شهدت السنوات الأخيرة انطلاق عشرات القنوات الفضائية المخالفة التي بدأت البث دون حسيب أو رقيب حيث تدخل المنازل خلسة لتقدم أسوأ ما يمكن تقديمه من اعلانات صريحة لتسهيل "الدعارة" عن طريق نشر أرقام التليفونات إلي سرقة الأفلام وبثها أثناء عرضها بدور العرض بما يضر بصناعة السينما مروراً ببث اعلانات عن منتجات وهمية وبعضها ضار للنصب علي أصحاب الأمراض المزمنة. وكانت قنوات الرقص الشرقي قد اطلت علينا فجأة لتفجر ازمة كبيرة في المشهد الفضائي حيث وصلت إلي نحو 14 قناة تبث من خلال اقمار النايل سات والعرب سات والنور سات واليوتل سات حيث تقدم فقرات رقص مستمرة لراقصات يقمن بأداء فقرات وحركات ذات ايحاءات جنسية. ويأتي هذا بخلاف الاغاني التي يتم الرقص عليها حيث تتميز بألفاظها الهابطة التي تخدش الحياء وإثارة الغرائز مما أدي إلي رواجها بين قطاع عريض من الشباب والمراهقين. وأما الفواصل الاعلانية في تلك القنوات فهي عن منتجات جنسية وعقاقير تعالج الضعف الجنسي. ورغم صدور حكم قضائي بغلق قناتي "دلع" و"التت" إلا ان اصحاب تلك القنوات وأمام الارباح الضخمة التي حققوها جراء تسهيل الدعارة وبيع العقاقير الضارة قاموا باطلاق مجموعة جديدة من قنوات الرقص منها "شقاوة والأمل وشارع الهرم وبون سواريه" في تحد صارخ للأحكام القضائية. أما قنوات الأفلام المسروقة فقد انتشر معظهما لتقديمها الافلام وهي لا تزال تعرض بدور العرض ويزيد عددها علي أكثر من 35 قناة أفلام ويتخللها المزيد من اعلانات المنشطات والعقاقير الجنسية. وقد تسبب قرصنة تلك القنوات علي الأفلام في خسائر طائلة تتجاوز ملايين الجنيهات لشركات الانتاج وهو ما يؤثر علي صناعة السينما بأكملها. ورغم تهديد بعض المنتجين باتخاذ الاجراءات القانونية ومحاولة التواصل مع اصحاب تلك القنوات لوقف النزيف إلا ان سعيهم قد باء بالفشل. أما النوع الثالث من القنوات الفضائية التي تم اطلاقها مؤخراً ويزيد عددها علي 10 قنوات فهي القنوات التي تتخذ الطب والعلاج ستاراً لها حيث تدعي انها تقدم حلولا لكل الامراض التي يعجز الطب عن علاجها حيث وهو ما يجعل اصحاب الامراض المزمنة فريسة سهلة لمنتجاتهم المغشوشة. ويجرم القانون 51 لسنة 1981 والمعدل بالقانون رقم 153 لسنة 2004 ورقم 141 لسنة 2006 مثل تلك القنوات التي تقوم ببث تلك الاعلانات ويجرم القانون الاعلان عن أي عقاقير طبية عبر وسائل الاعلام المرئية والمقروءة إلا بعد الرجوع إلي وزارة الصحة والحصول علي ترخيص بتداول هذه العقاقير ونص القانون علي ألا يتضمن الاعلان طرق التشخيص أو العلاج إلا بعد موافقة نقابة الاطباء والزم القانون كل مورد أو معلن امداد المستهلك بالمعلومات الصحيحة عن طبيعة المنتج وخصائصة ومن يخالف ذلك تطبق عليه عقوبة عبارة عن غرامة لا تقل عن 5 الاف جنيه ولا تتجاوز 100 ألف جنيه. يري د.سامي الشريف عميد كلية الاعلام بالجامعة الحديثة والرئيس الاسبق لاتحاد الاذاعة والتليفزيون ان الفضاء العربي يشهد حالة من الفوضي غير المسبوقة بعدما وصل عدد القنوات الناطقة باللغة العربية إلي نحو 1000 قناة منها عدد محدود معلوم الهوية ونعرف الجهة المالكة له أما البعض الآخر فلا هوية له ولا ملكية معلنة عنها. ويعزي الشريف ظاهرة الفوضي الفضائية لعدم وجود ضوابط لإنشاء القنوات الفضائية مما اتاح الفرصة لاطلاق العديد من القنوات التي تقدم مواد اعلامية متدنية المستوي فنجد العشرات من قنوات الدردشة في دعوي غير مباشرة للزنا وقنوات اخري تبيع الوهم عن طريق المنشطات الجنسية واخري لتعليم السحر والغيبيات. وطالب الشريف بضرورة اصدار تشريع يحكم كيفية الحصول علي تراخيص لانشاء القنوات ويتيح سحب تلك التراخيص حالة خروج القناة عن النص ويكون قانونا لتنظيم الاعلام وليس لتكميم الافواه كما هو متبع مع كل الدول التي تمتلك المعايير لعمل القنوات الفضائية. واضاف الشريف أن جامعة الدول العربية لابد ان يكون لها دور بوضع ميثاق شرف اعلامي بين الدول العربية يتم فيه وضع معايير تحترم الاديان والثوابت في المجتمعات العربية إلا ان التجربة السابقة كانت مريرة بعدما فشلت الجامعة في اقرار ميثاق الشرف الاعلامي العربي بعد ان هاجمته المنظمات الحكومية وانتهت الفكرة قبل ان تدخل حيز التنفيذ.