوعين من تاريخ اخطار صاحب العمل. أضاف المهندس خالد الفقي رئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية أن مادتي "122 و72" مخالفات للمادة "12" بالدستور الجديد حيث تنص المادة علي التزام الدولة بالحفاظ علي حقوق العمال وتعمل علي بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي الانتاج وتكفل سبل التفاوض الجماعي وتحمي العمال من مخاطر العمل وتوفر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية ويحظر فصلهم تعسفيا وذلك كله علي النحو الذي ينظمه القانون مما يوضح من خلال النص الدستوري أنه لايمكن "فصل أو إنهاء عقد" ومع ذلك فإن الفصل التعسفي في مصر زادت اعداده لتصل ل 12 ألف عامل مما يعد مخالفا للدستور الجديد وكأن صاحب العمل فوق الدستور والقانون. أكد مجدي عبدالفتاح مدير مؤسسة البيت العربي لحقوق الإنسان أن مسودة القانون في المادتين 93 و96 أبقت علي ما قرره القانون الساري من أحكان خاصة بحق المرأة العاملة في إجازة الوضع ورعاية الطفل وبذلك تكون اللجنة التشريعية كررت ذات المثالب التي انتهجها القانون الحالي. حيث قصر حق المرأة العاملة في الحصول علي إجازة الوضع مرتين فقط طوال فترة خدمتها. بدلا من ثلاث مرات التي كانت مقررة في القانون 137 لسنة 1981 هذا بالاضافة الي أن المسودة اشترطت لإمكانية حصول العاملة علي الاجازة أن تكون قد أمضت في خدمة صاحب العمل 10 شهور علي الأقل بدلا من 6 شهور كما كان منصوصا عليه في القانون 137 المشار اليه. كما قصرت مدة اجازة الوضع علي 45 يوما بدلا من ثلاثة شهور. أضاف أن المادة "96" من المسودة فقد نصت علي الحق في الحصول علي إجازة بدون أجر لمدة لا تتجاوز سنتين. في المنشأة التي تستخدم خمسين عاملا أو أكثر مشيرا الي أنه بالنسبة لعمالة تشغيل الاطفال قبل بلوغهم خمسة عشر عاما ومع ذلك يجوز تدريبهم متي بلغت سنهم ثلاث عشرة سنة بشرط ألا يعوقهم ذلك عن التعليم. كما ألزمت كل صاحب عمل يستخدم طفلاً دون سن السادسة عشرة سنة بمنحة بطاقة تثبت أنه يعمل لديه وتطلق عليها صورة الطفل وتعتمد من مكتب القوي العاملة المختص وتختم بخاتمه ومن ثم يكون المسودة قد رفعت سن التشغيل من أربع عشرة سنة إلي الخامسة عشرة. بالاضافة الي رفع سن التدريب من أثنتي عشرة سنة الي ثلاث عشرة. ومن أداء أية أعمال ترجح أن تشكل إعاقة لتعليمهم. وقال عبدالفتاح أنه علي الرغم من أن المشروع أعطي لوزير القوي العاملة سلطة إصدار قرارات بتحديد نظام تشغيل فيها وفقا لمراحل السن المختلفة. إلا أنه لم يلزمه باتباع الضوابط التي قررتها منظمة العمل الدولية والعربية الصادرة في هذا الشأن كضمانة أساسية ضد تشغيل الاطفال في الأعمال الخطرة. ممدوح المحمدي رئيس نقابة السياحة ومحمد درة رئيس نقابة الاتصالات اتفقا علي أن قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 شابه عوار تشريعي مما أدب لحدوث خلل في تحقيق التوازن في علاقات العمل وهو منحاز بشكل كبير إلي أصحاب الأعمال علي حساب حقوق العمال مما أثر بشكل مباشر علي تردي أوضاع العمال في مصر وتدهور الصناعة وإنعكاسه علي الاقتصاد وتوسيع الفجوة المجتمعية بين طبقات المجتمع المختلفة. أما شريف إدريس رئيس جمعية حماية الإنسان والمهتم الشأن العمالي أن القانون اعترف بحق الإضراب ولكنه وضع شروطا لتنظيم الإضراب مثل أن توافق ثلثا النقابة علي الاضراب وأن يعرض علي صاحب العمل الاضراب قبله بعشرة أيام ولم يعرض أو يهتم أصلا بفكرة التفاوض الاجتماعي القوي بين أطراف الانتاج. وأبدي وحيد فريد رئيس النقابة العامة للعاملين بالكيماويات استياءه من تشديد العقوبة علي العامل في مسودة المشروع الجديد بالخصم من الأجر ثلاثة أيام بدلا من يوم واحد في القانون رقم 12 لسنة 2003 حيث تنص المادة "60" الفقرة الأخيرة من المشروع ويكون لمدير المنشأة توقيع جزاء الإنذار والخصم من الأجر لمدة لا تتجاوز ثلاثة أيام وأيضا المادة "64" الفقرة الأخيرة من المشروع ويجوز في المخالفات التي يعاقب عليها بالإنذار أو الخصم من الأجر الذي لا يزيد مقداره علي أجر ثلاثة أيام من الأجر أن يكون التحقيق شفاهة وفي المادة "64" من القانون رقم 12 لسنة 2003 الفقرة الأخيرة يتضح التشدد غير المبرر التي تنص علي أنه يجوز في المخالفات التي يعاقب عليها بالإنذار أو الخصم من الأجر الذي لا يزيد مقداره علي "أجر يوم واحد" أن يكون التحقيق شفاهة. وقال أشرف الدوكار عضو النقابة العامة للعاملين بالنقل البري أن من أخطر مسودة مشروع قانون العمل المواد المراد بها تمرير قانون النقابات العمالية الذي لم يصدر بعد من خلال مواد المشروع قانون العمل الجديد وهو ما يتضح من خلال البند الثالث من المادة "34" الخاصة بتشكيل المجلس الأعلي للأجور والبند رقم "3" من المادة وتنص علي أن الأعضاء الذين يمثلون اتحاد العمال تختارهم الاتحادات العمالية بالتوافق مع مراعاة التمثيل النسبي وأيضا المادة "149" والخاصة بتشكيل مجلس وطني للحوارالاجتماعي تنص علي أن يتضمن التشكيل عدد "4" أعضاء يمثلون اتحادات العمال المعنية مع تشكيل لجان استشارية مشتركة في المنشآت التي يعمل بها خمسون عاملا فأكثر وتتكون من أحد عشر عضوا من بينهم ممثل الجهة الإدارية المختصة والباقي نصفهم يمثلون المنشأة والنصف الآخر يمثلون العمال ويتم اختيارهم بواسطة المنظمات النقابية مع مراعاة التمثيل النسبي مؤكدا أن التعددية تهدد الأمن القومي وتؤدي للفوضي. تابع كل من محمد عرابي رئيس نقابة المحاجر وهشام رضوان رئيس نقابة التعليم والبحث العلمي أن المادة "152" أيضا تنص علي شكل جديد من أشكال التعددية داخل المنشآت وكذا المادة "155" والتي تنص علي التعددية النقابية الصريحة داخل المنشآت طبقا لما ورد بالمادة التي تنص علي أن يتم التفاوض في المنشآت التي تستخدم 50 عاملا فأكثر بين ممثلين عن المنظمة العمالية وصاحب العمل وفي حالة تعدد المنظمات العمالية يكون التفاوض طبقا لما هو وارد في قانون النقابات العمالية.