سياسة أمريكا المعلنة أنه لا تفاوض مع الإرهاب لأن الإرهابي لا يتفاوض وإنما يفرض شروطه بعد خطف رهائن يساوم بحياتهم علي تنفيذ كل- وليس بعض مطالبه- أو التهديد بتخريب المنشأت الحيوية للدولة في حالة عدم الاستجابة لتلك المطالب. بينما التفاوض يدور حول قضية يحقق طرفا التفاوض منها نفعا من خلال التفاوض حول مصالح كل طرف وبذلك يكسب الطرفان بنسب مختلفة طبقا لمهارات كل طرف في امتلاك أدوات التفاوض واستغلالها في تعظيم مكاسبه.. ما يحدث مع الإرهاب اسمه الحرب وأي اسم غير ذلك نطلقه علي أي عملية تحجم الإرهاب أو تقضي عليه يعد تضليلا للرأي العام وتشجيعا للإرهابيين لكي يتوسعوا في عملياتهم لابتزاز الدولة وتهديد أمن وأمان مواطنيها. عملية خطف الجنود التي حدثت علي أرض سيناء موجهة إلي الجيش والشرطة معا في محاولة يائسة لربط عجز الشرطة بالمؤسسة التي يقف كل المصريين خلفها باعتبارها رمزا للكرامة الوطنية والدرع التي تحمي أمنهم ضد أي معتد من الخارج أو يهدد سلامة الوطن واستقراره في الداخل.. واستغل فيها الخاطفون المكانة التي تحاول الدولة الإبقاء عليها لأهل سيناء التي أري أنها تتحول بالتدريج إلي دولة داخل الدولة بكل مايعني ذلك من حساسية تجاه تأمين حدود مصر الشرقية مع إسرائيل وكتائب الإرهاب دائمي التحور التي تسكن جبال سيناء ومغاراتها.. أصحاب المصلحة في الإرهاب يريدون أن يحولوا سيناء إلي "منطقة إرهابية حرة" خارج سيطرة الدولة يستفيد منها تجار السلاح والبشر والمخدرات والمهربين بدليل أن كل مطالب الإرهابيين الذين اختطفوا الجنود السبعة تدور حول إلغاء الأحكام الغيابية علي بعض المجرمين والإفراج عن مجرمين سجنوا تنفيذا لأحكام تدينهم. أنور السادات فهم قواعد اللعبة جيداً واتخذ قرارا شجاعا نفذته الكوماندوز والقوات الخاصة بالقوات المسلحة حين اختطف الإرهابيون طائرة مصرية بركابها في مطار لارنكا القبرصي في السبعينيات.. ولولا تدخل القوات القبرصية التي اعتبرت أن تنفيذ المهمة علي أرضها يعد عدوانا علي سيادتها لتم انقاذ كل الرهائن دون خسائر في الأرواح.. وأنا هنا لا أقوم بتقييم العملية من الناحية الفنية فالخبراء العسكريون أقدر مني علي ذلك وكيف كان يمكن أن نمنع استشهاد بعض ضباطنا في العملية ومعهم بعض الرهائن. ولكني اقصد الشجاعة والسرعة في اتخاذ القرار بالمواجهة حين تكون هيبة الدولة وكرمتها في خطر من متطرفين إرهابيين لا يحكم تصرفاتهم وردود أفعالهم منطق ولا عقل يمكن أن يحكم التفاوض معهم. من يلعبون في سيناء الآن بحاجة إلي رسالة قوية وحازمة تعيد الأمور إلي نصابها سيناء جزء من مصر وليست جمهورية مستقلة أو أرضاً بلا أصحاب يستغلها أعداء مصر ملعبا يخططون فيه لتخريبها ونسف أمنها القومي. وجيش مصر خط أحمر لاينبغي أن يجترئ عليه أحد أو يختبر يقظته وفطنته في حراسة حدود مصر. وشيوخ سيناء أهلنا لهم أعرافهم وتقاليدهم الواجبة الإحترام طالما تحترم القانون مثلهم في ذلك مثل أهل الصعيد والدلتا والنوبة. مواطنون مصريون يعيشون علي أرض مصر ولكنهم لا يحكمونها ولا يخرجون علي قوانينها ولا يحمون من يفعل ذلك مهما كانت صلة قرابته لهم أو بهم. الإرهابي حين يوقن أن أحدا لن يتفاوض معه وأن القوات المدربة علي تحرير الرهائن والتعامل مع الإرهاب سوف تتعامل معه بنفس اسلوبه وأنه سوف يقتل لو قاوم حتي لو كان الثمن حياة بعض الرهائن. سوف يفكر ألف مرة قبل أن يتمادي في استعراض قوته وسوف يستجيب أسرع للإنذارات التي توجه إليه بتحرير الرهائن قبل اللجوء إلي تحريرهم بالقوة.. تجفيف منابع الإرهاب بإعلان الحرب عليه هو السبيل الوحيدة الذي لا سبيل غيره لكي تحافظ الدولة علي هيبتها.