أنصف الإسلام المرأة. وجعلها صاحبة حق علي مالها تتصرف فيه كما يتصرف الرجل في ماله» لعموم قوله تعالي: "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً" "النساء: 7". وقوله تعالي: "للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن" "النساء: 32". ونظراً لأن الزوج هو المسئول شرعاً بالانفاق علي الأسرة حتي ولو كانت الزوجة غنية. فقد ورد النهي عن تبرع الزوجات من أموالهن لغير من تلزمهن نفقتهم بدون إذن الأزواج حتي لا يشعر الزوج بالإهانة» إذ يجد نفسه باذلاً ماله لزوجته. وزوجته تبذل مالها للأجانب دون أي تكريم له ولو كان علي سبيل الاستشارة. ويدل علي نهي الزوجة أن تتبرع للأجانب بغير إذن الزوج ما أخرجه أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذي وصححه الحاكم. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها". وأخرج ابن ماجة بسند ضعفه البوصيري في الزوائد وصححه الألباني أن خيرة امرأة كعب بن مالك أتت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بحلي لها. فقالت: إني تصدقت بهذا. فقال لها رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: "لا يجوز للمرأة في مالها إلا باذن زوجها. فهل استأذنت كعباً"؟ فقالت: نعم. فبعث رسول الله - صلي الله عليه وسلم - إلي كعب بن مالك فقال: "هل أذنت لخيرة أن تتصدق بحليها"؟ فقال: نعم. فقبله رسول الله - صلي الله عليه وسلم - منها. وهذا النهي حمله الإمام مالك علي التحريم في حق كل المال. فلا يجوز للمرأة أن تتبرع بكل مالها إلا بإذن الزوج. أما إذا كان التبرع بجزء من مالها لم يبلغ أكثر من الثلث فهذا حقها دون إذن الزوج. واختلف فقهاء المالكية في الزمن الثاني الذي يجوز للزوجة فيه أن تتبرع بجزء آخر من مالها علي قولين. أحدهما أن يكون بعد سنة من التبرع الأول. وهو قول ابن سهل وأكثر المالكية. والثاني: بعد ستة أشهر من التبرع الأول. وهو قول أصبغ وابن عرفة. وذهب جمهور الفقهاء إلي أن هذا النهي الوارد للزوجات عن التبرع بمالهن إلا بإذن الأزواج قد ورد في مناسبات خاصة. أو كان علي سبيل حسن العشرة واستطابة النفس. وإلا فإن المرأة صاحبة حق مطلق في التصرف في مالها. بدليل ظاهر القرآن الذي يعطي المرأة نصيباً مما اكتسبت ومما ترك الوالدان والأقربون. كما أن النبي - صلي الله عليه وسلم - كان يأمر النساء بالتبرع من أموالهن دون الرجوع إلي الأزواج. فقد أخرج الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي - صلي الله عليه وسلم - خرج في صلاة عيد الأضحي أو الفطر إلي المصلي. فمر علي النساء فقال: "يا معشر النساء تصدقن". وفي رواية للبخاري زاد: أن النبي - صلي الله عليه وسلم - لما انصرف وصار إلي منزله جاءت زينب امرأة ابن مسعود. فقالت: يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلي. فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم. فقال النبي - صلي الله عليه وسلم -: "صدق ابن مسعود. زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم". فهذا يؤكد أن استئذان الزوج في التبرع من باب حسن العشرة وليس من باب الفرض اللازم.