يطلق الفقهاء علي فاقد التحكم في الخارج منه إنه صاحب سلس والسلس في اللغة : السهولة والليونة وعدم الاستمساك والسلس عند الفقهاء : مرض يعتري الإنسان يفقده التحكم في الخارج منه فيسترسل بدون اختيار من بول أو مذي أو مني أو ودي أو غائط أو ريح. والسلس حدث دائم وصاحبه معذور فيعامل في وضوئه وعبادته معاملة خاصة تختلف عن معاملة غيره من الأصحاء لعموم قوله تعالي: " لايكلف الله نفساً إلا وسعها" "البقرة: 286". واختلف الفقهاء في حكم الوضوء للمريض بسلس البول علي ثلاثة مذاهب في الجملة. المذهب الأول : يري أن صاحب سلس البول أو انفلات الريح ومن في حكمهما يتوضأ لوقت كل صلاة ويصلي بذلك الوضوء في الوقت ما شاء من الفرائض والنوافل وبهذا قال الحنفية والحنابلة وحجتهم : القياس علي المستحاضة وهي التي ينزل عليها الدم وبدون تحكم في غير وقت الحيض عملاً بما رواه ابن بطة من حديث حمنة بنت جحش أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال ¢" المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة". المذهب الثاني : يري أن صاحب السلس إن كان لايتحكم في الخارج منه نصف وقت الصلاة أو أكثره وكان يعجز عن علاج نفسه من هذا المرض فإن السلس لاينقض الوضوء في يومه فإذا توضأ المريض بالسلس في أول النهار صح له أن يصلي بهذا الوضوء كل فرائض اليوم ومسنوناته في أوقاتها المختلفة دون أن يجدد الوضوء إلا علي سبيل الندب أو الاستحباب. وبهذا قال المالكية وحجتهم : عموم قوله تعالي : " وما جعل عليكم في الدين من حرج" "الحج:78". المذهب الثالث : يري أن صاحب سلس البول ونحوه يتوضأ لكل صلاة مفروضة وضوءاً جديداً ويصلي ما شاء من النوافل بوضوء الفريضة ويكون الوضوء بعد دخول وقت الصلاة ويجوز أن يكون قبله بقليل وبهذا قال الشافعية وحجتهم : ما أخرجه البخاري من حديث عائشة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت - حبيش التي كانت تشتكي من الاستحاضة: "توضئي لكل صلاة". ويتمكن المكلف من الجمع بين هذه الأقوال باختلاف الأحوال فإن كان المكلف مريضاً ملازماً للفراش ويجد مشقة في تجديد الوضوء فحسبه أن يتوضأ بمساعدة أهله وضوءاً واحداً في كل يوم كما ذهب إلي ذلك المالكية أما إن كان المريض بالسلس قادراً علي تجديد الوضوء بدون مشقة فعليه أن يتوضأ لكل فريضة أو لوقت كل فريضة. وفي جميع الأحوال يجب علي مريض السلس أن يحتاط بالحفاضات حتي لايتسبب في نجاسة أماكن تواجده لعموم قوله تعالي "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" "البقرة:222" "396كلمة".