يختلف الرأي والرأي الآخر الذي ظهرت لنا فعالياتهما أيام عصر المبعث عن المعارضة. كما ظهر لنا اتساع صدر الإسلام لهما. وما ذكرناه من الأمثلة كاف لكي نقيس عليه النظائر والاشباه أما المعارضة في عصر المبعث فقد وصفها القرآن بأخس الأوصاف. فأعضاؤها المنشئون لها هم المرجفون في المدينة الذين يطلقون الاشاعات بغير حدود لنقض أواصر الأمة التي أنشأها النبي في المجتمع ليترابط ويتماسك. وهم المرجفون في المدينة لبث الذعر والخوف فيها. حتي ينصرف الناس عن النبي وعن الإسلام جميعاً. وهم المرجفون في المدينة لكي يحملوا سكانها علي الالتفاف حول هذا المرشح اللئيم الذي كان الناس قبل النبي يحاولون رفعه إلي أعلي المناصب في المدينة. وهو عبدالله بن أبي بن سلول. وما من موقف يحتاج إلي حسم وتجمع إلا ونجد المرجفين في المدينة يتخذون فيه إلي الدعايات الكاذبة سبيلاً يوشك الناس معه أن يقعوا في الضلالة. وأن ينحدروا إلي الآثام. وهذه كلها أمور خطيرة نزل الوحي يهدد أصحابها : "لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً". وأنت تتأمل في هذه الآية فلن تجد إلا أوصاف النفاق. ومروجي الدعايات الكاذبة. والحريصين علي إيقاع المجتمع المدني في حالة من الزلزال الاجتماعي لا يقصدون من وراء ذلك إلا احراج النبي. أو القضاء عليه وعلي دينه. وهي أوصاف يقف خلفها وصف هو أهم هذه الأوصاف وأقساها. وهو أن هؤلاء في قلوبهم مرض. توعدهم الله ألا يبرئهم منه. وإنما سيزيدهم من هذا المرض إلي حد يستوجبون معه اللعنة. وإخلاء الأوطان منهم بالموت والهيكلة. أو بالاختفاء عن أعين الناس. وفقد مواقعهم الاجتماعية. أو بإلجائهم إلي الهجرة وترك الأوطان. وما هي إلا سنوات عشر قضاها النبي في المدينة بعد الهجرة. حتي تبلورت شخصية المعارضة النكدة. ونزلت سورة براءة الفاضحة تعريهم وتكشف منهم كل قبيح. ولمن يعيشون الربيع العربي أقول : هل توفرت الفرص بين أيدينا لندرك الفرق بين الرأي والرأي الآخر. وبين من يتوجهون إلي الحق ومن يعارضون فيه بالباطل. رغبة في التميز الاجتماعي. أو الحصول علي منفعة دنيوية هابطة أو خدمة للصهاينة. أو معونة لقطب في العالم يظنونه سيدوم. متناسين أن البقاء لله وحده.