نتيجة عجز المدارس الحكومية عن تقديم تعليم يؤهل الخريج لسوق العمل سيطر رأس المال وظهرت المدارس الخاصة والاجنبية والدولية التي تتبع نظماً تعليمية لطبقة محدودة من المصريين يمتلكون المال والسلطة في الوقت الذي عاني فيه البسطاء من التكدس في الفصول واتباع طرق تعليمية متحجرة واصبحت الوظائف المتميزة من نصيب طبقة الأثرياء بينما يعاني الفقراء من البطالة أو القيام بأعمال دون مستوي المؤهل مما خلق طبقية وظيفية. شعبان عبدالظاهر سائق يقول: المدارس الحكومية بجميع مراحلها لا تقدم تعليماً فأولاد الناس الغلابة يذهبون لمدارسهم من أجل التعذيب ومزيد من الحرمان والفقر فأولادي الثلاثة بإحدي مدارس الجيزة يأخذون دروساً خصوصية ليتعلموا أما في المدرسة فيكتفي المدرسون بجمع المزيد من التلاميذ للدروس فقط. يتفق معه في الرأي ياسر حمدي موظف مشيراً إلي ارتفاع الكثافات بهذه المدارس وخاصة بالمرحلة الابتدائية ليصل إلي 120 طالباً في الفصل الواحد ويجلس أكثر من نصفهم علي الأرض والباقي بالتبادل والمثير للدهشة أن المسئولين عند بداية كل عام دراسي يرفعون الشعار الزائف "كله تمام". نفس الوضع يشير إليه باسم محمد موظف حيث إنه من محدودي الدخل ولا يستطيع إلحاق أولاده بمدارس خاصة لمصاريفها العالية ومتطلباتها المبالغ فيها ولكن ما يعكر صفوه هو رفض المدرسين إعطاء مجموعات تقوية. تضيف أشجان عبدالمنعم ربة منزل: الانشطة يقع عبئها علي ولي الأمر لوحده حيث إن التقويم الشامل يتطلب من الطالب عمل أنشطة باستمرار لذا ولي الأمر هو الذي يقوم بها دون مشاركة المدرسين وبالتالي يتخرج الطالب من المدارس الحكومية بلا علم أو مهارات وتضيع فرصته في سوق العمل. وتؤكد أمنية صلاح الدين حديثة التخرج أن التعليم بالمدارس الخاصة مختلف تماماً عن المدارس الحكومية وهذا ما عانيته حيث إنني دخلت مدرسة خاصة حتي المرحلة الاعدادية وكنت متفوقة لوجود إمكانيات عالية بالمدرسة فالمدرس يشرح والطالب يتفاعل معه كما أن هناك لغات تدرس منذ الصغر وكذلك الكمبيوتر ولكن عندما انتقلت للمرحلة الثانوية بالمدارس الحكومية وجدت فرقاً شاسعاً فالمدرسون الكثير منهم مستواهم العلمي ضعيف جدا لذا عانيت الكثير خلال دراستي الثانوية ولولا متابعة والدتي لي لضعت. سوزان عبدالهادي سكرتيرة بشركة كبري ترفض التعليم الحكومي لذا أصرت علي إدخال أولادها الاثنين مدارس هاي كلاس حتي يتعلموا تعليماً حقيقياً فالمعلم في هذه المدارس ذو خبرة وكفاءة علاوة علي راتبه المناسب يضمن له حياة كريمة وأولادها يعودون للمنزل للعب فقط حيث إن المدرسة تقوم بالمذاكرة أيضا. تري شاهيناز علي مبرمجة أن المدارس الدولية تقدم تعليماً جيداً بالمناهج دولية وهذا ما سعت إليه حدث أدخلت أولادها مدرسة إنجليزية حتي يجدوا فرص عمل مناسبة فالتعليم لابد أن يقترن بتطوير المهارات. يفضل وائل سعد محاسب التعليم الخاص فلديه طفل بمرحلة رياض الاطفال يحظي بإهتمام كبير داخل المدرسة الأجنبية حيث التعليم الحديث المتميز المقترن بممارسة الرياضة والأنشطة كما أن المدرسة تتابع ميوله واتجاهاته. الدكتور حسن شحاتة الخبير التربوي يشير إلي أن الدولة تنفق 66 مليار جنيه علي 18 مليون طالب في 50 ألف مدرسة وهذه الميزانية يضيع 90% منها علي الأجور المتدنية للمعلمين أي أن الدولة غير قادرة علي الانفاق علي التعليم وعلي استيعاب كل الطلاب مما دفع بعض الآباء إلي الحاق ابنائهم بالمدارس الخاصة والاجنبية خاصة وأن الدولة تشجعها لذا نجد الكثير من رجال الاعمال فضلوا الاستثمار في التعليم بإقامة مدارس أجنبية وخاصة تهتم بتقديم تعليم متميز وهذا التنوع والتعددية في التعليم سواء كان خاصاً أو أجنبياً أو دينياً متمثلاً في المدارس الأزهرية تؤدي إلي ثراء بل وتخريج متعلم يمتلك مهارات وقدرات متعددة تناسب سوق العمل العالمي. نادية شريف أستاذ بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة توضح أن التعليم الحكومي لم يعد تعليماً فالفصول مكدسة بالطلاب ومنظومة التعليم بها نقص شديد في الإمكانيات المادية ورواتب المدرسين متدنية حتي الكادر أصبح مشروطاً علاوة علي ذلك أن الخريج الحكومي لا يجد فرص عمل مقارنة بالخاص حتي داخل التعليم الحكومي هناك طبقية فالتجريبي والمتميز بمدارس المستقبل أضاع تكافؤ الفرص وبالتالي المجانية والأمل في الدستور الجديد الذي جعل التعليم التزاماً وليس حقاً. وتقول إنشاد عزالدين أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية الطبقية موجودة منذ بدء الخليقة والتباين الطبقي نتيجة الحراك الاجتماعي ونتيجة قلة ميزانيات الدولة جعل هناك تقصيراً في الوفاء بمتطلبات الوطن لذا كان لابد من مشاركة رأس المال وهذا ما أثار الأحقاد وتلاشت معه الطبقة الوسطي والتعليم الحكومي أصبح فاشلا ومترهلاً لتدني أوضاع المدرسين واحتياجات سوق العمل أصبحت عالمية مما شجع ظهور رأس المال وهذا خلق نوعاً من التفاوت الطبقي ومزيداً من القهر والحرمان. الدكتور أحمد يحيي أستاذ علم الاجتماع جامعة قناة السويس: التعددية سمة من سمات الحياة والقضية لا تتعلق بالغني والفقر بقدر ما تتعلق بالقدرة علي العدالة ولكن المجتمع تحول لتحقيق مصالح الاغنياء دون الفقراء وهنا يكمن الخطأ في إدارة الدولة للمدارس الحكومية حيث عدم الاهتمام بالتعليم انعكس سلبا علي مستوي الخريجين لذا لابد أن تقتصر مجانية التعليم حتي المرحلة الثانوية ويجب الاهتمام بكليات التربية بحيث تصبح كليات عليا للطلاب المتفوقين فقط للدراسة التربوية في الآداب والعلوم لمدة عامين بعد تأهيلهم نفسياً واجتماعياً بحيث يصبحون معلمين ويجب النظر لقضية التعليم علي أنها قضية أمن قومي.