لم يعد خافياً علي أحد منا الهدف الاستراتيجي الذي تسعي إليه أمريكا في منطقة الشرق الأوسط منذ بداية القرن الحالي لبسط هيمنتها علي دول المنطقة العربية واستغلال ثرواتها وموقعها الاستراتيجي وتوظيفه من أجل خدمة الصراع الخفي بين أمريكا وأعدائها التقليديين روسيا والصين.. والهدف تقسيم دول المنطقة إلي دويلات. وذلك بافتعال وتدبير نزاعات عرقية وطائفية. سرعان ما تتحول إلي صراعات مسلحة تؤدي إلي انقسام الجيوش. كلى يستحوذ علي منطقة من الدولة يرفع عليها علمه. ويدافع عنها بميليشياته كما حدث في جنوب السودان ودارفور وكردفان. والدولة الكردية شمال العراق. وتقسيم غزة والسلطة الفلسطينية. واستحواذ الحوثيين علي شمال اليمن. وتقسيم ليبيا إلي ثلاثة أقاليم: طرابلس وفزان وبرقة. وما يحدث في سوريا من استئثار أكرادها لشمال سوريا. وإعلان الحكم الذاتي. وإنشاء دويلة علوية في منطقة الساحل السوري. ويسعي المخطط لاستئصال المنطقة الشرقية للسعودية لإنشاء الدويلة الشيعية. ثم يأتي بعد ذلك تقسيم الجائزة الكبري "مصر". بالسعي لتقسيمها إلي ثلاث دويلات: مسلمة وقبطية ونوبية. علي أن تستولي إسرائيل علي سيناء. ومدن القناة. وتدير قناة السويس لحسابها. بعد أن يتم استقطاع 750 كم2 من شمال سيناء وضمها إلي غزة. وبذلك يتم تفريغ قضية الصراع العربي الإسرائيلي. ومن هنا السؤال الذي يطرح نفسه: مَن هي القوة التي تراهن عليها أمريكا لتنفذ هذا المخطط؟!!... راهنت علي القوي الإسلامية السياسية. المتمثلة في الإخوان المسلمين. لكونها أكثر الجماعات الدينية والسياسية تنظيماً وانتشاراً لنجاحها في استقطاب قطاع كبير من الشعوب العربية نتيجة متاجرتها بالشعارات الدينية التي تجذب الشباب بعد نجاحها في ثورة 25 يناير. علي أن تتولي جماعة الإخوان تشكيل الحكومة.. لكن المجلس العسكري أدار الحكم في مصر خلال عام ونصف العام. أحبط خلال هذه الفترة جميع المخططات التي استهدفت إشعال الفتنة الطائفية في مصر. إلي أن تم تسليم الحكم إلي نظام الإخوان في يوليو 2012. بموجب انتخابات رئاسية لتنفيذ المخطط الأمريكي. إلا أن الشعب كشف حقيقة الإخوان. واتهم أداة أمريكا لتقسيم مصر. لذلك قام بثورة 30 يونيه بدعم من الجيش. من الفريق السيسي. الأمر الذي أحدث صدمة كبري. وخيبة أمل في الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.. بعد أن انكشف دورهما التآمري ضد شعوب المنطقة. وتوظيف الجماعة لتنفيذ هذا الدور وتحالف واشنطن مع قطر وتركيا وحماس والتنظيم الدولي للإخوان لتصدير إرهاب القاعدة إلي مصر. وهو ما انعكس في تخطيط تصريحات كل من البيت الأبيض والخارجية والدفاع والكونجرس بتجميد المساعدات العسكرية. ناهيك عن فشل جميع مخططات الإخوان وحلفائهم في سيناء في كسر إرادة الشعب المصري وجيشه من خلال العمليات الإرهابية. حيث يتم التخطيط من قبرص. والتمويل والإعلام من قطر. والتنفيذ من القاعدة. وتزداد المخاوف الأمريكية من وصول السيسي إلي رئاسة مصر لما يملكه من مشروع قومي متكامل لإنقاذ مصر من حالة التردي الأمني التي تحياها وقدرته علي توحيد الشعوب العربية التي تري فيه منقذاً. ومثالاً يحتذي به.. وتحول السيسي من بطل وطني مصري إلي بطل قومي عربي وإسلامي. وهو ما يقلق الإدارة الأمريكية ويفسد مخططاتها في المنطقة. لذلك يري صُنَّاع القرار في أمريكا كيفية التعامل مع شخصية السيسي قبل وأثناء وبعد وصوله إلي الحكم. ومنهم من يطالب بضرورة منع وصول السيسي إلي الرئاسة بكافة الوسائل غير المشروعة من خلال دعم الإرهاب. والإصرار علي إعادة الإخوان إلي الحكم. وهو ما اعتبره العقلاء من صناع القرار الأمريكي ضرباً من الوهم والخيال. واستمراراً للرهان الخاسر علي الإخوان الذي يؤدي إلي القضاء علي ما تبقي من رصيد أمريكي لدي الشعب المصري. الذي يتهم إدارة أوباما بالضلوع في العمليات الإرهابية التي تعاني منها مصر حالياً. لذلك فإنه من المنتظر أن يحدث صدام وشيك بين مصر وأمريكا إذا ما تمكن الفريق الرافض للمشير السيسي من فرض رؤيته علي الإدارة الأمريكية. وهذا ما يعكس عدم فهم أمريكا للواقع المصري بتكاتف الشعب مع جيشه. وهو ما عبر عنه المشير السيسي أكثر من مرة عندما أقسم بأن الجيش كله علي قلب رجل واحد..كما تأكد للجميع أن جماعة الإخوان في مصر والعالم قد وضعوا نهايتهم في مصر والعالم العربي. ولا عودة لهم حتي مائة سنة قادمة.