أثبتت كارثة قطار أسيوط التي راح ضحيتها أكثر من 51 طفلا وإصابة 16 آخرين أن الإهمال لعب الدور الأكبر في الكارثة. أجمع علماء النفس وخبراء الاجتماع علي أن الإهمال أصبح صفة أساسية في الشخصية المصرية سواء كان مواطنا عاديا أو مسئولا فالنتيجة دائما واحدة فنحن لا نتحرك إلا بعد وقوع الكارثة.. أشاروا إلي أنه لن يتم التخلص من هذا السلوك والثقافة السيئة إلا بإتباع معايير العمل الجاد مع قيام الأسرة والمجتمع بالاضافة لرجال الدين ووسائل الإعلام بدورهم في ذلك مع توضيح خطر الإهمال. في البداية يؤكد الدكتور عثمان خطاب: أستاذ الصحة النفسية بالجامعة الأمريكية أن الفوضي والإهمال تبدأ في الشخصية المصرية منذ الصغر فعندما يعاني الطفل من الإهمال داخل أسرته ثم يجد بعد ذلك أن كل ما يحدث في المجتمع بسبب الإهمال علي كل المستويات فتتكون شخصيته وقد أصبح الإهمال ركيزة أساسية فيها. ويري أن الحل يكمن في قيادات الإعلام فلابد من إبراز مشاكل المجتمع لتكون محور الدراما المصرية والإعلام مع طرح طرق الحل وتقويم السلوك السييء فيجب أن تنمي أساس الشخص بالمسئولية بداية من الأسرة والمجتمع والمدارس مع قيام الإعلام والقيادة الدينية لتوضيح قيمة العمل الجاد ومراعاة الضمير. يشير إلي أن حادثة أسيوط يمكن أن يتم إنتاج فيلم سينمائي عنها لإبراز الإهمال الجسيم ونتائجه فالوعظ والارشاد لن يجدي مثل مشاهدة نماذج حية. تطبيق القانون في حين يري الدكتور عبدالرءوف الضبع أستاذ علم الاجتماع بجامعة سوهاج: إن الاهمال لن يمكن تقويمه إلا من خلال التربية السليمة ولكن ذلك لا معني له في الوقت الحالي فلا يمكن أن نعيد تربية 80 مليون مصري لذلك فالحل يكمن في تطبيق القانون بشفافية وحزم علي الجميع وعند وقوع أي تقصير يجب محاسبة المسئول عنه إلي جانب تطبيق العدالة الاجتماعية. معايير العمل يشير الدكتور طلعت السروجي عميد معهد الخدمة الاجتماعية بحلوان سابقا: إلي أن الإصلاح يبدأ باختيار المسئولين بحيث يكونون من أصحاب الخبرة والكفاءة فالعمل لا يرتبط بعدد الساعات أو الاعتماد علي الآخرين فالقيادات هم قدوة لغيرهم من العاملين. ويضيف علي أهمية أن يكون الرجل المناسب في المكان. ويري بأن الإنسان المصري يبدع في عمله عندما يعمل في دولة أخري حيث يشعر بقيمة العمل وان هناك عائدا وعدالة وهناك مناخ مناسب للعمل مع توفير الأدوات التكنولوجية الحديثة. قالت د.إنشاد عزالدين استاذ علم الاجتماع جامعة المنوفية: إن الإهمال أصبح ظاهرة اجتماعية تعكس المناخ العام الذي يعيشه المجتمع والذي بدوره يجعل أي مواطن لا يفصل بين ظروفه الشخصية وظروفه العملية مما يؤدي لكوارث إضافة لهذا عجز الحكومات في تلبية احتياج مواطنيها الأساسية والتخبط في التصريحات وعدم وجود شفافية وعدم وجود أي رقابة لسلوكيات المواطنين وافتقاد القيادات لأهم مميزات الشخصية القيادية. أشارت إلي أن العلاج يكمن في تفعيل القوانين وإعادة صياغتها بما يتناسب مع الزمان للقضاء علي الانفلات الأخلاقي والسلوكي والأمني الذي يضع المواطن في وضع مضطرب. قالت إن حادثة أسيوط الأخيرة أثرت علي سمعة مصر ثم ما أهمية التحرك بعد وقوع الكارثة فالتأخير في رد الفعل يؤدي إلي غليان وفوضي وأوضاع متردية فنحن نحتاج إلي الإصلاح في جميع مؤسسات ومنشات الدولة. مرض اجتماعي أوضح د.أحمد يحيي استاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس أن الإهمال أصبح مرضا اجتماعيا نتيجة الفشل في إدارة المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً فعدم انضباط الشارع يعبر عن إدارة غير منضبطة ويسفر ذلك عن فوضي وإهمال وضحايا سواء ضحايا بالقتل أو البلطجة أو لعدم الالتزام واحترام القانون وطالب بأهمية تفعيل القانون علي الكبير قبل الصغير ليصبح سيفا مسلطا علي رقاب من تسول له نفسه الإهمال ولتجاوز ثقافة التبرير التي يتبعها الكبار ويتحملها الصغار لتفسير حوادث الإهمال والفوضي والفشل المنتشرة علي مستوي الدولة. أشارت د.عزة كريم استاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية: ان علاج الإهمال يجب وضع قوانين تنص علي عقوبات رادعة للمهمل سواء كان مواطنا عاديا أو مسئولا كبيرا مع الاهتمام بوضع محتوي المناهج تمس موضوع الالتزام لأن التنشئة الاجتماعية علي الالتزام يخلق مواطنا يناهض الإهمال. أوضحت أن للإعلام دورا كبيرا للتوجيه.