حب.. وحبر.. كلمتان قد يبدو انه لا رابط بينهما برغم تشابه الحروف "حاء مضمومة وباء".. يشكلان كلمة احتار فيها الكون والخلق.. لأن الحب سر من أسرار الروح.. والروح من أمر الله وحده!! "حاء مكسورة وباء بعدهما راء" هي حبر.. والحبر هو ما يحول الفكر والفكرة والرأي والرؤية والخبر والتحقيق والحوار الي واقع اسمه جريدة. والحب والحبر يربطهما جريدة اسمها "الجمهورية" بعد غد تحل ذكري صدور أول عدد من جريدة الجمهورية وهو يوم 7 ديسمبر. بعد 60 عاما من صدور أول عدد لجريدة ثورة 23 يوليو.. جريدتنا "الجمهورية" علينا أن نتوقف معها قليلا.. لنرصد تاريخ مصر الحديثة تاريخ مصر الحقيقي من خلال ديوان الحياة اليومية الذي عاشته مصر طوال هذه السنين.. عندما فكرت في الكتابة عن الجمهورية في عامها الستين وجدت أنه من الضروري أن أكتب عن جمال عبدالناصر صاحب حق امتياز الجريدة وهي رخصة الاصدار.. وأنور السادات الذي دفع من جيبه الخاص 300 جنيه تكلفة الرخصة أو حق الامتياز.. وهو نفسه أنور السادات أول مدير للجريدة ومدير الجريدة بلغة اليوم هو رئيس مجلس ادارة المؤسسة الذي أعد وجمع مجموعة من أبرز الكتاب والصحفيين والفنانين لاصدار الجمهورية لتكون تعبيرا عن الشعب.. عن الناس البسطاء الذين كانت ثورة يوليو لسان حالهم.. وقامت من أجلهم. جمال عبدالناصر صاحب فكرة الجريدة ومؤسسها كان يعتبر الجمهورية لسان حال الشعب وليس لسان حال الثورة فقط.. عبدالناصر كان يعتبر الجمهورية منبر الشعب ولسان حال الثورة.. والمعبر عن أبناء مصر البسطاء.. وهذا ما نقله السادات للصحفيين الأوائل في الجمهورية. وهل يمكن أن نكتب عن الجمهورية ولا نتذكر طه حسين عميد الأدب العربي وفتحي غانم الروائي العظيم والأديب الكاتب مصطفي بهجت بدوي وغيرهم من علامات الفكر والأدب والصحافة. هل يمكن أن نكتب عن الجمهورية ولانتذكر جلال الدين الحمامصي أستاذ الأجيال وحسين فهمي الصحفي اللامع ومحسن محمد صاحب الانطلاقة الثنية الرائعة للجمهورية.. ومحفوظ الأنصاري الذي حقق مع الجمهورية توزيعا واعلانا ما لم يحققه أحد غيره. هل نكتب عن الجمهورية ولا نتذكر أحمد قاسم جودة وكامل الشناوي ومأمون الشناوي وحسن عيسي وموسي صبري وناصر الدين النشاشيبي ومحمد العزبي ومحمد أبو الحديد وصلاح عيسي ورياض سيف النصر وسمير رجب وعلي هاشم ومحمد علي ابراهيم وناجي قمحة والسيد عبدالرءوف.. وقبلهم عبدالمنعم الصاوي وكمال الدين الحناوي وحلمي سلام وابراهيم نوار.. هل أكتب عن الجمهورية اليوم في تاريخ 60 سنة صحافة.. حب وحبر وورق وزنكات ومطابع وتوزيع واعلانات ولا أذكر صديق العمر جمال كمال ومحمود نافع رحمهما الله.. علامتان من علامات مشوار الجمهورية والعدد الاسبوعي.. والزمالة والصداقة والحب والحبر والورق.. والمناقشات.. والحوارات والسهر والتعب..!! ذكري وتاريخ وعطاء وتميز أسماء عديدة في دنيا الجمهورية طوال 60 عاما في كل المجالات.. كتاب وصحفيون ورسامون لعل أبرزهم أحمد طوغان أطال الله عمره الذي شهد الانطلاقة الأولي للجريدة وسعيد فرماوي ومصطفي كامل وسمير رحمه الله..!!.. ولأن الجمهورية كانت واحدة من الصحف التي تقرأ أحيانا في الخلف حيث صفحات الرياضة هل يمكن أن ننسي ناصف سليم ومحمود معروف وجمال هليل ومحمد جاب الله وماجد نوار وعبداللطيف خاطر وعصام سالم ويسري عبداللطيف ومحمود الربيعي وسعيد وهبه وعمر أحمد وجمال وهبه.. أجيال وراء أجيال..!! المؤكد انني سأنسي الكثيرين وكلهم أساتذتي بل أساتذة أساتذتي لكنني لا يمكن أن أنسي أمنا الحبيبة عصمت حامد صاحبة الفضل علي جيل كبير من الجمهورية ومعها ناهد المنشاوي وزينات ابراهيم وماجدة موريس وغيرهن أستاذات لامعات متعهن الله بالصحة والعافية وطول العمر. قد يكون لجمال كمال ومحمود نافع رحمهما الله علاقة خاصة معي ومع العدد الاسبوعي وهما من جيلي لكن هذا الجيل أيضا ضم عدداً من الزملاء الذين كانت لهم لمساتهم في الجريدة.. بل وفي صحف أخري في مصر وفي الخليج العربي. أساتذة لهم بصمات حقيقية حتي في المجال النقابي والمهني هل هناك صحفي نقابي مثل يحيي قلاش ابن الجمهورية.. وهل هناك سكرتير تحرير مثل سكرتارية الجمهورية.. ومراسلين مثل أبناء الجمهورية في كل محافظات مصر. ** لست منحازا لجريدتي ولكني أحاول فقط أن أشير الي مشوار 60 عاما من الصحافة والحب عاشتها جريدة الثورة لتستمر مع كل ثورات الشعب. رحيل نجم.. ودموع حجاب! مات أحمد فؤاد نجم.. الفاجومي الذي تعلمنا منه في السبعينات هو ورفيق دربه الشيخ امام وأحيانا المطربة عزة بلبع كيف نعبر عن حبنا لمصر.. مصر يا أمه يا بهيه يا أم طرحه وجلابيه.. الزمن شاب.. وأنت شابه.. هو رايح وأنت جايه..!! هل تتحقق فعلا نبوءة نجم.. هو رايح مع الزمن ومصر جايه بالخير لأبنائها..!! في عام 1977 كان لي لقاء مع الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم والشيخ امام في منزلهما "بحوش قدم" ذهبت اليهما وأنا سعيد لأنني سأجري حوارا صحفيا مع اثنين من أهم مفجري حركة الشباب ورافضي الصمت ولهما أغنية شهيرة "ممنوع من الكلام.. ممنوع من الغنا.. ممنوع من الابتسام.. وكل يوم ف حبك تزيد الممنوعات وكل يوم بحبك أكثر من اللي فات" يا مصر ولا أنكر أنني أحببت الشيخ امام ولم أحب أحمد فؤاد نجم علي المستوي الشخصي لتصرفاته وسلوكه وأسلوب كلامه بعيدا عن الشعر.. ولكن عندما أقرأ أو أسمع شعره.. أجد نفسي عاشقا لكلماته العفوية البسيطة الجميلة المعبرة عني وعن كل مصر. رحم الله نجم.. ورحم الله الشيخ امام.. رحم الله كل من عبر عن رأيه وعبر عن فكره بأسلوب جميل وكلام معبر كالرصاص.. وشكل سلمي يحافظ علي مصر وعلي المصريين..! ** ونحن نودع شاعرا كبيرا بحجم نجم شدتني دموع شاعر آخر كبير أطال الله عمره هو سيد حجاب... دموع حجاب سالت مع حبر الورق الذي كتب مسودة دستور ثورة يونيه.. دموع حجاب هزتني من الداخل.. جعلتني أشعر بفخر لأن سعيد حجاب بلدياتي.. فهو من المطرية دقهلية وأنا من الجمالية دقهلية.. وللمدينتين علي ضفاف بحيرة المنزلة علاقات قوية تشعر كأنها مدينة واحدة وسيد حجاب الشاعر الانسان الرائع نموذج للفنان المصري الجميل الذي عبر عنا جميعا بدموعه التي قالت كل الكلمات التي نريد أن نقولها.. فهذا الدستور ليس مجرد دستور بل هو عقد اجتماعي يؤسس لدولة 30 يونيه دولة مدنية تعبر عن مصر التي نحبها ونريدها ونتمني أن تكون.. حتي لو كان هناك بعض الملاحظات.. فأساس الدستور هو أن يكون هناك تعديل لأنه ليس قرآنا نزل من عند الله..!!