قررت لجنة الخمسين لتعديل الدستور تشكيل لجنة مصغرة برئاسة الشاعر سيد حجاب لتحقيق التوافق المطلوب بشأن ديباجة الدستور قبل إقرارها. يأتي ذلك في الوقت الذي واصلت فيه اللجنة برئاسة عمرو موسي أمس اجتماعاتها المغلقة في إطار جهود التوصل إلي توافق حول العشرين مادة التي لم تحظ بنسبة التوافق المطلوب وهو 75 في المائة. من المقرر أن تبدأ لجنة الخمسين لتعديل الدستور خلال أيام عملية التصويت النهائي علي مسودة الدستور فور الانتهاء من الديباجة والمواد التي لم تنل التوافق المطلوب. علمت "الجمهورية" أن الديباجة التي ناقشها اعضاء الخمسين أمس تخلو من النص علي أن مصر دولة مدنية حيث اعترض الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية وعضو اللجنة خلال الجلسة علي وضع كلمة مدنية بالديباجة حتي لا يساء تفسيرها. خاصة ان جميع مواد الدستور تؤكد علي مدنية الدولة. ويرفض حزب النور اضافة كلمة مدنية للدستور بحجة انها تؤسس لدولة لا دينية. ويطالب حزب النور بتفسير كلمة مباديء الشريعة الواردة في المادة الثانية بحجة عدم وجود اصل لها في الشريعة الاسلامية. وفيما يتعلق بإدراج تفسير "مباديء الشريعة" في الديباجه. اوضحت المصادر ان الأمر لايزال محل نقاش ولم يستقر علي الصيغة التي سيدرج بها التفسير عما إذا كان التفسير الخاص بالمحكمة الدستورية من عدمه. الا أن المصادر قالت أن هناك اتجاها لالغاء التفسير مع وضع قواعد ضابط للتشريع. تجعله لايخالف الشريعة الاسلامية مما تسبب في تأخير التوصل الي ديباجة توافقية للدستور. وأكد المستشار محمد عبدالسلام مقرر لجنة المقومات بلجنة الخمسين وممثل الأزهر باللجنة علي أن تحفظ ممثلي الأزهر بلجنة الدستور. علي كلمة "مدنية إما يرجع إلي إن ما تثيره هذه الكلمة من التباس في الفهم. فالبعض يفسرها علي أنها "علمانية"". وشدد علي أن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية بمفهومها الغربي. وأن المعني المراد من مدنية الدولة إنما يتحقق في نصوص الدستور من سيادة القانون وتداول السلطة والفصل بين السلطات والنظام الديمقراطي السليم. ومن جانب آخر اكد المستشار محمد عبدالسلام أن نصوص السلطة القضائية مرضية لمعظم أعضاء لجنة الخمسين. مشيرا الي أن لجنة الخمسين أقرت نصوص السلطة القضائية بعد مناقشات دامت لمدة طويلة. وأشار عبدالسلام في تصريحات صحفية أمس أن النصوص المقرة تحقق للسلطة القضائية استقلالها وتنظم اختصاصاتها بما ينعكس علي المواطن. بتحقيق أمله في العدالة الناجزة وتوفير الجو المناسب لسيادة القانون وتوفير العدل والمساواة وحفظ حقوق المواطنين وحرياتهم عبر قضاء عادل نزيه. وقال عمرو صلاح المقرر المساعد للجنة الحقوق والحريات بلجنة الخمسين أن اللجنة منحت البرلمان سحب الثقة من الحكومة بعد موافقة 50% من اعضائه. واوضح في تصريحات صحفية أمس أنه في حالة إقالة وزير أو تغيير وزاري محدود يتطلب موافقة ثلث البرلمان. تنشر "الجمهورية" ديباجة الدستور التي حصلت عليها من اللجنة المصغرة لصياغة ديباجة الدستور والتي أكد عدد من أعضاء لجنة الخمسين علي أنها ليست الديباجة النهائية التي توافق عليها الأعضاء وأن هناك عددا من الملاحظات التي وجدت بها وتلاحظ بها عدم ذكر كلمة مدنية الدولة كما اراد الأزهر وحزب النور فضلا عن وجود تفسير للشريعة الإسلامية يرضي الحد الأدني لمطالب السلفيين وفيما يلي نص الديباجة المقترحة. مصر هبة النيل للمصريين. ومصر هبة المصريين للإنسانية. مصر عبقرية موقعها وتاريخها رأس أفريقيا المطل علي البحر المتوسط. ومصب لاعظم أنهارها: النيل والنيل شريان الحياة لمصر والمصريين. ومصر بعبقرية موقعها وتاريخها قلب العالم العربي. بل قلب العالم كله. فهي ملتقي حضاراته وثقافاته ومفترق طرق مواصلاته البحرية واتصالاته هذه مصر. وطن خالد للمصريين. ورسالة سلام ومحبة لكل الشعوب. في فجر التاريخ. لاح فجر الضمير الإنساني وتجلي في قلوب أجدادنا العظام. فاتحدت ارادتهم الخيرة. وأسس أول دولة مركزية. ضبطت ونظمت حياة المصريين علي ضفاف النيل. وابدعوا اروع آيات الحضارة وتطلعت قلوبهم إلي السماء. قبل أن تتنزل رسالتها إلي الارض. مصر مهد الدين. وراية مجد الدين. وراية مجد الأديان السماوية. وهي وطن نعيش فيه ويعيش فينا. في ارضها شب كليم الله. وتجلي له النور الالهي وتنزلت عليه الرسالة في طور سنين. وعلي ارضها احتضن المصريون السيدة العذراء ووليدها. ثم قدموا آلاف الشهداء دفاعا عن كنيسة السيد المسيح. وحين بعث خاتم المرسلين للناس كافة ليتم مكارم الأخلاق. وانفتحت قلوبنا وعقولنا لنور الإسلام. قدمنا الشهداء في سبيل الله. ونشرنا رسالة الحق وعلوم الدين في العالمين. وفي العصر الحديث. استنارت العقول وبلغت الإنسانية رشدها. وتقدمت أمم وشعوب علي طريق العلم. رافعة رايات الحرية والإخاء والمساواة. في العصر الحديث أسس محمد علي الدولة المصرية الحديثة وعمادها جيش وطني انشأة إبراهيم باشا. ودعا ابن الأزهر الشريف "رفاعة الطهطاوي" أن يكون الوطن محلا للسعادة المشتركة بين بنية وجاهدنا نحن المصريين للحاق بركب التقدم وقدمنا الشهداء والتضحيات في العديد من الهبات والمن والانتفاضات والثورات حتي انتصرت الارادة الشعبية في ثورة 25 يناير و30 يونيه التي دعت إلي العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية. هذه الثورة امتداد لمسيرة نضال وطني كان من أبرز رموزه أحمد عرابي ومحمد عبيد ومصطفي كامل ومحمد فريد وتتويج لثورتين عظيمتين في تاريخنا الحديث ثورة 1919 التي ازاحت الحماية البريطانية عن كاهل مصر والمصريين. وارست مبدأ المواطنة والمساواة بين أبناء الجماعة الوطنية. ووضع خلالها طلعت حرب حجر الأساس للاقتصاد الوطني وسعي الزعيم سعد زغلول وخليفته مصطفي النحاس علي طريق الديمقراطية مؤكدين أن الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة وثورة 23 يوليو 1952 التي قادها الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ورفاقه الاحرار واحتضنتها الارادة الشعبية فتحقق حلم الاجيال في الجلاء والاستقلال وانفتحت مصر علي أمتها العربية وقارتها الافريقية والعالم الإسلامي وساندت بخطي ثابته علي طريق التنمية والعدالة الاجتماعية ثورة 25 يناير 30 يونيه فريدة بين الثورات الكبري في تاريخ الإنسانية بكثافة المشاركة الشعبية التي قدرت بعشرات الملايين. وبتجاوز الجماهير للنخب والطبقات والايدلوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية اكثر رحابه. وبمباركة الأزهر الشريف والكنيسة الوطنية لها كما هي فريدة بسلميتها وبطموحها ان تحقق الحرية والعدالة الاجتماعية معا. هذه الثورة إشارة وبشارة. إشارة إلي ماض مازال حاضرا وبشارة بمستقبل تتطلع إليه الإنسانية كلها فالعالم في القرن الواحد والعشرين توشك أن تطوي الصفحات الأخيرة من عصر الرشد. الذي مزقته صراعات المصالح بين الشرق والغرب. وبين الشمال والجنوب. واشتعلت فيه النزاعات والحروب. بين الطبقات والشعوب. وزادت المخاطر التي تهدد الوجود الإنساني وتهدد الحياة علي الأرض التي استخلفنا الله عليها. وتأمل الإنسانية اليوم أن تخرج من عصر الرشد إلي عصر الحكمة لنبني عالما جديدا تسوده الحقيقة والعدل. وتصان فيه الحريات وحقوق الإنسان. ونحن المصريين نري في ثورتنا عودة لاسهامنا في كتابة تاريخ جديد للإنسانية. نحن نؤمن إننا قادرون أن نستلهم الماضي. وأن نستنهض الحاضر. وان نششق الطريق إلي المستقبل. وان نبني مجتمعا مزدهرا متلاحما. ودولة عادلة تحقق طموحات اليوم والغد. للفرد والجماعة الوطنية. نحن قادرون أن ننهض بالوطن وينهض بنا. ولنا ولأجيالنا القادمة السيادة في وطن سيد. نحن الآن نكتب دستورا لدولة الثورة. نغلق به الباب أمام أي فساد وأي استبداد. ونعالج فيه جراح الماضي من زمن الفلاح الفصيح القديم. وحتي ضحايا الاهمال وشهداء الثورة ومصابيها في زماننا. ونرفع الظلم عن بعض فئات شعبنا. التي عانت طويلا بسبب موقعها الجغرافي أو خصوصيتها الثقافية. كأهل النوبة والصعيد وسيناء والواحات. نحن الآن نكتب دستورا يستكمل بناء الدولة الديمقراطية الحديثة في مصر. وهو دستور يؤكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع بما يتعين معه علي المشرع أن يكون اجتهاده ملتزما بالقواعد الضابطة لاستنباط الأحكام من أدلتها الشرعية متحريا مناهج الاستدلال علي أحكامها العملية والقواعد الضابطة لفروعها. نحن الآن نكتب دستورا ينير لنا طريق المستقبل ويتسق مع الشرعية الدولية لحقوق الإنسان التي شاركنا في كتابتها وصدقنا عليها. ونري أن تنوع مصادر التشريع يثري حياتنا ويفتح أمامنا افاق التقدم. نحن نؤمن أن مصر جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ينتمي إلي القارة الأفريقية. وتمتد حدودها في القارة الآسيوية. وتطلع علي البحر المتوسط. وأزهرها الشريف منارة للعالم الإسلامي. أرضها وحدة واحدة لا تقبل الانقسام أو التجزئة أو الانتقاص منها. ووحدتنا الوطنية مبدأ ثابت من مبادئنا. ونحن نحترم التنوع في إطار الوحدة الوطنية. ونري فيه ثراء للهوية المصرية. ونؤمن أن كرامة الوطن من كرامة المواطن. كما نؤمن أننا مواطنون احرار في وطن حر. ونحن الآن نكتب دستورا يصون حرياتنا ويحمي الوطن من كل ما يهدده أو يهدد وحدتنا الوطنية. ويحقق المساواة بيننا في الحقوق والواجبات دون أي تمييز. نحن المواطنين والمواطنين. نحن الشعب المصري. السيد في الوطن السيد. هذه إرادتنا. وهذا دستور ثورتنا.