مشروع مجمع حدائق أرض مطار إمبابة حلم 880 ألف مواطن يقطنون المنطقة أصبح حقيقة تمتد علي مساحة 314 فداناً انتزعتها الحكومة من مخالب كبار المستثمرين في عهد مبارك واستثمرت فيه 400 مليون جنيه ليضم 4 حدائق عامة ومسطحات خضراء بخلاف مبني الحي وجمعية الهلال الأحمر والسنترال ومكتب البريد. الحديقة الدولية علي مساحة 38 فداناً والمرتبطة بمحور عرابي والطريق الدائري افتتحت في 15 أكتوبر الماضي.. لكن يا فرحة ما تمت أكوام القمامة انتشرت فجأة في المكان وأحيط بالتكاتك والأبنية العشوائية مما يطرح سؤالاً هاماً حول مستقبل المشروع وجدواه في ظل تفشي تلك السلوكيات؟ أحمد حسن تاجر أقمشة من سكان المنطقة يرجع ذلك لعدم توافر أماكن أو صناديق لتجميع القمامة الأمر الذي يجبر الأهالي علي التخلص منها بأقرب مكان أملاً في حضور سيارات الرفع لتزيلها. ويضيف خالد محمد أن القمامة أغلقت مسار قطار المناشي بداية من المزلقان المقابل لمنطقة الكيلاني وعزبة الخطيب الشوارع الداخلية امتلأت بالقمامة وبدأ الزحف علي المحاور والطرق الرئيسية يتفق معه عبدالرحمن حسن مضيفاً أن المحور الجديد الذي تم افتتاحه في أكتوبر الماضي لتخفيف العبء علي الدائري من نهاية شارع الحديقة بمجرد انصراف المسئولين من الموقع بدأ زحف القمامة إليه. يستغيث جمال فايز مؤكداً أن سيارات الشركة الإيطالية الجديدة لرفع القمامة ومتعهديها يقومون بتجميع وإعادة فرز القمامة المجمعة من الأحياء الراقية المجاورة مثل حي المهندسين والدقي والعجوزة أرض مطار إمبابة. مباني الخدمات الإدارية كالقسم والحي وجمعية الهلال الأحمر ومعهد القلب انتهت منذ أكثر من عام ولا يتواجد بها سوي حراس أمن المباني وسكان المنطقة يعانون من غياب الأمن ونقص المرافق. عزت عماد الدين يقول: سائقو الميكروباص والتوك توك تجمَّعوا حول الحديقة وعلي الرغم من تجهيز القسم بالجهة المقابلة إلا أننا لم نر عسكري أمن واحد منذ بنائه العام الماضي. ويتفق معه محمد محمود علي قائلاً: المباني تكلف إنشاؤها الملايين ولم تبدأ العمل حتي الآن. ويتساءل محمود عبدالعزيز: كيف سيتم استكمال المرافق والبنية التحتية للمساكن المجاورة للمشروع وقد تم وضع الدعائم الأولي للرصف مشيراً إلي أن ذلك إهدار للمال العام . ويري محمد الصعيدي من سكان المنطقة أن التطوير أصبح مستحيلاً بعد أن استغل المقاولون الغياب الأمني وعدم رقابة المحليات وبنوا عمارات شاهقة لا تتناسب مع عرض الشارع وعلي امتداد 17 متراً طول الشارع وصولاً بالطريق الدائري وبدون تقاطعات تيسر المرور من وإلي المنطقة. مدارس بلا مرافق مشروع مجمع المدارس بأرض مطار إمبابة يضم 22 مدرسة من بينها 9 مدارس تدرس بالإنجليزية و7 مدارس تدرس بالفرنسية و5 مدارس باللغة الألمانية بالإضافة إلي مدرسة واحدة يمكن تجهيزها علي أعلي المستويات لذوي الاحتياجات الخاصة وتستوعب جميعها 5.16 ألف طالب من الممكن زيادتها في المستقبل إلي 22 ألفاً تم تنفيذ مجمع مدارس الرواد الابتدائية والإعدادية والتجريبية ولكن للأسف بلا مرافق والقمامة تراكمت داخل فصولها. نجاة عبدالجواد علي تستغيث من خدمات الصرف الصحي داخل المدرسة الابتدائية فهي منعدمة تماماً والروائح الكريهة تنتشر بسبب الصرف الصحي. وتتفق معها هند علي.. قائلة: إن طفح الصرف داخل المدرسة سبب انفجار كابل الكهرباء الرئيسي الذي يغذي مجمع المدارس بالكامل والكثافة داخل الفصول وصلت إلي 90 طفلاً في الفصل الواحد. وتؤكد حنان علي أحد أولياء الأمور بالمدرسة الإعدادية أن نظافة الفصول يقوم بها طلاب تحت ضغط المدرسين بحجة أن وزارة التربية والتعليم لم توفر سوي عامل واحد. وتتساءل سعاد مصطفي عن خطر تصادم الأطفال بالتكاتك والميكروباصات التي احتلت أسوار مجمع المدارس واعتبرته الموقف الرئيسي للمنطقة. أما عن د.ممدوح حمزة الخبير الاستشاري وصاحب فكرة المشروع فيقول: نحتاج لثورة علي أنفسنا قبل ثورة النظام لنتخلص من سلوكيات التوك توك وأخلاقيات الأتوبيس واحتلال الأرصفة لنضع أصابعنا علي أهم أسباب فشل أي اتجاه نحو التطوير. فتلك المنطقة التي تعد من أكثر مناطق القاهرة الكبري عشوائية وكثافة سكانية وتلوثاً زادت مشكلاتها بعد بناء العمارات الشاهقة حول المشروع والتي من المتوقع أن تستوعب كماً مضاعفاً من السكان يسلكون نفس سلوكيات التخلص البدائي من القمامة واستغلال الغياب الأمني بالبناء العشوائي.. وغيرها. وأضاف أن فكرته الأساسية كانت مشروعاً خدمياً للمصريين عامة دون فئة محددة منهم ولا ينتظر منه تحقيق أرباح ولكن التنفيذ غيّر المسار إلي استثمار الأراضي بأيدي كبار المستثمرين بمشروعات سياحية لا تخدم سواهم. ومضيفاً: المشروع كان سيمنح الطلاب المصريين الدارسين في تلك المدارس. الكثير من الصفات التي تحمل وزن "أفعل" أهمها مساحات "أوسع" لممارسة الأنشطة وكيانات تعليمية "أفضل" لتخريج أجيال "أكثر" تميزاً تستطيع النهوض بالوطن. معلناً غضبه وسخطه علي المدارس التي تحتل فيللات أو عمارات قلب القاهرة. يتكدس الطلاب داخل فصولها دون أن يكون لهم حق التمتع باللعب في ملاعبها. أو ممارسة الأنشطة فيها. وتري الدكتورة فادية أبو شهبة أستاذ علم الاجتماع ورئيس مركز البحوث النفسية والجنائية بالمركز القومي للبحوث أننا لابد أن ننظر نظرة أكثر واقعية لسكان تلك المناطق فالتطوير السلوكي لسكان تلك المنطقة ليس له جدوي دون توفير عناصر الحياة الآدمية الرئيسية كالغذاء المناسب والمسكن الآمن ومياه صالحة للشرب وعمل مربح مضيفة أن أحد أهم عوامل ارتفاع معدلات الجريمة بمصر هو استفزاز الفئات الضالة بالقصور والفنادق وغيرها من مظاهر البذخ وسط الكتل السكنية العشوائية التي تفتقر لأبسط سبل العيش الآدمي وفي الوقت الذي يحتاجون فيه لأبسط المرافق تتجه الحكومات لبناء منتجع سياحي يخدم المستثمرين بالمقام الأول وسط مساكن البسطاء. حيث يمثل فقر العشوائيات والجهل والأمية والبطالة أشرس العوامل لترسيخ القيم المجتمعية الفاشلة وتلاشي القيم الدينية شيئاً فشيئاً خاصة في ظل غياب الأمن وفوضي القانون. ويتفق معها د.هشام الهلباوي خبير العشوائيات مؤكداً أنه لتطوير المناطق العشوائية لابد من اتباع عدة خطوات تبدأ بدراسة احتياجات سكان المنطقة ومشاكل البنية الأساسية والاقتصادية والصحية لديهم وربط التطوير باحتياجاتهم الأولية وذلك بتكوين لجنة من الأهالي مختارة لتحديد متطلباتهم من التطوير ويري أن أقصي أحلام سكان منطقة مطار إمبابة هو إقامة وحدة صحية ومركز للشباب بسيط وغيرها من الاحتياجات الأولية. ويضيف أن استيراد تجارب غير منطقية علي أرض الواقع لمجرد عمل شو إعلامي لا يمثل إرادة سياسية حقيقية لتطوير المنطقة العشوائية كما أنه يهدر الموارد في الوقت الذي توفرها فيه الحكومات المصرية بالكاد في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة. وأكد أنه تبرع للحكومة عام 2009 بدراسة مستوفية بالخرائط اللازمة ونظام معلوماتي محكم لتطوير عشوائيات مصر ولا حياة لمن تنادي.