لا يستطيع أحد أن ينكر الجهود التي بذلت لإحياء وتطوير منطقة آثار القاهرة الفاطمية وتحويلها إلي مزار سياحي مفتوح يجذب عشاق الفن والعمارة الإسلامية وظلت علي مدي عامين مثالاً للإنضباط حتي طالتها يد الأهمال وحولتها إلي عشوائية جديدة يسيطر عليها الفتوات والسائقين والباعة. شارع المعزلدين الله الفاطمي ومناطق تحت الربع والمغربلين والخيامية أكثر المناطق المتضررة من الفوضي والانفلات الأمني وهذا ما يؤكده عمرو وفيق أحد سكان المنطقة قائلاً "كل المجهودات التي بذلت من قبل وزارة الثقافة ضاعت بعد ثورة 25 يناير.. فبعد إنفاق الملايين في أعمال الترميم والاضاءة وجعلها قطعة فنية رائعة تجذب المصريين قبل الأجانب للتمتع بعبق التاريخ إلا أن الحال لم يدم طويلاً فتحول الشارع إلي مقلب للقمامة ومرتع للباعة الجائلين ومركزاً للإلتقاء المتسولين والخارجين علي القانون. فوضي وإنفلات وإذا كانت تلك المناطق قد تحولت إلي فوضي عارمة فإن حمام شجرة الدر الأثري هو الاخر قد تحول إلي مقهي بلدي استولي عليه أحد الفتوات وأقام علي سلالمه "نصبة" شاي وشيشه وذلك حسب وصف أحمد صبحي مدرس وأحد سكان المنطقة الذي أكد أن باب زويله الشهير تحول تحت شعارلقمة العيش إلي جراج للسيارات بعد أن وقفت شرطة السياحة في موقف المشاهد دون أن تمنع التعديات اليومية علي أثارنا الإسلامية. ولم تقف التعديات عند هذا الحد فقد ذكر إبراهيم محمد موظف ويسكن بمنطقة الأزهر أن مياه الصرف الصحي تسربت للمساجد الاثرية والاسبله التي انفقت عليها الدولة الملايين لتطويرها وهذا ما حدث لمسجد الصالح طلائع الذي تم تجديده حيث تسربت إليها كميات هائلة من المياه اعتقدوا في البداية أنها مياه جوفية واتضح في النهاية انها خاصة بالصرف الصحي ورغم الأزمة التي حدثت عقب اكتشاف التسرب إلا أن الأمور عادت إلي طبيعتها وأصبح المسجد التاريخي يواجه الانهيار. المواطنون اتهموا الاحياء وشرطة السياحة ووزارة الدولة لشئون الآثار بالتقصير في حماية اثارنا التاريخية وأعتبروا أنهم شريكاً أساسياً في إضعاف الحركة السياحية الواردة إلي مصر حيث يري مجدي علي أن منطقة أثار القاهرة الفاطمية تحتاج نظرة عاجلة من المسئولين لإحيائها مرة أخري وإنقاذها من تلال القمامة التي حاصرتها البلطجية الذين باتوا يهددون كل من يدخلها. الوعي مفقود في حين يري علي حسن الذي يسكن في شقة مواجهة لأآحد الاثار التاريخية أن المسئولية لا تقع علي الجهات الخاصة وحدها لكنها تقع علي المواطنين الذين لا يملكون أدني وعي ثقافي حول أهمية تلك الاثار فاستحلوا المساجد في عمل مقاهي واستباحوا الشوارع المغلقة في غسيل السيارات وأعتبروا انها شوارع لقيطة لا تجد من يبحث عنها ليضيع مع تلك الفوضي حلم سيطرة مصر علي عرش السياحة والاثار في العالم. منازل المماليك أما من ناحية الترميم والتطوير فيري أحمد قاسم ومهندسي المنازل التاريخية في حاجة ملحمة للترميم لأن معظمها معرض للأنهيار خاصة منازل المماليكك والذي توقف بها عمليات الترميم منذ فترة مما دعا البعض إلي تحويلها إلي محلات متجاهلين إمكانية إنهيارها في أي لحظة. البوابات أفضل وفي النهاية يري سعيد صلاح أن المشروع المزمع إنشاءه حول تركيب بوابات الكترونية سيكون المنقذ الحقيقي للقاهرة الفاطمية من عبث الفوضويين إذا تم تدشينه اليوم قبل الغد لوقف تلك المهزله التي يتعرض لها تاريخ مصر.