للراغبين في الشراء.. سعر الذهب اليوم الأحد    السعودية تلغي تصاريح بعض حجاج الداخل بسبب اللقاحات وتوجه رسالة للوافدين    توقعات بفوز اليمين، 21 دولة يختتمون اليوم انتخابات البرلمان الأوروبي    البحرية البريطانية: حريق شب في سفينة نتيجة قذيفة أطلقت من اليمن    مصرع وإصابة 19 شخصا في انهيار شرفة ملهى ليلي بالمكسيك (فيديو)    انخفاض طفيف ومؤقت، درجات الحرارة اليوم الأحد 09 - 06 - 2024 في مصر    اليوم.. مغادرة آخر أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    تامر عبد المنعم عن صفعة عمرو دياب: كل واحد يلزم حدوده ومليون دولار لن تكفي لرد الكرامة    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    طلاب «إعلام المنوفية» يطلقون حملة «إعلامنا» للتعريف بالكلية ومميزات الدراسة بها    أخبار غزة.. مسيرات تدد بمجزة النصيرات والاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدات جديدة    عاجل: حدث ليلا.. الغضب يشتعل ضد نتنياهو واحتجاجات عنيفة أمام البيت الأبيض    حزب الله يعلن قصف مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل الإسرائيلية براجمة من صواريخ فلق 2    عاجل.. اتحاد الكرة يحسم مصير إمام عاشور من المشاركة أمام غينيا بيساو    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    أمم أوروبا 2024.. المنتخب الإنجليزي الأعلى قيمة سوقية ب 1.78 مليار يورو    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم في الأسواق    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 ونيو 2024    جدول مواعيد امتحانات الثانوية العامة 2024.. تنطلق غدا    «التعليم»: اتخذنا إجراءات غير مسبوقة لمنع تداول امتحانات الثانوية    البنك المركزي يعلن معدلات التضخم في مصر بنهاية مايو.. الاثنين    طرح البرومو الدعائي لفيلم عصابة الماكس: في كل خطوة كمين (فيديو)    مناخ «الزراعة»: الموجات الحارة تؤثر على الفواكه والخضروات    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    «زي النهارده».. 9 يونيو 1967 تنحي الرئيس عبدالناصر بعد نكسة 67    وزير الصحة يتفقد مستشفيي رأس الحكمة والضبعة المركزي بمطروح (صور)    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    حبس 8 مسجلين خطر بينهم سيدة ضبط بحوزتهم 13 كيلو مخدرات بالقاهرة    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    «القومى للمسرح المصري» يحتفي بدورة «سميحة أيوب»    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    حظك اليوم برج الحوت الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتابة عمل كلابي .. لا انقلابي!!
نشر في الجمهورية يوم 01 - 01 - 2014

1⁄4 زمان قرأت كتاباً نثرياً للشاعر الراحل نزار قباني. كان عنوانه "الكتابة عمل انقلابي".. وكان يعني أن الكتابة لابد أن تكون انقلاباً قلمياً علي أوضاع سيئة.. أي تكون سباحة ضد تيار الفساد والظلم. والشر.. ولابد أن تكون مختلفة. لا مخالفة.. يعني حتي لو كانت موافقة ومؤيدة. لابد أن تكون مختلفة.. ولابد أن يصدق الكاتب ما يكتب قبل أن يطلب من القارئ تصديقه.. والذي يسبح ضد تيار جارف. لابد أن يجيد العوم. وإلا سيغرق ويغرق معه من "يعوم علي عومه".. لكن ما قاله نزار لا يصلح لزماننا هذا.. والكتابة لم تعد عملاً انقلابياً. ولكنها صارت عملاً كلابياً.. أي أن قافلة الشر والفساد والعنف في عالمنا العربي كله تسير بثبات وقوة.. والكُتَّاب مجرد كلاب تنبح.. ولم يعد في العالم العربي قراء. أو من يريدون أن يكونوا قراء.. تماماً كما لم يعد فيه تلاميذ ومتعلمون.. والكل صاروا أساتذة ومعلمين.. وأساطين الكتابة الذين بقوا علي قيد الحياة هجروها تماماً إلي التليفزيون. لأن الكتابة لم تعد تصنع نجوماً.. والناس يبحثون عن نجومية بأي شكل. ولا تعنيهم الفكرة أو القيمة.. ومصر التي كانت تعج بالمفكرين والكُتَّاب. والفنانين والأدباء. تعرضت لتجريف تام وشامل.. ثم تحول التجريف إلي التحريف إلي أن وصلنا إلي مرحلة التخريف.. التخريف في كل شيء.. في السياسة والإعلام. والفن والثقافة. والاقتصاد والتعليم.. والمخرفون هم نجومنا اليوم.. والأقدر علي التخريف. هو الأكثر ذيوعاً وشهرة ونجومية.. والناس يخالفون ولا يختلفون "يعني يشوفك أنت رايح فين. ويمشي عكس اتجاهك".. والمختلف معك غير من يخالفك.. فالمختلف معك لديه رؤية. أو فكرة بديلة.. لكن من يخالفك ليس لديه بديل. وهدفه فقط أن يكون ضدك. "يقولك لا.. وما يقولش ليه لا".
الاختلاف موضوعي فكري.. هو يختلف معك في الرؤية والموضوع والفكرة.. لكن المخالفة ذانية.. هو ضد شخصك. لا ضد فكرتك "أنت مش نازله من زور".. لذلك صارت الكتابة وصار الحوار عملاً كلابياً. لا انقلابياً.. صارت الكتابة والحوار عملاً عبثياً.. فأنا لا أريد أن أقنعك. ولكني أريد أن أقلعك.. لا أريد أن أنفي فكرتك. ولكني أريد أن أنفيك أنت.. أنفي ذاتك.. أنا أكرهك. لذلك لا أريد أن تكون صاحب رأي جيد. وفكرة سديدة.. ولأننا متخالفون ومتكارهون.. لا مختلفون أو متوادون.. فإن حوارنا صار عراكاً يبلغ حد القتل والتدمير والتخريب.. وانتقلت الحالة الكروية القديمة إلي الحالة السياسية.. نفس حوار جماهير الكرة تحول إلي حوار جماهير السياسة.. حوار المتضادين سياسياً هو نفسه حوار المتضادين كروياً.. نفس حوار الأهلاوي مع الزملكاوي زمان.. لا طائل منه ولا نهاية له "وقلته أحسن".. لأنه حتماً سينتهي بمعركة قد تؤدي إلي الموت والسجن للطرفين.. وليس صحيحاً أن الشعب المصري صار مُسيَّساً بعد وكسة يناير.. والصحيح أن الحماقة والتعصب انتقلا من كرة القدم إلي السياسة.. بدليل أن كرة القدم أصبحت الآن هامشية جداً. ولا أحد يتابعها. أو تعنيه هزيمة أو فوز الأهلي. أو الزمالك. أو الإسماعيلي.. ولو عادت الجماهير إلي مدرجات كرة القدم. فسوف نشهد معارك طاحنة ليس بين جماهير الأهلي والزمالك مثلاً.. ولكن بين جماهير الإخوان وجماهير 30 يونيه.. ولن يتابع الجمهور المباراة.
زمان عرفنا الرجل الزملكاوي الذي طلق زوجته لأنها أهلاوية. أو العكس.. والرجل الذي قتل أو أصاب زوجته المخالفة له كروياً.. والتي "غاظته بعد فوز الفريق الذي تشجعه علي الفريق الذي يشجعه زوجها".. الحالة انتقلت بحذافيرها الآن إلي السياسة. فالرجل الإخواني يطلق زوجته التي تشجع خارطة المستقبل.. وهناك من يقتل زوجته المخالفة له.. الحالة المرضية انتقلت من كرة القدم إلي السياسة.. الحماقة واحدة. لكن موضوع الحماقة اختلف.. صار سياسة بدلاً من كرة القدم.. حتي الحالة الدينية عندنا صارت تشبه الحالة الكروية زمان.
التعصب والتطرف مرض مصري وعربي عُضال. لا أعتقد أن هذه الأمة ستبرأ منه.. وهو مرض طال كل شيء. وبلغ حد الحماقة التي أعيت مَن يداويها.. والحوار يزيد التعصب اشتعالاً. لذلك لم يعد ذا جدوي.. ولأننا متعصبون فإننا يسهل استخدامنا ضد بعضنا.. وكما كنا نستعين بحكام أجانب في كرة القدم.. فإننا نستعين علي بعضنا بحكام أجانب في السياسة.. ونخوض حرباً بالوكالة ضد بعضنا كما يحدث في سوريا.. وعندما تطول الحرب ويتدفق الدم ويسقط القتلي.. تصبح الحرب غاية في ذاتها. وليست وسيلة لرد عدوان أو دحر حاكم ظالم.. وننسي مع طول الوقت وسقوط القتلي وتدفق الدم "احنا كنا بنتخانق علي إيه"؟!!
وهنا يصبح الحوار والكتابة عملاً كلابياً لا انقلابياً.. مجرد كلاب تنبح.. والأدهي أنها كلاب منزوعة الأنياب. لا تعض ولا يخافها أحد.. الكتابة مجرد نباح كلاب شوارع ضالة. لا تخيف أحداً.. والحوار عمل كلابي في كل مجال.. في كرة القدم والسياسة. والإعلام والصحافة. وعلي المقاهي.. وحين أتابع اثنين يتحاوران أحدهما يقول: إن 30 يونيه انقلاب. والآخر يقول ثورة.. أضحك كأنني أبكي. وأتذكر حوارنا زمان بعد مباراة الأهلي والزمالك.. فطرف يري أن الهدف صحيح.. وطرف يؤكد أنه تسلل.. طرف يري أن الحكم متحيز.. وآخر يري أن الحكم عادل ونزيه.. المنتصر يري الصورة وردية.. والمنهزم يراها سوداء "وزي الزفت".. وفي النهاية "يمسكوا في خناق بعض".. فالمسألة عبثية وغبية "وعبيطة". سواء في كرة القدم أو السياسة.. والعنوان الرئيسي هو التعصب والتطرف والكراهية.. لذلك يكون الحوار مجرد مناكفة. ومكايدة واستفزاز.. زمان بعد المباراة كنت أحاول أن أكون عاقلاً ومجاملاً إذا فاز فريقي.. فيقول لي مشجع الفريق المهزوم "احنا قطعناكم".. فأقول له: "فعلاً انتوا لعبتوا واحنا فزنا".. فيقول: فزتم بالحظ والحكام والزور.. يريد أيضاً أن يناكفني.. فأستعصي عليه وأقول: "ماشي.. المهم النتيجة".. وأقول مرة أخري: "خلاص بقي.. هارد لك".. فيقول: لا.. أنا غير معترف بفوزكم.. فأقول له: "طب عايز إيه دلوقت؟!".. فيغضب ويسب ويلعن ويخاصمني عدة أيام. ثم يعود إلي صداقتي.
****
* الفرق بين الحالة الكروية والحالة السياسية أن خصمك لا يعود إلي صداقتك في السياسة.. وربما يقتلك إذا أتيحت له الفرصة.. الكراهية في الحالة السياسية أكثر تجذراً. وعمقاً.. والإخوان مثلاً لا يرون أن المباراة انتهت.. بل يرون أنهم لابد أن يقتلوا اللاعبين الخصوم والحكام والجماهير. ويعلنوا بعد ذلك فوزهم بالعافية.. وهم لا يريدون أن يعترفوا أو يعرفوا أن كل قطرة دم تسيل. وكل عبوة ناسفة تنفجر. أو لا تنفجر. وكل حريق يشعلونه يزيدهم ابتعاداً عن المشهد. وعن الشعب. ولا يقربهم إلي الحكم.. وحرب الاستنزاف أو الإنهاك التي يخوضها الإخوان تنهكهم وتستنزفهم هم.. كما يُستنزَف رصيدهم أو ما تبقي منه في الشارع.. والإخوان أوتوا عبقرية التصرف ضد أنفسهم.. وأوتوا رذيلة العناد والمكابرة والمناكفة. التي أودت بالنظام الذي سبقهم.. واختصر الإخوان المشهد كله اختصاراً مخلاً. فجعلوه مجرد "السيسي" في مواجهة مرسي.. بينما المشهد هو الشعب في مواجهة جماعة أو تنظيم.. أو قل إذا أردت الدقة.. القسم الأكبر من الشعب في مواجهة أخطاء جماعة الإخوان.. ولو جند الإخوان أعدي أعدائهم لإسقاطهم والإساءة إليهم.. ما استطاع أن يفعل نصف ما فعلوه في أنفسهم.. ولو آمن الإخوان بالشعب المصري لانضموا إلي المنهج الجديد بعد 30 يونيه. ولاعترفوا بأخطائهم.. وسوف تُفاجأ بأن الشعب أتي بهم مرة أخري إلي سدة الحكم.. لكنهم آثروا المواجهة والعناد. وانتحروا سياسياً.. "يا خسارة.. أنا واحد من اللي كان عندهم أمل في الإخوان..".. والآن أعترف بأنني كنت مخدوعاً مثل ملايين غيري.. والفرق أنني أعترف ومعي كثيرون.. لكن كثيرين أيضاً يكابرون.
لذلك أقول لكم إن الحوار الآن عبثي والكتابة عمل كلابي لا انقلابي.. تماماً كما أوحي الله تعالي إلي نوح عليه السلام أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن "خلاص.. لا داعي إذن للجدال. وعلينا أن نصنع الفلك كما فعل نوح".. ولا يخاطبنا أحد في القوم الظالمين الذين ظلموا أنفسهم ولم يظلمهم أحد.
وكل المفسدين والمتطرفين والحمقَي هم "عملنا الردي".. و"قرفتنا الوحشة".. ليسوا أبناءك يا مصر.. إنهم عمل غير صالح.. وعلي مصر أن تكف عن رذيلتها التي طال وقتها جداً. وهي تنجيم المفسدين والحمقي والمترفين الذين أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة.. لقد أوتينا رذيلة "التنشين" علي أسوأ العناصر لتعتلي كل قمة وتتبوأ كل منصب.. حتي قلت يوماً في هذا المكان أيام حكم مبارك: "مَن فَسَد حصَدْ.. وقلت: فسادك أوراق اعتمادك".. كلما فسدت ازدادت فرصك في الترقي وبلوغ القمة.. كلما تدنيت ولعقت الأحذية. ازداد حظك في النجومة.. وكأن ذلك مكتوب علينا.. لا يبلغ قمتنا ولا يفوز بمناصبنا إلا أراذلنا بادي الرأي.
كلما نادينا الشاردين والمفسدين والمكابرين والمعاندين: يا ناس اركبوا معنا في السفينة.. قالوا مكابرة وعناداً: لا.. سنأوي إلي جبل يعصمنا من الماء.. "خلاص اللي ركب السفينة ركب. واللي ركب راسه ركب".. وسيحول بيننا الموج فيكون المعاندون والمتعصبون والكارهون من المغرقين.. ولا مجال للبكاء علي هؤلاء.. ولا معني لأن نقول إنهم من أهلنا.. والصحيح أنهم "عملنا الردي".. نحن نجيد جداً اختيار الأسوأ.. نحن لا تروج عندنا إلا السلعة الأردأ.. ولا يُكسر الدنيا عندنا إلي أكثر الأفلام إسفافاً وضحالة وقذارة.. ويتعب.. بل ويكذب كل من يراهن علي الشعب.. فالشعب لا يريد أن يفيق من سكرته أو غفوته.. فلا إجماع إلا علي باطل. ولا أغلبية إلا علي كل تافه ومسف.
"وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين".. هذا كلام رب العزة. جل وعلا.. لرسول الله "صلي الله عليه وسلم".. وآية كريمة أخري تقول: "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون".. وقال تعالي مخاطباً الرسول "صلي الله عليه وسلم": "فإنك لا تهدي مَن أحببت".. الهداية من الله.. "مافيش حد يقدر يهدي حد".. ومن يهدي من أضل الله؟!.. ومن يستطيع أن يهدي الأخسرين أعمالاً. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً؟!.. من بإمكانه أن يهدي الذي يعجبه قوله. وتأخذه العزة بالإثم ويشهد الله علي ما في قلبه وهو ألد الخصام؟!!
الكتابة لم تعد مجدية في العالم العربي كله.. والحوار لم يعد ذا معني لأن الناس كفوا تماماً عن أن يقرأوا أو يسمعوا.. وكل امرئ في بلدي وفي أمتي يرفع شعار: "أنا عارف كل حاجة.. أنا فاهم كل حاجة".. والشعوب العربية بلغت الدرك الأسفل من الحماقة والغفلة والتعصب. والتطرف والإرهاب.. والناس في أمتي تحولوا إلي عبوات ناسفة متحركة.. تفجر نفسها إذا لم تجد ما تفجره!!!
****
* ولأننا مندفعون ومتهورون. وحمقي.. صارت بلادنا مرتعاً خصباً لكل أجهزة استخبارات العالم.. ونجحت بامتياز كل المؤامرات التي استهدفت إسقاط الدول العربية. فيما سُمي الربيع العربي.. وانتهي تماماً ما يسمي النظام العربي. أو العالم العربي.. وأصبحت إسرائيل بفضل غباء وحماقة وإرهاب الشعوب العربية تعيش أزهي عصور الأمن والأمان.. "فالعرب قايمين بالواجب وزيادة" في ذبح بعضهم من أجل السلطة والمال. وكل المتآمرين في العالم.. وكل الأعداء يفاجأون بأن العرب يقدمون لهم خدمات تفوق أحلامهم.. فالعربي إناء مسمم. وملوث. تضع فيه أي سائل فتجده قد تسمم وتلوث.. ولم تصلح لهذه الأمة أي نظرية ولا أي منهج حكم. أو إدارة.. وهي أمة تتحدث كثيراً عن الاستقلال والحرية. بينما هي أدمنت الذل والتبعية. والعبودية.. ولا لوم علي المتآمرين. فهذا حقهم. وتلك مصالحهم. ولكن اللوم علي الأغبياء. الذين ارتضوا أن يكونوا أدوات تآمر وعصياً في أيدي الأعداء.. والمشهد العربي مقزز فعلاً.. فهو مشهد دموي إرهابي إقصائي.. ولم يعد نداء نوح لابنه بأن يركب معه السفينة مجدياً.. فقد ركب الابن الأحمق رأسه.. كما ركب الإخوان رءوسهم.. وقالوا كما قال ابن نوح إنهم سيأوون إلي جبل يعصمهم من الطوفان.. وها هم يغرقون لكنهم يريدون إغراق الوطن معهم.. "الواحد كان زمان يستمتع بالكتابة.. واليوم بقيت أكتب وأنا قرفان".. فلم يعد هناك من يقرأ. ومن يسمع. ومن يفهم. ومن يتدبر.. والكتابة صارت مجرد عمل كلابي.. لا انقلابي!!!
نظرة
إذا فسد التعليم في أمة. فإنها الحالقة والكارثة.. والنظام التعليمي في مصر هو الذي يصدر لنا كل المشوهين الذين جعلناهم نجوماً.. هو الذي يصدر لنا الصحفيين والإعلاميين والأطباء والمهندسين والقُضاة.. أي يصدر للوطن نجومه. وينتج له نُخبته.. ولأن مصنع النُخبة "كُهْنَة" ومتهالك. فإنه ينتج للوطن نَكبة. لا نُخبة.. والمعلمون هم أسوأ عناصر المجتمع اليوم.. هم الماكينات "الخربانة" التي تنتج النخبة.. ومعلمو الأطفال هم الأسوأ علي الإطلاق. وهم الذين يضربون غد الوطن في مقتل.. تخيل معلمة أطفال وظيفتها تدريس الرياضيات. "يعني حكاية بعيدة جداً عن السياسة".. لكنها مصممة علي نقل تعاطفها مع الإخوان للأطفال.. وصبت جام غضبها وأقذع شتائمها القذرة علي مؤيدي 30 يونيه. وخارطة الطريق.. وقد وضع أبوعثمان الجاحظ كتاباً كاملاً عن حكايات معلمي الصبيان. وكان يري أنهم أكثر خلق الله حماقة.. وأنك إذا جلست مع معلم صبيان ساعة ثم انصرفت من عنده. فلابد أن تشعر بنقص في عقلك.. فإذا اجتمعت في المعلم نقيصتان فإنها مصيبة كبري. "أن يكون معلماً.. وأن يكون أنثي".. هنا يجمع المعلم بين حماقتين وكارثتين.. وكنا زمان نقول: لا يصلح التعليم بلا تربية.. واليوم نقول: لا تربية ولا تعليم. وأن معلمي مصر في كل المراحل من الروضة إلي الجامعة خريجو "كلية التُرَبية بضم التاء وفتح الراء".. فهم فعلاً تُرَبية "جمع تُرَبي".. وهم الذين يدفنون الوطن حياً!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.