لا تزال ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي منتشرة في مصر رغم الجهود التي تبذل لتحجيمها سواء من جانب الحكومة أو منظمات الأعمال وتم وضع آليات ليتم تنفيذها لكنها لم تخرج إلي النور بالشكل الكامل حتي الآن. أكد الخبراء أن الاقتصاد غير الرسمي يختلف من نشاط إلي آخر وفي قطاعات صناعية وتجارية عديدة ويصل في المتوسط إلي 35% من حجم الناتج المحلي الإجمالي أي بنحو 100 مليار جنيه ويدخل تحت مسمي الاقتصاد غير الرسمي بيزنس الرصيف ومرورا بتجارة العملة والتهريب والمخدرات والدروس الخصوصية وانتهاء بالرشاوي والعمولات والأعمال الإضافية والصفقات الكبري التي تتم بعيدا عن الأعين خوفا من الضرائب والرسوم والإجراءات والشروط الروتينية الحكومية لممارسة أي نشاط. وكشف الخبراء أن الإجراءات التي قامت بها الحكومة لإدماج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي بطيئة جدا وتحتاج إلي إجراءات إضافية حاسمة لمحاصرة هذه الظاهرة والتغلب عليها تدريجيا خاصة أن اتحادي الصناعات والغرف التجارية كان لهم دور مهم خلال الفترة الماضية من عمليات حصر والاماكن التي يتواجدون فيها وقدموا مقترحات جيدة لتنفيذها. يقول الدكتور عبد الحميد إبراهيم أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة إن الاقتصاد غير الرسمي ظاهرة انتشرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة لممارسة العديد من الأنشطة المشروعة وغير المشروعة وحساباتها مجهولة فالأنشطة المشروعة التي لا يحاسب عليها القانون في أعمال مثل الأعمال الإضافية كالدروس الخصوصية وخدمة المنازل وتجارة الأرصفة وبعض أنشطة الورش. قال إن حجم الاقتصاد غير الرسمي يبلغ 100 مليار جنيه وفقا لإحصائيات غير رسمية اجتهادية فقط. وأكد السيد القصير رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية وعضو لجنة الصناعات الصغيرة باتحاد الصناعات أن الدول النامية تعاني من كبر حجم القطاع غير الرسمي "الموازي" وكلها أنشطة اقتصادية إنتاجية وتجارية ولكنها لا تخضع للرقابة الحكومية ولا يتم تحصيل أي ضرائب عنها ولا تدخل ضمن حسابات الناتج القومي وتضم الباعة الجائلين والمصانع غير المرخصة وتشير بعض التقديرات إلي أن حجم في اقتصادات الدول النامية يمثل نسبة مرتفعة من 30% إلي 70% من إجمالي الناتج القومي لهذه الدول وهو ما يعني أن نسبة كبيرة من الأنشطة الاقتصادية في الدول النامية يتم تشغيلها بمستوي أقل من المستوي وبتكلفة مرتفعة وهو ما يحد من الاستفادة من الموارد والطاقات المتاحة بذلك القطاع حيث إن معظمها يتصف بانخفاض معدلات الإنتاجية وجودة المنتج وذلك نتيجة عدم الاستفادة من الخدمات المقدمة للقطاع الرسمي وعدم استقرار العمالة أو استقرار المنشآت وإظهار بيانات غير حقيقية عن الدخل والناتج القومي وفقد الدولة لجزء كبير من الإيرادات. كشف رئيس بنك التنمية الصناعية أن تزايد القطاع غير الرسمي بالدول النامية يرجع لعدم وجود القواعد التنظيمية التي تطبق علي سوق العمل ومنشآت الأعمال الذي يرجع إلي البيروقراطية الشديدة والتعقيدات الإدارية والمعاملة الضريبية غير المحفزة والتقديرات الجزافية وتعدد جهات الإشراف وتدخل الاختصاصات ما بين التأمينات ومكاتب العمل والضرائب والأمن الصناعي وجهاز شئون البيئة والتموين والصحة وغيرها. أضاف أنه يجب أن يتم التوسع في الإجراءات التي تتخذها الدولة والمجتمع لتحفيز دمج القطاع غير الرسمي إلي القطاع الرسمي من خلال تقديم مجموعة من الحوافز الإدارية والضريبية وتبسيط الإجراءات وإعطائهم رخصاً فورية وعدم تحصيل الضرائب والرسوم السيادية بأثر رجعي وطالب بضرورة تفعيل دور الجمعيات الأهلية ومنظمات الأعمال والتدريب بأسلوب إمساك السجلات والدفاتر كما يتعين إيجاد آلية للتعامل مع الجهاز المصرفي من خلال استهداف سياسة تمويلية مشجعة وبتكلفة أقل تدعم قدرته علي النمو. وأكد المهندس إبراهيم العربي رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة إن الجهود التي تبذلها الدولة لإدماج الاقتصاد وغير الرسمي في القطاع الرسمي جيدة وتساهم بصورة مباشرة في التغلب علي هذه الظاهرة مشيرا إلي أن هناك مشروعاً كبيراً يتم حاليا وهو تقنين أوضاع 5 ملايين بائع جائل يعمل معهم أكثر من 7 ملايين عامل بالتنسيق والتعاون مع محافظة القاهرة حيث يجري تجهيز الأماكن التي وقع عليها الاختيار لتسكين المرحلة الأولي مشيرا إلي أن الاجتماعات مستمرة مع الأجهزة المعنية للانتهاء من هذا المشروع كبداية قوية لاحتواء أزمة الباعة الجائلين والتي كانت تتسبب في مشاكل عديدة لأصحاب المحلات التجارية. أضاف أنه تتم أيضا دراسة أماكن بديلة إضافية لتجهيزها في مناطق متنوعة من القاهرة الكبري لتستوعب هذا العدد الكبير من الباعة الجائلين والعمالة. يؤكد المهندس محمد السويدي وكيل اتحاد الصناعات أنه تم الانتهاء من دراسة كافة المشاكل والمعوقات التي أدت إلي انتشارت ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي مشيرا إلي أنه تمت الاستعانة بعدد من الخبراء الفنيين والقانونيين في الصناعة في دراسة هذه الظاهرة وتم وضع مقترحات وحلول سريعة وواقعية لها مشيرا إلي أن هناك تنسيقا وتعاونا كاملاً بين وزارتي الصناعة والتجارة والتعاون الدولي والمالية لوضع العلاج المناسب مشيرا إلي أن عدد المنشآت الصناعية غير المسجلة وغير المرخصة التي تم حصرها تصل إلي 1.8 مليون منشأة تقريبا في كافة القطاعات الصناعية والتجارية المختلفة ويصل عدد العاملين فيها إلي 8.5 مليون عامل. وأضاف أن الخبراء حددوا الأسباب التي أدت إلي تفشي ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي تتمثل في وجود البيرقراطية المتعددة والإجراءات الصعبة للحصول علي التراخيص اللازمة للعمل إلي جانب التكلفة الكبيرة وأيضا تخوفهم من التعامل مع الضرائب والمحليات. وقال الدكتور محمد عبدالحفيظ أستاذ بكلية التجارة ان الاقتصاد غير الرسمي هو ما يطلق عليه بيزنس بير السلم وهو منتشر في الأحياء الشعبية والأرياف لانخفاض أسعاره بنسبة كبيرة جدا تصل إلي 50% عن أسعار مثيله الرسمي مما ساهم في انتشاره بسرعة وطالب بسرعة الانتهاء من الإجراءات السريعة التي تسهل إدماج الاقتصاد غير الرسمي والاقتصاد الرسمي.